مخاض الاستثنائية يعجل ارجاء العادية

الرابط المختصر

شهدت أروقة مجلس النواب خلال الاسبوع تطورات دراماتيكية غير مسبوقة تمثلت بموقفين الأول؛ حراك خجل قادة نواب من الحركة الاسلامية للاعتراض على قرار رفع اسعار المحروقات عبر مذكرة تطالب بطرح الثقة بالحكومة في دورة استثنائية، والثاني زيارة رئيس الوزراء الى رئيس مجلس النواب على عجل للوقوف على مدى التأييد النيابي لمذكرة الاسلاميين وقطع الطريق على اي فرص نجاح للمذكرة بالتوافق مع المجالي للتسريع بالتنسيب باصدار ارادة ملكية سامية ترجئ عقد الدورة العادية الثالثة للمجلس لشهرين.



في الموقف الاول "مذكرة طرح الثقة بالحكومة" فقد واجهت مذكرة طلب عقد دورة استثنائية لطرح الثقة بالحكومة ما يمكن تسميتة ( بالمطبات ) والتي حالت الى حد ما في تأخير الاعلان عن ولادتها من قبل نواب الحركة الاسلامية الذين تبنوا الدعوة لعقدها وبذلوا جهودا مضاعفة لتامين اكبر عدد ممكن من التواقيع النيابية عليها الذي احيط بالسرية لأسباب لم يرد القائمين عليها التصريح او التلميح بها، مع إدراكهم أن فكرة المذكرة لن تترجم الى واقع كونها جاءت في الوقت الضائع مع اقتراب الاستحقاق الدستوري بدعوة مجلس الامة الى الاجتماع في دورة عادية في الاول من تشرين الأول .ولا تخرج عن كونها فقاعة في الهواء.



مذكرة ولدت ميتة

وعلى الرغم من ان بوادر الاستجابة النيابية للمذكرة حافظت على رتابتها منذ الاعلان عن نية اعدادها لجهة ضعف التجاوب معها وبالتالي عدم وجود مؤيدين لها ..فان المذكرة بوصفها خطوة احتجاجية نيابية على قرار الحكومة رفع اسعار المحروقات دون التشاور مع مجلس النواب او انتظار التصورات التي تمخضت عنها لقاءات لجنتي الطاقة والمالية في المجلس خلال الاسبوع الماضي والتي من شانها تقديم مقترحات وتصورات يمكن بحثها مع الحكومة بهدف تحسين الاوضاع المعيشية للشرائح ذات الدخول المحدودة خاصة في ضوء رفع اسعار المحروقات مؤخرا. هي في حقيقة الامر لاتخرج عن كونها محاولة لتحريك مياة النواب الراكدة تجاة القرار الحكومي لكنها فشلت في ذلك .



وليس خافيا أن المذكرة تعرضت بشكل مفاجئ الى تعديلات جوهرية في مبرارات اصدارها وشهدت مخاضا استمر لعدة ايام حتى خرجت الى العلن بالشكل الذي جرى عمليا عرضة على النواب يوم امس ...حيث تقول المصادر انة جرى اعداد ثلاث مذكرات الاولى كانت يوم الثلاثاء الماضي وجرى الغاءها والثانية يوم الخميس الماضي وتم نشرها في الصحف و الثالثة (الاخيرة ) ظهرت يوم أمس.



فالمذكرة التي كشف عن تفاصيلها موقع حزب جبهة العمل الاسلامي الالكتروني مساء الخميس الماضي تضمنت انتقادات ساخنة للحكومة ولقرارها غير الشعبي برفع اسعار المحروقات وهو الامر الذي ادى على ما يبدو الى الغاء فقرات منها حتى تقلصت من حيث الحجم و الموقف بصورة واضحة في المذكرة التي عرضت على النواب للتوقيع و التأييد.

ووسط هذه الأجواء بدا واضحا ان نواب الكتلة غير متوافقين على حجم التاييد النيابي لفكرة المذكرة وان كانت قناعة العديد منهم كانت تؤشر الى صعوبة حصول المذكرة على تواقيع النواب بالشكل الذي يضمن نجاحها وحصولها على الاغلبية النيابية المطلوبة وفق نص الفقرة الثانية من المادة (82) من الدستور التي تنص على (يدعو الملك مجلس الأمة للإجتماع في دورة إستثنائية أيضا متى طلبت ذلك الأغلبية المطلقة لمجلس النواب بعريضة موقعة منها تبين فيها الأمور التي يراد البحث فيها ) .



ودستوريا فان مطلع الشهر القادم (الاول من تشرين اول ) هو الخط الفاصل في إمكانية المطالبة بعقد دورات استثنائية حيث حددت احكام الدستور في المادة (78) الفقرة الاولى الموعد الدستوري لعقد الدورة العادية في الاول من تشرين الاول على انة يجوز ارجاء الموعد لمدة اقصاها الشهرين. ولذلك فان إمكانية عقد دورة استثنائية للمجلس تبقى واردة حتى نهاية الشهر الجاري فقط.



مخاض مع مقص الرقيب

وبعد ما يقارب الأيام الخمسة ظهرت المذكرة يوم الاحد بصيغتها النهائية حيث جاءت بلغة اقل حدة من تلك التي وضعت نهاية الاسبوع فالمذكرة طلبت مباشرة وبوضوح عقد دورة استثنائية لبحث موضوع طرح الثقة بالحكومة استنادا لنص الفقرة الثانية من المادة (82) من الدستور ...فيما كانت لغة المذكرة الاولى اكثر حدة عند طلب الدورة حيث جاء فيها " ..لذلك فإننا نعتقد أن هذه الحكومة غير مؤهلة للثقة التي اولاها اياها المجلس ..ندعو النواب لطلب عقد دورة استثنائية لطرح الثقة بالحكومة ".



وتنص المذكرة الأولى ...التي جرى الغاء معظم ما ورد فيها واصبحت على النحو التالي :

" نظراً لما قامت به هذه الحكومة من اجراءات طالت الغالبية العظمى من أبناء هذا الوطن ، وانعكست عليهم مزيدا من المعاناة،حيث قررت زيادتين كبيرتين في أسعار المشتقات النفطية خلال شهرين غير ابهة بكل النداءات المخلصة من النواب وغيرهم من القوى الفاعلة ورغم حرص المجلس الشديد للتعاون مع الحكومة تحقيقاً للمصلحة العامة الا أنها لم تقابل ذلك بالروح نفسها ووصل بها الى درجة الاستخفاف بالمجلس واهمال كل الاقتراحات التي تقدم بها ولم تجب عن الاسئلة التي وجهها حول النفط .



وتابعت المذكرة " لكل هذة الاسباب و غيرها فاننا نحن النواب الموقعين ادناة نطالب بعقد دورة استثنائية لبحث موضوع طرح الثقة بالحكومة استنادا لنص الفقرة الثانية من المادة (82) من الدستور" .



زيارة استكشافية

وفي الموقف الثاني ( زيارة بدران الاستكشافية لمجلس النواب ) فقد جاءت الزيارة دون ترتيب مسبق كما هي العادة وجرى الاعداد لها قبل تحديد موعدها باقل من ثلاث ساعات وقد ضمن الزيارة رئيس الوزراء الى برنامجة اليومي الذي كان حافلا بالاجتماعات و اللقاءات والنشاطات المتعددة .



وراى مراقبون في الزيارة بانها جاءت استكشافية من قبل كبير الحكومة لمعرفة فرص نجاح مذكرة النواب الاسلاميين في طلب دورة استثنائية ولم يتردد بدران في سؤال المجالي عنها وما اذا تسلم نسخة منها وهو امر بالطبع نفاة المجالي كون المذكرة بدا التوقيع عليها قبل ساعات قليلة من زيارة بدران الى رئيس مجلس النواب .



وبحسب المراقبون فان بدران احاط المجالي بان ارادة ملكية سامية ستصدر في نفس يوم زيارتة بارجاء عقد الدورة العادية الثالثة لمجلس الامة لشهرين ..وفسر سرعة تنسيب بدران باصدار الارادة بهدف قطع الطريق امام اي فرص لنجاح مذكرة الاسلاميين التي ولدت (ميتة) على قاعدة ( لاتنام بين القبور )...



عمليا، فان صدور الارادة الملكية بارجاء عقد الدورة هو استحقاق دستوري يمتد في فترة زمنية لاصدارها حتى اليوم الاخير من شهر ايلول كون احكام الدستور حددت الاول من شهر تشرين الاول موعدا لبدء اعمال الدورة العادية لمجلس الامة و يجوز تاجيل الدعوة الى مدة اقصاها شهرين وفق احكام الفقرة الاولى من المادة ( 78) التي تنص على انة (يدعو الملك مجلس الأمة الى الإجتماع في دورته العادية في اليوم الأول من شهر تشرين الأول من كل سنة وإذا كان اليوم المذكور عطلة رسمية ففي أول يوم يليه لا يكون عطلة رسمية على أنه يجوز للملك أن يرجئ بإرادة ملكية تنشر في الجريدة الرسمية إجتماع مجلس الأمة لتاريخ يعين في الإرادة الملكية على أن لا تتجاوز مدة الإرجاء شهرين)...وكذلك احكام الفقرة الاولى من المادة ( 81 ) التي تنص على ( للملك أن يؤجل بارادة ملكية جلسات مجلس الأمة ثلاث مرات فقط وإذا كان قد أرجئ إجتماع المجلس بموجب الفقرة ( 1 ) من المادة ( 78 ) فلمرتين فقط على انه لا يجوز أن تزيد مدد التأجيلات في غضون أية دورة عادية واحدة على شهرين بما في ذلك مدة الإرجاء ولا تدخل مدد هذه التأجيلات في حساب مدة الدورة ).

أضف تعليقك