نشرت منظمة آيركس نتائج دراستها الإحصائية حول واقع الإعلام في الأردن ومدى إنتشار وسائل الإعلام المختلفة من صحف وإذاعات ومواقع الإنترنت الإخبارية في المجتمع الأردني. ومن نتائج هذه الدراسة ترتيب مواقع الإنترنت الإخبارية الأردنية حسب ما أعتبرته شهرة تلك المواقع في الأردن. وقد أثير الكثير من اللغط حول صحة نتائج الدراسة. شخصياً وبصفتي خبير مواقع إنترنت تكلم معي معدّ الدراسة لسؤالي عن الطريقة المثلى لمعرفة عدد زوار مواقع الإنترنت الإخبارية الأردنية أخبرته أن الطريقة العلمية في إحصائيات المواقع تكمن في الحصول على ملف معين من سيرفر الموقع يدعى Raw Log File يحتوي على سجل تقني بجميع زوار الموقع. ومع أن تحليل ملف الـraw log file هو الطريقة المثلة للحصول على نتائج صحيحة ودقيقة 100% لشموله جميع زوار الموقع وعدم الإعتماد على عينة دراسية قد تخطئ أو تصيب حسب دقة إنتقائها إلا أن صاحب الدراسة لم يقم بذلك لسبب غير معرف لي وفضل اللجوء إلى ثاني أفضل طريقة وهي أخد عينة دراسية ممثلة لمستخدمين الإنترنت في المملكة.

تكلمت مع جمال سلامة أخصائي الإحصاء في الشركة المنفذة للدراسة لسؤاله عن رأيه بالعينة ومدى دقتها حيث قال أن العينة الرئيسة البالغ عددها 3600 تمثل المجتمع الأردني وفيها 1,301 مستخدم للإنترنت منهم 597 قارئ للمواقع الإخبارية وعليه فإن تمثل الـ597 شخص لمجتمع مستخدمي الإنترنت مقبول علمياً لأن العينة الرئيسية الـ3600 شخص ممثلة لكل من المجتمع الأردني ومستخدمي الإنترنت فيه. وأوضح جمال سلامة إلى أن الهدف من الدراسة كان ضرب عصفورين بحجر وهما معرفة إنتشار الإنترنت في المجتمع الأردني والهدف الثاني تمثل بمعرفة إنتشار المواقع الإخبارية في الأردن ولهذا السبب لم يتم تكوين عينة دراسية أكبر مثل 10،000 شخص للتوصل لنتائج أدق حول موضوع إنتشار المواقع الإلكترونية.

وأشار جمال سلامة إلى أن الهدف من الدراسة يكمن في تحديد نسبة إنتشار المواقع وليس ترتيبها حسب الشهرة. فنسبة الخطاء بالدراسة 2.5% مما يعني أن نسبة إنتشار عمان نت التي أعلنت على أنها 2.6% قد تكون ما بين 0.1% و 5.1% وأن نسبة إنتشار موقع عمون قد تكون ما بين 0% و 4.9% فالهدف من الدراسة بيان نسب الإنتشار وليس تحديد ترتيب المواقع وللحصول على نتائج أدق لنسب الإنتشار يجب القيام بدراسة أخرى على عينة لا تقل عن 10،000 شخص.
من شروط العلمية لإعتماد نتائج أي إحصائية أن تكون عينة الدراسة study sample ممثلة لمجتمع الدراسة study population. وهنا تثار التساؤلات في دراسة آيركس. فقد قامت شركة الإحصائيات بمقابلة عينة تتكون من 3600 شخص كانت حريصة جداً على أن تمثل المجتمع الأردني من ناحية منطقة السكن والعمر والدرجة التعليمية والجنس. ومع أن الدراسة إعتمدت مبدأ الـcluster stratified الذي يتم اللجوء إليه لتسهيل وخفض تكلفة الدراسة والذي يدور جدل علمي حول مدى دقة نتائجة وتمثيلها لمجتمع الدراسة، إلا أن العينة الرئيسة المكونة من 3600 شخص كانت ممثلة لمجتمع الدراسة وهو المجتمع الأردني حسب إحصائيات الحكومة الأردنية.

في الصفحة 61 من نتائج الدراسة تم سؤال المشاركين إن كانوا قد دخلوا موقع إخباري إلكترونياً خلال أخر 30 يوماً. كان عدد الأشخاص الذين أجابوا نعم 597 من أصل العينة 3600 أي 16.58% فقط. وهنا المشكلة الأساسية فصفة العشوائية قد إنتفت عن العينة الجديدة. فلا يمكنك أن تأخذ عينة من عينة من مجتمع دراسة وتدعي أن هذه العينة الصغيرة ممثلة لمجتمع الدراسة. وحتى لو كان الـ597 شخص عينة عشوائية فهي ممثلة لمجتمع دراسة محدد وهو المجتمع الأردني بكافة أطيافه ولكنها بكل تأكيد لا تمثل مجتمعاً آخر وهو مجتمع مستخدمين الإنترنت في الأردن. فمصمم الدراسة يفترض في أحسن الأحوال أن عينة الـ597 شخص تمثل المجتمع الأردني ولكن عندما يتكلم عن نتائج مواقع الإنترنت فيجب أن تحصر الدراسة في مجتمع مستخدمين الإنترنت الأردنيين وليس جميع سكان المملكة. فأنت لا تستطيع أخد عينة من جميع طلاب المملكة الأردنية ومن ثم تستخدم هذه العينة لتحدد هوايات طلاب مدرسة محددة في جبل الحسين. فمع أن طلاب تلك المدرسة جزء صغير من جميع طلاب المملكة إلا أن العينة المأخوذة من جميع طلاب المملكة لا تنطبق عليهم. وبينما إستخدام الهاتف النقال ومطالعة الصحف اليومية والإستماع إلى الإذاعات نشاطات تنطبق على أغلب المواطنين الأردنيين فإن مطالعة المواقع الإخبارية على الإنترنت تنحصر في مجتمع صغير يدعى مستخدمين الإنترنت الأردنيين ويبلغ عدده الكلي 36.1% من كل سكان الأردن. ولهذا فإن عينة الـ597 شخص تمثل في أحسن الأحوال المجتمع الأردني بكافة أطيافة وليس مجتمع مستخدمي الإنترنت الأردنيين ولا يجوز الإعتماد عليها بأي حال من الأحوال لتحديد ترتيب شهرة مواقع الإنترنت في الأردن.