"مشروع أحد الأيتام": فرصة للاهتمام بفاقدي الرعاية الاسرية

القس ديفيد ريحاني
الرابط المختصر



يحتفل العالم في  الثامن من تشرين ثاني  من كل عام بأحد الأيتام وهو مناسبة لتوجيه أنظارنا الى أحبائنا الأطفال فاقدي الرعاية الأسرية لتشجيعهم بالتعرف على هويتهم الحقيقية متمتعين بالكرامة التي منحها الله وتعزيز ثقتهم بمكانتهم ومحبة الله لهم وذلك بالتوازي مع حاجاتهم الأساسية مثل الأكل والسكن والملبس التي تقوم به بعض المؤسسات مشكورة بتلبيتها.

هدفنا تغيير المنظور الخاطئ للأيتام الأطفال بشعورهم بالنقص أو الظلم الاجتماعي، وتحصينهم نفسياً وأكاديمياً وروحياً، ليتمكنوا من الشعور بقيمتها الدائمة التي تحميهم من الصعوبات التي تواجههم عند خروجهم إلى العالم. وانطلاقا من إيماننا بأن الإنسان مولود على صورة الله، وأنه يتمتع بالكرامة لأنها ممنوحة له من الله. وكذلك إيماننا أنه إن لم يعرف الإنسان هذه الحقيقة ويدركها، فسيكون ضعيفاً ومعرضاً لتقلبات الظروف المادية والتأثيرات المفاهيم العالمية الكاذبة، التي تؤدي في النهاية إلى خسارة النفس الثمينة عند الله.

علمنا الرب يسوع بأهمية الإنسان لدى الله بقوله: "لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ أو ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه؟" وبناء عليه فان خدمة أحد الأيتام تتركز على الأطفال من عمر ست سنوات حتى العشرين سنة حيث تقوم هذه الخدمة الكنسية بإعداد برامج سنوية هدفها التفاعل مع هذه الفئة لبناء الثقة مع المؤسسات والأطفال ومع القائمين على رعايتهم، وتصميم نشاطات ودورات تصب في تعريفهم بهويتهم وتعزيز فهمهم وإدراكهم لقيمتهم الحقيقية، بالتوازي مع حاجاتهم الأكاديمية والحياتية.

كما تمتاز هذه الخدمة بالعمل مع دور الرعاية والمشرفين المباشرين على هؤلاء الشباب، وتدريبهم وتقديم المفهوم المتوازي للحاجة المادية والروحية لهم، بما يتناسب مع الظرف والحاجة والحالة النفسية والإمكانات المتوفرة، والسبل المتاحة ضمن أنظمة المملكة الأردنية الهاشمية) وكل بلد عربي على حدا) من العمل التطوعي أو المؤسسي.

نبذة تاريخية عن "أحد الأيتام"

على مدار سنوات استضافت كثير من الكنائس والمنظمات المختلفة احتفالات وفعاليات " أحد اليتيم" في محاولة لزيادة الوعي بالأيتام في جميع المناطق ومعرفة أهم مشاكلهم واحتياجاتهم. ولقد بدأ التحالف العالمي  احتفاليات أحد اليتيم بعد حضور الزائر الأمريكي جاري شنايدر للخدمة في أحد الكنائس في زامبيا، حيث قام القس بتقديم الدعوة للكنيسة لرعاية الأيتام في المجتمع المحلي ولمن يعانون من الجوع والفقر ومرض الإيدز في ذلك الوقت بشكل خاص، حيث كان الاطفال الأيتام في وضع متدني للغاية فقد فقدوا الرعاية وتركوا لمواجهة مصيرهم بأنفسهم مما عرض حياتهم للخطر حيث لم يكن لديهم وسيلة لجمع المال الكافي للالتحاق بالمدارس أملا في الحصول على التعليم وفرص العمل اللائقة في المستقبل.

عندما انطلق المشروع كان القائمين بهذه الخدمة نشطاء محليين ومعظمهم فقراء للغاية لكنهم قدموا كل ما يمكن تقديمه حتى أن بعضهم قد أعطوا ملابسهم وأحذيتهم لمساعدة هؤلاء الأطفال. وبسبب هذا العمل الكريم فقد قرر شنايدر مساعدة القادة الزامبيين في رعاية الأيتام وانتشرت هذه الخدمة سريعا مثل النار في الهشيم وبحلول عام 2003 كانت هذه الخدمة قد انتشرت في كل أرجاء الولايات المتحدة. وقد قام التحالف  بتكريم الكنيسة الزامبية التي زارها شنايدر بسبب هذه الخدمة والإلهام الذي اعطوه للعالم أجمع بأهمية رعاية الأيتام مما جعل أحد اليتيم يسمي باسم " هديه زامبيا للعالم".

محليا نحن مجموعة من أعضاء الكنيسة المحلية في الأردن. استشعرنا الحاجة الموجودة لدى منتسبي المؤسسات التي تعنى بالأطفال فاقدي الرعاية الأسرية، إلى خدمة لتعريفهم بهويتهم وتعزيز ثقتهم بمكانتهم ومحبة الله لهم. بالتوازي مع حاجاتهم الأساسية مثل الأكل والسكن والملبس التي تقوم به بعض المؤسسات مشكورة بتلبيتها.

إيماننا وهدفنا أن نقوم نحن بتمكين مثل هؤلاء وتغيير المنظور الخاطئ بشعورهم بالنقص أو الظلم الاجتماعي، وتحصينهم نفسياً وأكاديمياً وروحياً، ليتمكنوا من الشعور بقيمتها الدائمة التي تحميهم من الصعوبات التي تواجههم عند خروجهم إلى العالم بعد مغادرتهم كنف هذه المؤسسات. وانطلاقا من إيماننا بأن الإنسان مولود على صورة الله، وأنه يتمتع بالكرامة لأنها ممنوحة له من الله. وكذلك إيماننا أنه إن لم يعرف الإنسان هذه الحقيقة ويدركها، فسيكون ضعيفاً ومعرضاً لتقلبات الظروف المادية والتأثيرات المفاهيم العالمية الكاذبة، التي تؤدي في النهاية إلى خسارة النفس الثمينة عند الله.

تهتم هذه الخدمة بالعمل مع دور الرعاية والمشرفين المباشرين على هؤلاء الشباب، وتدريبهم وتقديم المفهوم المتوازي للحاجة المادية والروحية لهم، بما يتناسب مع الظرف والحاجة والحالة النفسية والإمكانات المتوفرة، والسبل المتاحة ضمن أنظمة المملكة الأردنية الهاشمية) وكل بلد عربي على حدا) من العمل التطوعي أو المؤسسي.

يعمل المشروع  الأردني للأيتام الذي تأسس عام 2016 مع ثلاث مراكز رئيسية يستفيد منها حوالي 65 طفل وهم: مركز سيدة الجبل في عنجرة ومركز مريم في الأشرفية في عمان ومار منصور على الدوار الثامن. يعمل النشطاء والمتطوعون مع الأطفال  لمساعدتهم وتقوية ارتباطهم مع عائلاتهم والمجتمع. تقول نسرين حواتمة "قبل مدة ساعدنا طفل يثيم العودة لأمه البيولوجية وهي أرملة والتي كانت تواجه مشاكل صحية وعدم القدرة على العناية بطفلها حيث قمنا بتغطية تكلفة ثلاث عمليات لعينها، كما قمنا بتغطية تكلفة تعليم ابنها في مدرسة خاصة."

حصلت الناشطة الاجتماعية نسرين حواتمة تكريماً عالمياً لاهتمامها في خدمة الأطفال الأيتام. فقد قام الائتلاف العالمي للأيتام بتكريم نسرين حواتمة بجائزة المنسق الدولي لعام 2020 نتيجة نشاطها في الأردن والمنطقة العربية من خلال مشروع أحد الأيتام العربي. وقد تم التكريم من خلال احتفال عالمي شارك فيه نشطاء في المجال الإنساني من كافة انحاء العالم عبر الزووم.  كما وتوسع العمل الذي بدأ في الأردن لتغطية العمل في الدول العربية المجاورة وتوسعت الفئة المستهدف لتشمل أطفال ايتام في السودان ومصر وسوريا والعراق وغيرها من الدول العربية.

يضم الائتلاف المسيحي لرعاية الأيتام العالمي أكثر من 190 منظمة وأكثر من 700 عضو من الكنائس يعملون معاً في مبادرات مشتركة لإعداد المتطوعين لرعاية فعالة للأيتام وحماية الأسرة عن طريق التبني والرعاية البديلة

يقام أحد الأيتام لقناعتنا يتعامل الله بعمق وبطريقه شخصيه مع كل طفل يتيم كما نرى في سفر التثنية إصحاح 10 عدد 18 " الصانع حق اليتيم والأرملة والمحب الغريب ليعطيه طعاما ولباسا" وأيضا في سفر المزامير مزمور 68 أعداد 5 و6 " أبو اليتامى وقاضي الأرامل الله في مسكن قدسه. الله مسكن المتوحدين في بيت مخرج الأسرى إلى فلاح".

فهو يدعو شعبه للمشاركة في هذه الرسالة وإظهار محبة الله  للأطفال من خلال الكلام والأفعال. ونرى ذلك في سفر أشعياء الأصحاح الأول عدد 17 " تعلموا فعل الخير. اطلبوا الحق أنصفوا المظلوم اقضوا لليتيم حاموا عن الأرامل" ورسالة يعقوب الاصحاح الاول عدد 27 " الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم" وكذلك إنجيل متى اصحاح 25 عدد 40 " فيجيب الملك ويقول لهم "الحق أقول لكم بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي قد فعلتم".

عندما نستجيب لدعوة الله لرعاية الأيتام فإن ذلك يحوّل الحياة للأفضل وهذا التحوّل سوف يشمل الخادم والمخدوم. فحياة الأيتام من الشباب والأطفال سوف تتغير للأفضل والي الأبد لأننا نساهم معهم ببناء مستقبل أفضل  لهم. ولا تتوقف الاستفادة عند هذا الحد حيث ينجذب  القائمين على الخدمة إلى ما هو أبعد والذي من خلاله يرى الناس قلب الله النابض على هذه الفئة مما يؤدّي ذك الى تغيّر نظرة المجتمع المحلّي للتبني والحضانة ورعاية الأيتام وينشر تأثيره الى جميع أنحاء العالم.

 

*المدير التنفيذي لمشروع أحد الايتام

 

سي