مراقبون: القوانين المؤقتة مجازر تشريعية في تاريخ الأردن السياسي

الرابط المختصر

على مر التاريخ السياسي الأردني تحرص الحكومات الجديدة على تسويق نفسها باعتبارها ديمقراطية ونموذجا يحتذى بها عكس الحكومات السابقة، لكن المراقب لحركة هذه الحكومات - والتي ترفع دائما شعار الإصلاح- يجدها تُقدم على سنّ العديد من القوانين المؤقتة التي من شأنها التأثير على تواجد القوى في الساحة السياسية سواء في البرلمان أو في الأحزاب والنقابات والتقليل من فاعليتها، لدرجة ان سن القوانين المؤقتة أصبح عرفا سائدا عند معظم الحكومات.



وظلت الحكومات تستند على الدوام في إصدارها لتلك القوانين المؤقتة إلى نص الفقرة 1 من المادة 94 من الدستور التي تجيز للحكومة إصدار قوانين مؤقتة" في حال كان مجلس النواب منحلا أو غير مجتمع في دورة عادية".



ويعتبر المهندس علي أبو الراغب " عرّاب القوانين المؤقتة " حيث استغلت حكومته غياب مجلس النواب وأصدر أكثر من 200 قانون مؤقت تحد من الحريات العامة وتضيق على الأحزاب والنقابات.



ويرى المحلل الصحفي فهد الخيطان ان التجارب السابقة أثبتت انه لا يؤتمن جانب أي حكومة، فعندما تدير شؤون البلاد منفردة دون رقابة السلطة التشريعية فهي تستغل غيابه حتى لو كان لفترة قصيرة لتمرر سياسات قوانين مؤقتة تتعارض مع المصالح العامة".



ويستشهد الخيطان بحكومة بدران ويقول " قبل بدء الدورة العادية الثالثة بأسبوعين تقريبا أقدمت حكومة بدران وقبل استقالتها بأسبوع على تعديل بعض القوانين الهامة في انتهاك صريح للدستور وذلك عندما أصدرت قانونا مؤقتا معدلا لقانون ضريبة الدخل وعدلت قانوني الزراعة وأملاك الدولة بشكل يسمح لها ببيع مساحات واسعة من غابة تل الرمان لأحد المستثمرين كون القانون المعمول به يحظر مثل هذا الإجراء".



وعن دستورية هذه القوانين يقول إنها " انتهاك للدستور ولدور مجلس الأمة وحقه الدستوري والتشريعي،وهي صورة من صور مصادرة حقوقه من قبل السلطة التنفيذية، فالنص الموجود بالدستور يعطي الحق للحكومة بإصدار قوانين في حالة الطوارئ القصوى وفي غياب مجلس النواب لفترة طويلة، فلا اعتقد ان هناك ضرورة قصوى لإصدار قانون مؤقت قبل موعد الدورة العادية لمجلس النواب بثلاثة أيام!".



رئيس الوزراء السابق د. عدنان بدران رفض التعليق " لعمان نت" على هذا الموضوع دون إبداء الأسباب، الخيطان بدوره برر رفض بدران التعليق على القضية قائلا " ربما تكون هذه القوانين مفروضة على الرئيس وليس موافق عليها وهو يعرف تماما انه ارتكب مخالفة كبيرة للدستور عندما اصدر تلك القوانين المؤقتة لهذا لا يستطيع الدفاع عنها بأي حال من الأحوال ".



نيابيا يرى النائب عودة القواس ان إصدار القوانين المؤقتة في غياب مجلس النواب هو تهميش لدور المجلس، ولا يثق القواس بالوعود الحكومية ويقول" كانت حكومة عدنان بدران قد وعدت بعدم إصدار أي قانون مؤقت لكن تجاوزت هذا الوعد وأصدرت أربعة قوانين تمس حياة المواطنين وخصوصا قانون ضريبة الدخل".



و لا يجد القواس أي مبرر لاستغلال الحكومة غياب انعقاد مجلس النواب لإصدار القوانين المؤقتة ويقول " العلاقة بين مجلس النواب والسلطة التنفيذية علاقة تشاركيه فلو قدمت الحكومة هذه القوانين الأربعة لمجلس النواب بصيغة مشاريع قوانين وأعطيت صبغة الاستعجال لمرت بكل سهولة بعد إجراء بعض التعديلات عليها، فلماذا هذه المناكفة من قبل الحكومات؟".



قانونيا يعتبر نقيب المحامين صالح العرموطي القوانين المؤقتة " مجزرة تشريعية في تاريخ الأردن فكل التشريعات التي توضع هي تضييق على حريات المواطنين،وأخشى من صدور قانون الإرهاب الذي قد يعطي صلاحية للحكام الإداريين والسلطة التنفيذية سلطات وقائية واحترازية فيها مخالفة للدستور الأردني".



حزبيا تركت هذه القوانين اثر على المسيرة الحزبية، فيوضح أمين عام حزب حشد احمد يوسف قائلا" جاء قانون الصوت المجزوء برفقة من القوانين بمضامين عرفية، منها قوانين اقتصادية أنهت نهجا اقتصاديا متكاملا مفروضة من صندوق النقد الدولي، حيث أوصلت البلاد لازمة اقتصادية خانقه ووسعت الفقر وزادت من التهميش والجهل وفتحت لليبرالية رأس المال والاستثمار الأجنبي والتغول على حقوق المواطن".



حكومة البخيت- التي رفض له المجلس أربعة قوانين مؤقتة مُرحّلة من عهد حكومة بدران- كانت قد وعدت بعدم إصدار أي قانون مؤقت لكن المراقبون ينظرون لهذا الوعد بحذر خصوصا بعد التجارب السابقة مع الحكومات المتعاقبة.

أضف تعليقك