مزارعون تحت مديونيات ثقيلة وتعويضات لا تقوى على مواجهة آثار الصقيع

الرابط المختصر

الأصوات التي يسمعها المرء وهو يتجول في مزارع وادي الاردن اليوم ليست ذات الاصوات التي كان يسمعها في السابق، فلسان العمالة ليس أردنيا، وثمة حضور متراكم لجنسيات باكستانية وآسيوية وأخرى عربية مصرية وسورية بعد ان هجر اصحاب الاراضي الزراعية اراضيهم او باعوها طمعا في انفاق آخر وهربا من واقع زراعي يصفونه بالمؤلم.

مأزق الزراعة لا يقف عند العمالة الوافدة، التي تستحوذ على حصة الاسد مقارنة بالعمالة المحلية في المزارع، بعد ان منح العاملون في الزراعة العام الماضي نحو ثلث تصاريح العمل على مستوى البلاد، بل يتعداه وفقا لمزارعين الى غياب الجدوى او ضعفها، فمن يزرع لا يجني عائدا مقبولا، ويعترض خططه في الزراعة شح المياه وبساطة انماط الزراعة والصقيع وارتفاع اسعار المواد الزراعية بسبب غلواء اسعار البترول.

 فيما يرزح معظم اصحاب المزارع تحت مديونيات تفيد التصريحات الرسمية بشأنها تخطيها لمستوى 94 مليون دينار بالنسبة لقروض وفوائد قروض مؤسسة الاقراض الزراعي، كما تبلغ مديونية المنظمة التعاونية على مجمل مزارعي المملكة نحو 10 ملايين دينار.

في ظل هذه الاجواء، تشير مصادر رسمية الى ان الحكومة ستعوض قريبا نحو 500 مزارع من مزارعي الاغوار الشمالية – دير علا – عن الخسائر التي لحقت بهم جراء الصقيع الذي أتى على مزروعاتهم في فصل الشتاء الماضي، وتؤكد المصادر ان التعويض سيبلغ 417 الف دينار فقط.

ويقول مزارع في منطقة دير علا – طلب عدم نشر اسمه كي لا تتأثر حصته من التعويض المقترح – ان الشهور الماضية كانت "قاسية بالنسبة لي، فالمديونيات تلاحقني وقدرتي على السداد تلاشت، والصقيع دمر على نحو كامل اكثر من 15 دونما تشكل مصدر رزقي وقوت ابنائي"، ويضيف "اذا كان التعويض الذي سأحصل عليه حول 700 دينار فإن هذا المبلغ لا يشكل 10% من اجمالي خسارتي بسبب خراب المزروعات".

وبحسبة رياضية سريعة فإن توزيع مبلغ 417 الف دينار على خمسمئة مزارع يعني ان تكون الحصة في المتوسط للمزارع الواحد حول 800 دينار, وهي لا تشكل بالنسبة لعدد منهم حلا لأزمات تراكمت منذ فصل الشتاء الماضي، فضلا عن تركز التعويض في منطقة الاغوار الشمالية وعدم شمول مناطق اخرى تضررت.

وفي مقابل ذلك، تحاول الحكومة إعادة رسم الواقع الزراعي بعد ان خصص العام 2009 ليكون عاما للزراعة، وحفزت المزارعين للانتقال من الزراعات المكشوفة الى الزراعات المحمية بهدف تقليل مياه الري المستخدمة ورفع مستوى جودة المزروعات، فضلا عن البحث عن أسواق خارجية جديدة للمزارعين الذين ضاقوا ذرعا بسماسرة وتجار الاسواق المحلية.

ويعتبر صاحب مزرعة في منطقة الرامة، ابراهيم العدوان، ان إشكالية التسويق الزراعي تمثل عقدة يصعب تجاوزها بالنسبة لمعظم المزارعين، مبينا ان المزارع يبيع صندوق البندورة (11 كيلو) بمبلغ 40 قرشا للسوق المركزي للخضار، ويتولى التجار والسماسرة بدورهم رفع الاسعار ليصل سعر كيلو البندورة للمستهلك الى ثلاثين قرشا وبما يشكل ارتفاعا بين السعرين بنسبة تقارب 700%.

ويتساءل العدوان "أين الرقابة وأين دور الدولة في ضبط هذا الخلل، ومتى سنبدأ بلمس مردود حقيقي للمواسم الزراعية؟ فنحن من يزرع، وغيرنا من يجني الاموال، والمواطن والمزارع خاسران في نهاية الامر"، ويضيف العدوان "ان الديون باتت مصدر تهديد لكثير من المزارعين، ومن المفيد ان ينظر الى وضع المزارع ويؤخذ بيده حتى يستطيع التكيف مع اسعار الأسمدة والمبيدات وأنابيب المياه التي صعدت بشكل جنوني بعد ارتفاع اسعار النفط ولم تتراجع بعد انخفاض اسعار عالميا"، يشار الى قطاع الزراعة يشكل نحو 3% من الناتج المحلي الاجمالي للمملكة.