مراقبون: دوائر وهمية...نواب وهميون
تتوالى تصريحات المصادر الحكومية "المطلعة" لوسائل الإعلام حول صيغة قانون الانتخاب القادم، فهاهي المصادر تؤكد مرة أخرى على اعتماد القانون لما يسمى بالدوائر الوهمية أو "الافتراضية"، مع الإبقاء ، طبعاً، على الصوت الواحد بالشكل ذاته الذي عرفه الأردن منذ 93 (غير المتحول).
لم تعبر بعض الأوساط السياسية والإعلامية الأردنية عن تشاؤمها وفقدانها الأمل من عملية الإصلاح السياسي فقط، وإنما رأت ترديا في الحالة السياسية وزيادة في تفتيت المجتمع الأردني في حال اعتماد الحكومة للدوائر "الوهمية" في قانون الانتخاب.
الدوائر الوهمية تعتمد مبدأ المقعد الواحد للدائرة الوهمية الواحدة، بحيث تشكل دوائر افتراضية في منطقة ما ليست مقسمة جغرافياً؛ ويختار الناخبون والمرشحون التسجيل في أي من هذه الدوائر الموجودة في منطقة ما.
اعتماد الدوائر الوهمية يعني تقسيم الدوائر مرة أخرى بما يساوي عدد أعضاء مجلس النواب (النظام البريطاني)، وهو ما يقسم المقسم أصلاً، بحسب مراقبين.
الكاتب والمحلل السياسي جميل النمري اعتبر أن التوجه للدوائر الوهمية يأتي فقط كمخرج شكلي إزاء تهمة عدم التساوي في عدد مقاعد الدوائر، وبالتالي "القوة التصويتية" للصوت الواحد، ولكنه لا يقدم أي تطوير على الحياة السياسية، ولا يحلّ المشكلة المشخصّة في تعمق العشائرية والفردية والخدماتية والواسطة والمحسوبية.
ليس هنالك فرق كبير في رؤية المراقبين لتوجه الحكومة "غير المعلن" حول اعتماد الدوائر الوهمية، إذ يزيد الكاتب فهد الخيطان بأن اعتماد القانون لمبدأ الدوائر الوهمية المساوية لعدد أعضاء مجلس النواب يدفع بكل المعنيين بقضية الإصلاح السياسي إلى التشاؤم من المستقبل.
ويرى الخيطان أن الحكومة قفزت عن عشرات الاقتراحات في طريقها وذهبت مباشرة إلى قانون كانت أفكاره معدة سلفا قبل تشكيل الحكومة يعتمد مبدأ المقعد الواحد للدائرة الوهمية الواحدة "وأخضعته لسلسلة من الاختبارات الوظيفية اللازمة بحيث تضمن "مراعاة الخصوصيات" المعروفة, والمحاذير التقليدية المفهومة, وأهملت اعتبارات وحاجات الإصلاح السياسي الملحة".
ويقول الكاتب والمحلل السياسي ماهر أبو طير أن قانون الانتخاب القادم بصيغة الدوائر الوهمية يخرج مع وجود تشوهات تتعلق بالناخب والأصوات "الدوائر الوهمية ستأتي بنواب وناخبين وهميين".
وفضل الكاتب والمحلل السياسي ماهر أبو طير الإبقاء على القانون الحالي دون إجراء التعديلات المرتقبة، إذ يرى أن التعديلات تأتي من باب التعديلات "الحكومة تورطت بتعديل قانون الانتخاب لقدومها بعد حل البرلمان، فوجدت نفسها أمام معطيات ثابتة...والصيغة الجديدة للقانون تثبت انتصار التحفظ وغياب الإرادة السياسية للإصلاح".
قد تقول الحكومة أن اعتماد القانون الجديد بهذه الصيغة جاء لضيق الوقت فكل صيغة خلاف تحتاج إلى ما لا يقل عن السنة لإعادة تسجيل الناخبين من جديد.
ناهيك عن التخوفات الموجودة من تغيير جوهري على قانون الانتخاب "يمس هوية الدولة الأردنية ويساعد على التوطين"، كما يقول وزير التنمية السياسة موسى المعايطة.
الأحزاب وتحديداً المعارضة منها لم تخف تشاؤمها من القانون القادم، رغم التحفظ الحكومي على شكله، حيث تقول عضو المكتب السياسي في حزب الشعب الديمقراطي الأردني عبلة أبو علبة أن الحكومة أدارت ظهرها للاقتراحات المقدمة وللإصلاح السياسي ".
قد يشير البعض إلى أن الحكومة قدمت قانون الانتخاب الذي تريد "بالإعلان عنه كدفعات دون وجود ردود فعل حقيقية حوله، وإن كان هنالك؛ فإن هوية الدولة كانت حافزاً هنا وحاجزاً هناك".