"مظاهر التطرف الديني"

(التطرف الديني والاستبداد السياسي وجهان لنفس العملة الواحدة .. لا يكفي أن نقلب وجهة العملة يجب أن نستبدلها ..لأنه ،  بين التدين والتشدد شعرة دقيقة .. وبين التشدد والتطرف شعرة أدق .. وديننا دين الوسطية والاعتدال..والتطرف في الفكر والعقائد ما هو ؟ هو أن تختار مسكنا فكريا وعقائديا لتقيم فيه راضياً عن نفسك ولكنك لا تريد لغيرك أن يختار لنفسه ما يطيب له من فكر وعقيدة بل تلزمه إلزاما..هناك من يدعو لتغيير المناهج وطرق التدريس وتدريب المعلمين وتأهيل الأئمة .. ولكن هل هذا التجديد في المناهج سيملأ بطون طلابنا وأساتذتنا الجائعين؟الإنسان يصاب بالصداع والملل من تقديم سبب على آخر أو جمع سببين أو أكثر ، ولعل أقرب ما يقرب الصورة إلى الأذهان المثل البدوي الذي يصف حالتنا اليوم ، وهو برأيي سبب التطرف الأول ، يقول المثل : (اذا) لا جن ربعك ، عقلك ما ينفعك!)

-التعصب للرأي تعصباً لا مقاصد الشرع ولا ظروف العصر ، ولا يسمح لنفسه بالحوار مع الآخرين. فالمتطرف يرى أنه وحده على الحق ، وما عداه على الضلال ، كذلك يسمح لنفسه بالاجتهاد في أدق القضايا الفقهية ، ولكنه لا يجيز ذلك لعلماء العصر المتخصصين منفردين أو مجتمعين ، ما داموا سيصلون إلى ما يخالف ما ذهب هو إليه.

-التشدد والغلو في الرأي ، ومحاسبة الناس على الجزئيات والفروع والنوافل ، كأنها فرائض ، والاهتمام بها والحكم على إهمالها بالكفر والإلحاد.

-العنف في التعامل والخشونة في الأسلوب دون التعامل بالحسنى والحوار والاعتراف بالرأي الآخر.

-سوء الظن بالآخرين والنظر إليهم نظرة تشاؤمية لا ترى أعمالهم الحسنة ، وتضخم من سيئاتهم ، فالأصل هو الاتهام والإدانة. قد يكون مصدر ذلك هو الثقة الزائدة بالنفس التي قد تؤدي في مرحلة لاحقة بالمتطرف إلى ازدراء الغير.

-يبلغ هذا التطرف مداه حين يسقط في عصمة الآخرين ويستبيح دمائهم وأموالهم ، وهم بالنسبة له متهمون بالخروج عن الدين. وتصل دائرة التطرف مداها في حكم الأقلية على الأكثرية بالكفر والإلحاد. إن هذه الظاهرة متكررة وليست وليدة العصر ، بل وقعت في مختلف العصور وفي كل الديانات السماوية.

-العزلة عن المجتمع ، والعزلة تؤدي وظيفتين ، الأولى تجنب المتطرفون (المنكرات) التي تملأ جوانب المجتمع وحمايتهم من أن يشاركوا في نهج الجالية ، والوظيفة الأخرى تكوين مجتمع خاص بهم تُطبق فيه أفكارهم ومعتقداتهم ، وتتسع دائرة هذا المجتمع شيئاً فشيئاً حتى تستطيع غزو المجتمع من خارجه. وكما هو واضح فإن الوظيفة الأولى فكرية دينية ، بينما الوظيفة الأخرى سياسية حركية.

نستطيع جلياً رصد أغلب (إن لم يكن جميع) مظاهر التطرف أعلاه لدى الجماعات الدينية المتطرفة التي تحاول فرض معتقداتها على باقي أفراد المجتمع أدعاءً منها أنها تقوم بحراسة الدين وتطبيق شرائعه. وهذا يعد من أشد أنواع التطرف خطورة حيث تُجيز هذه الجماعات لنفسها تكفير فئة أخرى (أو مذهب أو طائفة) ومصادرة حق أبنائها في الحياة من خلال إطلاق فتاوى التكفير وإهدار الدماء والقتل عليها. وقد انتشرت هذه الجماعات بكثرة في الدول العربية ، خاصة في الجزائر ومصر والسعودية واليمن وسوريا ، وبعد ما يسمى ب"الربيع العربي " بدأت بالظهور في كل من تونس وليبيا.

وأخيرا ...

"لست مسئولا فقط عما تقول ، بل كذلك عما لا تقول"

أضف تعليقك