"مفرقاويات" ينقذن أسرهن من البطالة والفقر
"بدأتُ مشروعي بعمل ثلاثة قوالب من الشكولاته قبل نحو عشرة سنوات، وكنت عملي مقتصرا على الطلبيات الفردية، كنت اعمل كل قالب بكل حب وإصرار لتقديم أفضل ما عندي، والآن لدي مشروعين في تصنيع الشوكلاته وعمل القوالب وقدرتي على الانتاج عالية بحيث استطيع توفير طلبيات كبيرة".
بهذا الموجز سردت "هالة العناسوة" من محافظة المفرق قصة نجاح مشروعها الصغير والذي لاقى شهرة واسعة وإقبالا بعد جهد ووقت وصبر طوال، حتى أصبحت أول فتاة أردنية تعمل على إنتاج الشوكلاته البلجيكية. وتتابع هالة بدأت بالاشتراك بجمعيات صغيرة على مستوى نساء الحي وطلبة المدارس لتأمين مبلغ مالي لشراء احتياجات المشروع الأساسية من معدات ومواد خام، مضيفة أنها واجهت عددا من التحديات استمرت معها طيلة العشرة السنوات الماضية منها عدم تقبل مجتمعها لعملها، الذي تغيّر فيما بعد إلى دعم وتأييد بعد النجاح والجودة الذي لاقاه من منتوجاتها. ولكنني ما زلت أواجه بعض التحيات منها عملية التسويق وارتفاع أسعار المواد الخام ووضعف تعاون الجهات المعنية بالموافقات لعمل البازارات الخيرية التي تعتبر منفذا تسويقا مهما للمشاريع الصغيرة، تقول هالة.
شكلت المرأة الريفية في محافظة المفرق مكسباً إقتصاديا حقيقياً لأسرتها. إذ اعتبرت المعيل الأول لشريكها الرجل في النشاط الإقتصادي، والنمو والرفاهية التي لا تزال لغاية هذه اللحظة المستوى الممكن لدخل الأسرة. فبرغم ما تحقق من تقدم ملموس في العقود القليلة الماضية، لا تزال المرأة المفرقاوية نشيطة وفعالة في سوق العمل في مختلف المجالات والقطاعات الإنتاجية. حيث سجلت مشاركة الإناث في سوق العمل أعلى مستوياتها مقارنة مع مشاركة الذكور في المحافظة.
وتؤكد غدير الأسود صاحبة مشروع "مطبخ أم سند"، ما جاء في حديث هالة حول صعوبة البدايات للمشاريع الصغيرة والفردية للمرأة المفرقاوية، وأن المرأة المفرقاوية منتجة وصاحبة أفكار ريادية إذا ما توفر لها الدعم اللازم من المجتمع والجهات المعنية، وتذكر غدير "لقد واجهت الكثير من التحديات خلال مسيرتي في مشروعي الخاص المطبخ الإنتاجي ولكنني وبرغم الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب استطعت تجاوزها بشق الأنفس، وبدأت رحلتي بإعداد طلبيات صغيرة لمناسبات صغيرة لا تتجاوز العشرة أفراد، والآن أؤمن طلبيات وجبات غذائية متكاملة عالية الجودة لأكبر المطاعم والكفيهات في المحافظة، منوّه أن مشروعها لاقى قبول ولإقبال من أصحاب المطاعم، وساهمت في تحسين وضع عائلتي الاقتصادي إلى حد كبير.
وبحسب دائرة الاحصاءات العامة فقد سجل معدل البطالة في المملكة خلال الربع الثالث من العام الماضي (2022) نحو 23.1 بالمئة حيث بلغ معدل البطالة للذكور20.5% مقابل 33.1% للإناث أما على مستوى المحافظات، فسُجل أعلى معدل للبطالة في محافظة المفرق بنسبة بلغت 29.2 بالمئة، وأدنى معدل للبطالة في محافظة مادبا بنسبة بلغت 16.8 بالمئة.
ومع ازدياد العبء المعيشي وجائحة كورونا والوضع الاقتصادي المتردي وارتفاع معدل البطالة في صفوف الإناث في محافظة المفرق، اتجهت العديد من الشابات إلى التفكير بجدية ببدء وفتح مشاريع ضمن الأعمال والمهن التي ييبدعن فيها المشاريع لمساعدة أنفسهن وأسرهن في مواجهة الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشونها.
تقول نور محمد ٢٩ سنة، من محافظة المفرق، والتي بدأت مشروعها منذ سنتان تقريباً في مجال الحرف اليدوية" تصنيع الميداليات والمناظر الخشبية" وإعادة تدوير بعض المواد لهمل تحف فنية " كنت مترددة في الإقدام على هذه الخطوة لكن الوضع الإقتصادي أجبرني على اتخاذ خطوة جدية فالعمل ليس عيب، ومشروعي لاقى صدى على مستوى المفرق من خلال صفحتنا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتؤكد الناشطة الاجتماعية بتول الخالدي أن الداعم الأول للمشاريع الصغيرة ولعمل المرأة والشابات المفرقاويات هي المرأة أولا، ونظمت الخالدي الأسبوع الماضي لقاءً جمع العديد من الشابات والنساء من أصحاب المشاريع الصغيرة لمساعدتهن على على الترويج لمنتجاتهن كمستفيدات ومقدمات لمشاريع تنموية ساهمت في إنعاش وضعهن الإقتصادي؛ كوسيلة لتحقيق أثر طويل الأمد لمشاركتهن الإنتاجية وإقامة الروابط مع موردي الخدمات لهم مستقبلاً.
وتتفق مع الخالدي الشابة كريمة الشديفات صاحبة مشروع Resin Candles حول ضرورة دعم المرأو الشابة المفرقاوية لما تمتلكع من أفكار ومشاريع ريادية من شأنها المساهمة في تحسين الوضع الاقتصادي لهن ولأسرهن والجدير بالذكر أن مشروع الشديفات هو عبارة عن استخدام مادة الريزون السائلة بعمل الميداليات والمناظر وبهذا تكون أول فتاة في المحافظة تبتكر استخدام هذه المادة في الحرف اليدوية، ولاقت منتوجاتها رواجا وإقبالا جيدا برغم الصعوبات التي تواجهها أثناء عملية التسويق، بحسب الشديفات.
وخلصت دراسة نفذتها جمعية اتحاد المرأة الأردنية، واطلقت نتائجها آب الماضي إلى أن هناك مظالم على أساس الجندر في التوزيع للأدوار والمصادر ضمن المجالات السياسية والاقتصادية تقع على المرأة مرتبطة بشكل أساسي بعدم الاعتراف في المرأة وإنكار دورها بهذه المجالات، وأن العلاقة بين العنف والظلم الواقع على المرأة وظروف مشاركتها السياسية والاقتصادية متشابكة بشكل معقد مع البعد القيمي الرمزي على أساس الجندر المعطى لكل من المرأة والرجل .
وبينت نتائج الدراسة، أن العنف وممارساته المختلفة، ليس محصورا في طبقة معينة وإنما عابر للطبقات والمستويات التعليمية والاقتصادية والثقافية، وهذه ليست نتيجة تعميمية بل حقيقة مهمة يجب التعامل معها ضمن تحليل البيئة والمجالات السياسية والاقتصادية، حيث أن الأضرار الناتجة عن عدم العدالة على أساس الجندر في ظل سياسات اقتصادية وسياسية مميزة تجعل ممارسة العنف تتجاوز الفردي أو البعد الشخصي ليكون أثرها أوسع وأعم على فئة النساء .
أما في مجال التشريعات والسياسات المتعلقة بقانون العمل الأردني فقد ذكرت مديرة مديرية عمل المرأة والنوع الاجتماعي في وزارة العمل الدكتورة إيمان عكور، في تصريحات صحفية سابقة، أن القانون تضمن عددا من التعديلات الخاصة بعمل المرأة، منها إدراج تعريف العمل المرن بالمادة (2)، وإدراج مبدأ الإنصاف بالأجور بالمواد (2، 53، 54)، وإعفاء العمال غير الأردنيين من أبناء الأردنيات من تصاريح العمل المادة (12).
، وأكدن أن المديرية تسعى إلى تحقيق أهداف رئيسة تتمثل في تعزيز إشراك النساء والفتيات في سوق العمل ضمن بيئة عمل لائقة وآمنة تكفل تكافؤ الفرص بين الجنسين".