ملف المعتقلين الأردنيين في سوريا.. مسكوت عنه

الرابط المختصر

وفاء وهاني عبيدات اخوين معتقلين في إحدى السجون السورية منذ عام 1986 قصة اعتقالهم مجهولة ولكن تهمة واحده وجهت لهما وهي "تعاونهما مع الأجهزة الأمنية الأردنية"، كما قالت والدتهما لعمان نت.وفاء أنهت دراستها الثانوية في اربد وكللته بنجاح باهر بحصولها على معدل 92 وقبولها بتخصص طب الأسنان في جامعة دمشق، أما هاني فلم يحالفه الحظ في النجاح فغادر البلاد صوب العراق عله يكمل دراسته هناك، ومن ثم اتجه إلى سوريا للعمل كسائق سيارة.

اعتقلت وفاء وهي على أبواب التخرج في سنتها النهائية، ومنذ ذلك الحين وهويتها مجهولة لعائلتها، أما هاني فلا علم عن كيفية اعتقاله وأين؟!.

في حديثها لعمان نت، تصر أم هاني على براءة ولديها، وهي لا تعرف حتى التهم الموجهة لهما، وإن وجدت فهي غير مقتنعة بتورط ولديها بما يدفع لاعتقالهما. وتسرد لنا قائله: "عندما علمت باعتقالهم جبت سوريا سبعة عشرة سنة مكانا مكانا علي أجد أثرا لهما، وعندما توصلت إلى طرف الخيط قالوا لي أنهم معتقلين لتعاونهم مع الأجهزة الأمنية الأردنية، لم اصدق! بعنا كل ما نملك من اجلهم ولكن لا من مجيب لنا".

وتصف لنا حالها منذ اختفاء ولديها: "جننت وأصبحت أعيش على المهدئات وأهذي باستمرار منادية باسمهما على المارة في الطريق، أصبت بهشاشة العظام، أصبحت ضعيفة القوى، عيوني لا تعرف النوم أما زوجي فقد أصيب بنزيف في دماغه انتهى به إلى الشلل النصفي ثم فارق الحياة بعد رحلة طويلة من الألم والمرض".

وتتابع أم هاني حديثها، "في البداية قالوا لي ان بإمكاني زيارتهما، فرحت جدا بسماع الخبر، النوم جفا عيناني، وإذا باتصال مفاده انه لن أتمكن من زيارتهما فقد ألغيت الزيارة المقررة لي. لا تصلنا رسائل منهما إلا بعض الاتصالات من أشخاص سوريين اجهل هويتهم ويطلبون منا مبالغ طائلة كنا غير قادرين على تحملها تصل إلى 50 ألف دينار من اجل أن يفرج عنهم".

حصلت على أخبار من احد المعتقلين الذي قضى في المعتقل قرابة 23 سنة أفرج عنه ويدعى سعد جبارين، من الضفة الغربية. هذه الأخبار أنعشت قلبها عندما علمت أنهما مازالا على قيد الحياة حيث كان إحساسها قويا أن أولادها مازال على قيد الحياة. وتقول: "سعد اخبرني انه قد رأى هاني مرة واحدة في سجن تدمر، اخبرني عن ظروف اعتقاله في السجن أنها صعبة، حيث يتم تعذيبهم من خلال تسليط الكهرباء على أجسامهم وتحقيقات مستمرة يرافقها الضرب، ناهيك على الطعام السيئ والحياة المقرفة في السجن".

منذ 6 سنوات شاركت الأم باعتصام أقيم أمام مجلس الأمة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين في السجون السورية، وتقول "في هذا الاعتصام حملت صورا لابنتي وابني وإذا بسيدة تدعى أم نائلة اعتقلت لسبب اجهل ما هو وقالت لي: أنا اعرف ابنتك فقد قضيت معها داخل معتقل فلسطين السوري 12 شهرا وهي بحال جيدة، فلم اصدق نفسي إنني حصلت على أخبار عن ابنتي بعد مدة طويلة".

وتتابع الأم حديثها بسرد رحلتها الطويلة بحثا عن أبنائها علها تحضنهم يوما قبل أن تفارق الحياة: "لم ادع منظمة حقوق إنسان في الأردن وسوريا إلا ذهبت إليها، وناشدت الحكومة ووزارة الخارجية أكثر من مرة ولكن ما من مجيب، في نهاية المطاف ذهبت إلى الصليب الأحمر فكان لديهم سجلات بأسماء المعتقلين في سجون النظام السوري، فوجدت اسمي ولدي هناك فعملت أنهم أحياء يرزقون".

تهدج صوتها لم تعد تقوى على قول المزيد، إلا كلمات بسيطة كانت نابعة من قلب أم لم تر ولديها لأكثر من عشرين سنة. "أتمنى أن أراهم أحياء حتى لو ساعة قبل أن أفارق الحياة هذا كل ما أريده. أناشد الملك بالإفراج عنهما، يكفينا عذاب وحرقة قلب، هما مسجونين عند العرب المسلمين وليس عند اليهود، ألا يوجد في قلوبهم رحمة".

أما أماني، زوجة المعتقل إبراهيم عبد الله، فقصتها مؤلمة هي الأخرى، اعتقل زوجها قبل ثلاثة أشهر من العالم الحالي يعمل في جلي البلاط. له ابنة عمرها سنة ونصف تدعى رغد، زوجته حامل في شهرها السادس بانتظار مولدة لن تحصل على دفء الأب وحنيته.

اعتقل إبراهيم من غير تهمة معروفة، وتسرد لنا زوجته التي تعمل وتعيل عائلتها كيف تلقت خبر اعتقاله: "زوجي اعتقل أثناء قيامة بزيارة أصدقائه وأقاربه تم اعتقاله على الحدود السورية، عندما تم اعتقاله اتصل بي وقال لي: تم اعتقالي على الحدود السورية وأنا الآن محتجز في غرفة ولا ادري ما هو سبب اعتقالي، كان هذا آخر اتصال أتلقاه منه. إخوته يذهبون إلى سوريا للمراجعة والاستفسار عنه لكن يرجعون خالي الوفاض".

وبعد خبر الاعتقال تقدمت أماني بطلب رسمي إلى وزارة الخارجية، وتلقت كتابا رسميا مفاده أن إبراهيم محتجز لدى المخابرات العامة السورية وانه قيد التحقيق. وعندما أعلمت الخارجية بنيتها الذهاب إلى سوريا بحثا عنه نصحوها بأن لا تذهب لأنها قد تعتقل وتتعرض للخطر.

لكن أماني لم تيأس وتوجهت إلى منظمات حقوق الإنسان، وأيضا دون جدوى، فالجواب كان لا نستطيع أن تقدم المساعدة. وتقول: "راجعت الصليب الأحمر وكانت إجابتهم لي أنهم لا يدخلون البلد التي ليس عليها مشاكل أمنية فقط الدول التي بها حروب".

لا تعرف ماذا تقول أماني إلا "إن شاء الله يفرج عنه في القريب ويعود بينا ونعود كأسرة كالسابق والله يهونها على نفسي وعلى إبراهيم".

قصتا والدة وفاء وهاني وزوجة إبراهيم، أماني، هما نموذجان لمئات العائلات التي تنتظر بفارغ الصبر أن يفرج عن أبنائهم المعتقلين في سجون النظام السوري لسنوات وسنوات تحت التعذيب المستمر مجهولين الهوية، بحسب بيانات منظمات حقوق الإنسان في الأردن.

أضف تعليقك