مصدر التهديد الأخطر لأمننا الوطني

الرابط المختصر

تملي نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة على الأردن ، إعادة ترتيب الأولويات حين يتعلق الأمر بالاستراتيجية الأمنية ومصادر تهديد الأمن الوطني الأردني ، فقد وقع - أو يكاد يقع - ما كنا نخشاه دائما: صعود اليمين الإسرائيلي إلى سدة الحكم وموقع الأغلبية في إسرائيل ، انحباس فرص الحل السياسي العادل للقضية الفلسطينية ، وانسداد آفاق قيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة على الأرض الفلسطينية المحتلة عام ,1967

 

تتعدد مصادر التهديد للأمن الوطني وتتفاوت من حيث "خطورتها" و"راهنيتها" وهوية القوى المتورطة فيها ، بعضها يتعلق بصعود غير مرغوب به لقوى إقليمية طامعة وتدخلية ، وبعضها يتصل بأدوار متعاظمة للاعبين غير "دولاتيين" - Non State Actors - بعضها خارجي المنشأ ويصدر عن دول ومنظمات (إرهاب) ، وبعضها الآخر داخلي متعلق بالتقاء الضائقة الاقتصادية بمناخات الإحباط واليأس المترتبة على تردي الحالة القومية ، وعلى نحو متزامن مع صعود قوى أصولية متشددة سياسيا واجتماعيا وثقافيا.

من بين مصادر التهديد تلك جميعها ، ليس هناك مصدر واحد ذو طابع "وجودي" غير ذاك المترتب على صعود التطرف واليمين والفاشية في إسرائيل ، فمثل هذا الخطر ـ التهديد يطاول الوطن والنظام والوجود والهوية والكيان ، فيما بقية التهديدات ، تتعلق بالأمن والاستقرار والاقتصاد ومستوى المعيشة إلى غير ما هنالك.

لسنا هنا بصدد "عملقة" التهديد الإسرائيلي وتضخيمه ، ولا نحن بصدد "تقزيم" بقية التهديدات أو الاستخفاف بمصادرها ، ولكننا بعد سنوات من الجدل والرهان والأوهام ، نجدنا بحاجة لإعادة تعريف المُعرف ، والاتفاق على سلم الأولويات والتهديدات ، توطئة لتطوير توافق وطني على سبل التصدي للأخطار وجبهها.

وحديثنا عن إسرائيل المنزاحة نحو اليمين والتطرف بوصفها "خطرا وجوديا" لا يعني للحظة واحدة ، ولا يجوز أن يعني ، بأن "قلقا وجوديا" يجتاحنا ، فإسرائيل حتى وهي تسير نحو التطرف وتنعطف نحو اليمين ، لم تعد ذلك "البعبع" المثير للرعب والقشعريرة ، وهي ليست كلية القدرة والجبروت لكأنها قدر لا راد له ، إسرائيل هذه برغم صلفها وجبروتها وميلها العدواني والاستيطاني التوسعي ، يمكن هزيمتها سياسيا - أو منع انتصارها على الأقل - تماما مثلما أثبتت حربا تموز 2006 و"كوانين" 2008 - 2009 ، أن هزيمتها العسكرية - أو منع انتصارها ميدانيا على الأقل - أمر ممكن كذلك.