مسيحيو غزة: أزيز الرصاص يعلو ترانيم الكنائس في عيد الفصح
على وقع أصوات القصف وأزيز طائرات الاحتلال الحربية، يحيي مسيحيو مدينة غزة، الذين يسيرون حسب التقويم الشرقي، عيد الفصح المجيد، بدون أي مظاهر احتفالية.
واقتصرت احتفالات قرابة 100 عائلة مسيحية في كنيسة الروم الأرثوذكس في مدينة غزة، على إقامة الصلوات والشعائر الدينية، بدون أي مظاهر أخرى، قال رئيس مجلس إدارة جمعية اتحاد الكنائس في غزة عماد الصايغ.
وأوضح الصايغ الذي نزح إلى كنيسة الروم الأرثوذكس شرقي مدينة غزة بحثًا عن الأمان كباقي العائلات المسيحية بالمدينة، أن حرب الإبادة الجماعية جعلت مراسم العيد هذا العام تختلف عن باقي الأعوام السابقة، فلا مظاهر فرح وابتهاج في الكنيسة.
وقال: “الحزن يخيم على الأجواء داخل الكنيسة، كما الحال خارجها، فلا مجال للفرح والاحتفال، في ظل الدمار الهائل والقصف المتواصل وسقوط الضحايا”.
وتنقل شعلة “النور” المقدس من كنيسة القيامة في القدس المحتلة في كل عام، إلى كنائس المنطقة والعالم وسط أجواء احتفالية، غير أنّ الصايغ أكد لوكالة الأناضول، أن “إسرائيل” لم تسمح بإدخال “النور المقدس” إلى كنائس غزة ضمن حربها المتواصلة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وأدت الكنائس المسيحية التي تسير على التقويم الشرقي الطقوس الدينية وأحيوا يوم الخميس الماضي، “خميس الصلب”، وأمس الأول أحيوا أيضا “الجمعة العظيمة”، بينما احتفلوا أمس بـ”سبت النور”.
وتوجه آلاف المسيحيين منذ ساعات الصباح الأولى في “سبت النور” نحو البلدة القديمة من القدس المحتلة، آملين الوصول إلى كنيسة القيامة للاحتفال بسطوع النور المقدس.
وبعد “سبت النور” احتفل المسيحيون في فلسطين، اليوم الأحد، بـ”عيد الفصح المجيد” ورددوا مع ساعات الفجر الأولى الترانيم والدعوات من داخل كنيسة القديس برفيريوس ليعم الأمن والسلام ربوع الوطن وأن ينتهي العدوان على غزة.
ويعيش في غزة قرابة 1200 مسيحي من مجموع مواطني القطاع البالغ قرابة 2.3 مليون نسمة، في أوضاع صعبة ومعقدة.
ويأمل الصايغ أن ينتهي العدوان المدمر ويعم السلام في قطاع غزة.
المواطن الفلسطيني جميل طرزي يتفق مع الصايغ، بأن العدوان الصهيوني حرم المسيحيين من الاحتفال هذا العام بالعيد، كما حرم المسلمين من الاحتفال بعيد الفطر.
وقال طرزي الذي استشهد نجله في قصف صهيوني استهدف كنيسة القديس بيرفيريوس في البلدة القديمة وسط غزة في أكتوبر الماضي: “إسرائيل لم تفرق في حربها الشرسة بين كبير وصغير، بين مسلم ومسيحي، العدوان استهدف الوجود الفلسطيني”.
ولم يسلم المسيحيون في قطاع غزة من عدوان الاحتلال المدمر والغارات العنيفة والمكثفة، فقد تعرضت كنيسة القديس برفيريوس، لقصف صهيوني في 19 تشرين الأول الماضي، أسفر عن استشهاد 18 فلسطينيا كانوا يوجدون بداخلها معظمهم من الأطفال والنساء.
هؤلاء الضحايا كانوا من المسيحيين والمسلمين، ممن نزحوا من بيوتهم واحتموا داخل الكنيسة جراء العدوان الصهيوني.
وخلال العدوان تضررت ثلاث كنائس بشكل كبير، كما استهدفت قوات الاحتلال المركز الثقافي الأرثوذكسي في حي الرمال الجنوبي غربي مدينة غزة، والذي يضم مرافق عدة وقاعات وناديا رياضيا ، مما أدى إلى تدمير أجزاء واسعة منه.
وأضاف طرزي أن العدوان حرم مسيحيي غزة من “زيارة كنيسة المهد في مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية، للاحتفال بعيد الميلاد، كما حرمهم من زيارة كنيسة القيامة للاحتفال بعيد الفصح”.
وأعرب عن حزنه الشديد لما آلت إليه الأوضاع في قطاع غزة، من كوارث وأزمات إنسانية، في ظل صمت دولي.
وفي الضفة، غابت المظاهر الاحتفالية والمسيرات الكشفية التي تجري سنويا لمناسبة عيد الفصح، في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على شعبنا.
وتواصل قوات الاحتلال عدوانها على قطاع غزة برا وبحرا وجوا منذ السابع من تشرين الأول الماضي، مما أسفر عن استشهاد ، 34,654 مواطنا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 77,908 آخرين، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.