مرضى لا زبائن رسالة مفتوحة إلى نقيب الأطباء

الرابط المختصر

بدل أن يكون التأمين الصحي نعمة للمرضى من الأردنيين كما هو الحال في سائر أقطار الأرض وأمصارها ، أخذ يتحول يوما بعد إلى آخر ، إلى نقمة عليهم ، وسببا في "التمييز السلبي" ضدهم ، إلى الحد الذي باتت فيه هذه الشريحة الواسعة من الأردنيين (المغبوطة حتى لا نقول المحسودة) من قبل بقية الشرائح ، تحمل اسم "مرضى التأمين" تميزا لهم عن "مرض الكاش".

بعض الأطباء ، خصوصا المشهورين منهم ، وذوي الاختصاصات "الصعبة والنادرة" ، أخذوا يخصصون أياما معينة في الأسبوع لاستقبال "مرضى التأمين" ، لكأنهم يمارسون عملا (تقرأ طقسا) طوعيا أو خيريا ، ما يعني أن ليس من حق "مريض التأمين" أن يمرض وقتما يشاء ، وأن عليه أن يضبط إيقاع مرضه وفقا لجدول توزيعات المرضى عند طبيبه أو أطبائه.

وحين تطل على "الممرضة" التي تحمل أسماء مختلفة من بينها "النيرس والسيستر" إلى غير ما هنالك ، تقابلك بابتسامة عريضة ، سرعان ما "تسحبها" وتستبدلها بـ"تكشيرة" و"تقطيب للحاجبين ، عندما تخرج أوراق التأمين الملونة من جيبك أو من المغلف المتآكل من عرق يديك ، تأخذ الأسئلة شكل استجواب ، ويجري ركنك في زاوية تذكر بدورها بـ"مرضى الكشف الخصوصي" في الأفلام المصرية القديمة.

آخر ما تعرفت عليه واختبرته من معاناة "مرضى التأمين" ، ما يجري لهم في المستشفيات الخاصة ، فأنت من النادر أن تحصل لمريضك على غرفة منفردة إن كنت من مرضى التأمين - درجة أولى ، فالغرف غالبا محجوزة ، ولا أسرة ولا "مطارح" لك إلا في الدرجات الأقل ، لكن الغرف والأجنحة بدرجاتها وتسمياتها المختلفة ، تتوفر فورا حين تخرج "الكاش" أو "الكريدت كارد" من محظفتك ، وتبدي الاستعداد لدفع الفروقات بين ما تدفعه شركة التأمين وما يدفعه "مريض الكاش" ، كان الله في عونه.

أذهلني أن جميع غرف الدرجة الأولى في بعض المستشفيات محجوزة ، لكأننا في أحد فنادق العقبة في ذروة الموسم ، وعندما تسأل كيف يكون ذلك ، ومن يعرف مقدما متى سيمرض ويدخل المستشفى في هذا الوقت بالذات ، تلقيت إجابتين: واحدة ، منطقية وتقول أنهم سينقلون مرضى من غرف درجة ثانية إلى غرف درجة أولى ، والثانية قوامها غمز ولمز من موظفين غاضبين على إدارات مستشفياتهم وحانقين عليها.

طبعا ، ليس هذا هو الحال مع كل الأطباء وكل المستشفيات وفي كل الأوقات ، هناك أطباء نحترمهم لأنهم يحترمون مرضاهم ، وهناك مستشفيات أو موظفون في مستشفيات ، يتعاملون بالعقلية ذاتها ، ولكن مقابل هؤلاء ، ثمة من يرى في المرضى مجرد زبائن ، وثمة من المستشفيات من يعمل جديا على منافسة ومجاراة الفنادق السياحية في السباق على جيب "الزبون".

هذه الظواهر تتكرر وتتسع ، مررنا بها وتصلنا الشكاوى بشأنها ، ولهذا أردنا أن نجعل من هذا المقال ، رسالة مفتوحة إلى نقيب الأطباء وأعضاء مجلس النقابة والنقابة ، لكي يتدخلوا بحزم ومسؤولية لوضع حد لهذا الظاهرات والحيلولة دون تكرارها ، فضلا بالطبع عن التصدي لظاهرة الأخطاء الطبية والتعامل غير المبالي مع المرضى والنظرة "السوقية" لهم كزبائن و"كشفيات" لا أكثر ولا أقل.