مدرسة الفهلوة.. السماء تمطر مليارات في الاردن
فئة من المسؤولين والاقتصاديين الاردنيين تستهوي الارقام الفلكية عندما يكون الحديث عن الاستثمارات في مسعى منها لاستمالة قلوب وعقول الناس البسطاء.
لاشهر مضت كنا نعتقد ان انصار مدرسة الفهلوة الاقتصادية لن يجرؤوا على مواصلة الترويج بهذا الاسلوب المضلل بعدما ضربت الازمة المالية العالمية الاقتصاد الكوني, وطوت مدارس اقتصادية سادت لعقود. غير ان الحديث عن المشاريع المليارية لم يتوقف. فمنذ ايام صرّح احد المسؤولين بأن احدى الشركات الخليجية تنوي استثمار 10 مليارات دولار في الاردن.
الكلام عن استثمار بهذا الحجم وسط ازمة خانقة تعصف باقتصاديات الخليج بدا للكثيرين مجرد نكتة ثقيلة اضطرت بمسؤول آخر اكثر واقعية لتوضيح الصورة حيث اشار الى ان الاستثمار المذكور يمتد على عشر سنوات, والله وحده يعلم اذا ما كانت الشركة المستثمرة ستلتزم بانفاق المبلغ المذكور خلال العقد المقبل ام انها سترحله لعقود مقبلة.
حدث في مرات سابقة ان لجأ المسؤولون الى رفع سقف التوقعات المستقبلية على نحو مبالغ فيه فارتدت بنتيجة سلبية على مصداقية المسؤول امام الناس.
انصار الفهلوة الاقتصادية يعتمدون حيلة باتت معروفة هي الاعلان عن استثمار عملات واعداد مخططات تبدو للمواطن العادي انها قيد التنفيذ ثم نكتشف بعد فترة انها مجرد افكار على الورق وخطط للمستقبل, وان المليارات مجرد ارقام نظرية لا تملك الشركة العتيدة منها شيئاً لا بل انها تفكر بالاستدانة من البنوك الاردنية لتنفيذ المرحلة الاولى واذا ما اخفقت في ذلك تبدأ بمغازلة الضمان الاجتماعي لاستثمار امواله.
ولم تقتصر سياسة الفهلوة على مشاريع القطاع الخاص, فقد طالت القطاع العام ايضاً فعندما اطلقت الحكومة مشروع »سكن كريم« شكك كثيرون بقدرتها على انجاز 100 الف شقة في غضون خمسة اعوام وحذروا من رفع سقف التوقعات. غير ان المتخصصين في الفهلوة اصروا على مشروعهم فانتهى الامر بالمشروع الى ما هو عليه من تعثر اضطر الحكومة الى اعادة هيكلته بشكل جذري.
والمفارقة انه وبينما يتواصل الحديث عن المليارات القادمة تشكو الحكومة من تعثر معظم المشاريع الوطنية الكبرى بسبب الازمة العالمية, فالديسي بانتظار قرار الممولين »وسكة الحديد« تخلى عنها الائتلاف الاستثماري وعطاء نقل الميناء جرى ترحيله الى حزيران المقبل.
اما المفارقة الاغنى في المشهد فهي في مشروع دابوق ومبنى القيادة العامة, فبعد ان اخفق الفهلويون في بيع او تأجير الارض والمباني مباشرة لاصحاب شركات عالمية كما كانوا يدعون اتجهوا الى »الضمان الاجتماعي« لمداراة خيبتهم, ومع ذلك لم تسعفهم الفكرة العبقرية في تأجير غرفة واحدة من المبنى الذي قيل لنا انه سيجلب مليارات للاردن.
اخطر ما في الامر ان اموال الضمان الاجتماعي اصبحت بنظرهم وسيلة للصفقات السريعة, بصرف النظر عن حجم المخاطرة او الجدوى الاقتصادية, فعلى غرار ما حصل في قضية »امنية«. وهذه الايام نخشى ان تتكرر القضية باساليب جديدة لا تكل مدرسة الفهلوة عن ابتكارها.0











































