مضيفات الحافلات: تحرش وامتهان... بلا حقوق

الرابط المختصر

لن تمر رحلة أي منا من عمان إلى العقبة مثلاً دون التعرض لمواقف سارة بعض الأحيان أو مواقف مزعجة في أحيان أخرى، ولكنها بالنسبة لإيمان رحلة مستمرة من المواقف المزعجة

بل المعذبة في كثير من الأحيان على مدار عام من العمل وبمعدل رحلتين يومياً كمضيفة في حافلة لدى إحدى شركات النقل المتخصصة بتسيير رحلات منظمة إلى مناطق مختلفة في الأردن.

إيمان فتاة في بداية الثلاثينات فيها مسحة من جمال يختفي وراء آثار التعب المتواصل في عملها اليومي على متن الحافلة، تعرفت عليها في رحلة إلى العقبة وأدهشتني في قدرتها الهائلة على متابعة طلبات 51 راكب ولا أبالغ حين أقول إن أكثر من نصفهم متطلب متذمر ويعتقد أنه في سيارة خصوصي استأجرها مع السائق والمضيفة.

بدأت قصة إيمان في بحثها عن مصدر رزق وفرصة عمل شريفة لتخبرها إحدى قريباتها عن توافر فرصة عمل لدى إحدى الشركات كمضيفة حافلة في رحلات داخلية، واختارت رغم حاجتها أن تترك العمل بعد عام من العذاب كما قالت وكان تضييق سائق الرحلة الأخيرة عليها هي الضربة القاضية.

فتعرض السائقين للمضيفات بالصراخ والتحكم والتحرش هو أكثر المواقف المزعجة التي تضطر كثير منهن إما السكوت عليها والتواطؤ معه فيما يريد من أجل لقمة العيش أو الاستسلام وترك العمل كما فعلت إيمان لأنه ببساطة لن تتجاوب معها أي جهة وتحديداً الشركة التي تعمل لديها.، خاصة أنه يصعب تصنيف العاملات في هذا القطاع تحت مظلة أي نقابة، كما أن قوانين وزارة العمل لا يمكن أن تحمي حقوق هولاء العاملات بسبب طبيعة عقود عملهن المجحفة بحقهن أو بسبب عدم وجودها في أغلب الأحيان.

أما الركاب فتحرشهم بالمضيفات حسب إيمان أمر وارد وبشكل يومي تقريباً أو أن البعض يكتفي بنظرات الاحتقار والامتهان فقط لمجرد اختيارهن هذه الوظيفة التي ينظر لها البعض بكثير من التشكيك بنزاهة الفتاة وأخلاقياتها ولا تستطيع كثير من العقول التي ربما يحمل أصحابها في رحلتهم "لاب توب" وهاتف نقال لتصريف العالق من أعمالهم ولكن يبدو أنهم لم يستطيعوا ربط عقولهم كأدواتهم بالأقمار الصناعية حتى الآن.

أما الشكوى من إحدى المضيفات فليس لها مكان في قاموس الشركة فهي من المحرمات إذا كانت على السائق و أم المحرمات إذا كانت على الركاب ، وأمر كارثي أن تتلقى الشركة أي شكوى من أي كان على مضيفة، والعقوبة خصم خمسين دينار من راتب أساسي قدره 150 دينار بلا تأمين صحي ولا ضمان اجتماعي أو حتى وجبة مجانية على الأقل وحتى الزيّ يخصم من ذات الراتب، الذي لا تستطيع المضيفة تحصيل زيادة عليه إلا في حالة خروجها في رحلة ثالثة بنفس اليوم بمقدار دينارين ونصف!!.

والمطلوب مقابل هذا الراتب خدمة الزبائن والسائق بلا تذمر وبين الرحلتين تنظيف الباص والسكوت عن كل ما تتعرض له، كل ذلك يبدأ من الساعة الخامسة صباحاً حتى نهاية يوم عملها في الثامنة والنصف مساءً على أقل تقدير.

وهذا حال جميع المضيفات التي تعرفهن إيمان على الأقل، مشيرة إلى التفاوت في القدرة على التحمل بين فتاة وأخرى لظروف العمل القاسية التي لم تستطع هي احتمالها فالعيش الكريم هو غايتها من العمل وللأسف لم تستطع مهنتها أن تؤمنه لها، وهي في ظل كل ذلك تؤكد أن الحاجة للعمل معنوياً ومادياً قد يدفعها إلى تحمل كل ذلك مجدداً والعودة لنفس المهنة وتحمل مسلسل العذابات مرة أخرى.

ولا بد لنا الإشارة إلى وجود فئة من الفتيات العاملات في هذه الوظيفة اخترن التحايل على ظروفها القاسية واستغلال الفرص الخاطئة المتاحة من خلالها وأكدن بطريقة ما النظرة السلبية لهذه المهنة كما يحصل في أي مهنة ومع أي موظف أو عامل ذكراً كان أم أنثى، لكن هذا لا يبرر بأي شكل كان تعميم الصورة السلبية على أي مهنة كانت وبالأخص المهن النسائية.

أضف تعليقك