مثقفون: خطة الطويسي طموحة لكن المشكلة في التطبيق

الرابط المختصر

بإعلان وزير الثقافة خطته الوزارية الخاصة، تلك التي تضمنت العديد من المشاريع التي لا يستطيع المحلل لها إلا وصفها بالطموحة، برزت عدة تساؤلات أهمها حول مدى قدرة تطبيق هذه الخطة، خصوصاً أن أثرها حُدّد على مدى ثلاث سنوات قادمة.المثقفون كان لديهم آرائهم الخاصة بالخطة كونهم أول المستفيدين، وأول المتضررين بمجريات أي فعل يَعمد للقيام به أي وزير ثقافة، كما أنهم المعنيين بكل ما يجدّ على هذه الوزارة التي حملت صفة (الوزارة المغلوب على أمرها) منذ عهد من الزمان.



لماذا ثلاث سنوات!

وأول التساؤلات كانت حول مدة هذه الخطة، فلماذا ثلاث سنوات؟

الروائي الأردني جمال ناجي يقول "الخطة طموحة، ووزير الثقافة عادل الطويسي شخص ديناميكي وطموح، ولكن أن نضع خطة لمدة ثلاث سنوات للحقل الثقافي فيه شيء من استباق الأمور، فقد كان من الممكن وضع خطة لمدة أقل فالمتغيرات التي تحدث على المستوى الثقافي العام والمستوى الثقافي المحلي ربما لا تخل ببعض الإجراءات".



لكن، وبرأي ناجي "هناك مرتكزات في الخطة قابلة للحياة لمدة ثلاث سنوات، فالخطة جيدة ونحن بحاجة إليها، لكن كان من الأفضل أن تكون مدتها سنة ونصف مثلاً لكي تكون قابلة للحياة بكل جانبها وقنواتها المذكورة، ورغم ذلك لا بأس، ونتمنى أن يتمكن وزير الثقافة من تطبيق هذه الخطة".



مشكلة وزارة الثقافة تكمن في تغيّر الوزراء المتكرر كما يقول جمال ناجي وهو رئيس رابطة الكتاب السابق، والذي يتابع "نحن نعاني من تغيّر الوزراء، وكل ما نخشاه أن تذهب جهود الوزير الحالي عادل الطويسي أدراج الرياح، إذا ما جاء وزير آخر أراد تطبيق خطة جديدة، نحن نعاني من هذا الإرباك والسرعة في تغير الحكومات، فكل وزير له رؤيته المختلفة عن الوزير السابق، كأنما كل وزير يريد أن يأتي بفتح جديد على المستوى الثقافي، وكل هذا يصب في ساقية المطالب الرئيسية للثقافة والمثقفين".



المطلوب مأسسة العمل الثقافي..

"نحن نعاني من مشكلة التطبيق"، يوضّح الروائي ناجي متابعاً "وما يمنع تطبيق هذه الخطط هو التعاقب السريع لهذه الوزارات، بمعنى أنه لا توجد مؤسسية تحكم عمل الوزراء، وكل وزير يضع الخطة التي يراها مناسبة وهذا الكلام ليس موجها للوزير الطويسي وإنما لكل الوزراء المتعاقبين".



والحل باعتقاده بإعادة تأسيس المجلس الأعلى للثقافة إذ "يمكن أن يسهم بمأسسة العمل الثقافي، وذلك بوضع برامج ثابتة لا تحكمها متغيرات الوزراء وأمزجتهم".



وكما جميع من يُعنى بالشأن الثقافي يتمنى جمال ناجي أن تتمكن وزارة الثقافة من تطبيق هذه الخطة، "وإن كانت بحاجة لمراعاة المتغيرات على مستوى العالم، وعلى مستوى وسائل تقديم الثقافة والصراعات الثقافية الدائرة".



مشكلة ميزانية...

الناقد والكاتب الأردني ورئيس القسم الثقافي في جريدة الدستور فخري صالح وجد المسألة لا تتعلق بالعناصر التي تتضمنها الخطة، فهي "جيدة وفيها طموح كبير فيما يتعلق بالتنمية الثقافية في الأردن، وهناك بعض العناصر التي تضمنتها الخطة نتحدث عن محاولة تحقيقها منذ سنوات، ولقد كنت عضواً في أكثر من لجنة أُعدّت لمشروع الترجمة وإنشاء دار نشر وطنية، وفيما يتعلق بنظام التفرغ وغيره، كل ذلك جيد ومفيد للحياة الثقافية لكن المشكلة تكمن في إمكانية تحقيق هذه الخطة، وفي استمرار الوزارة وخطتها".



مشكلة وزارة الثقافة دون غيرها من الوزارات الأخرى خاصة بها، فهي شهدت خلال سنة واحدة تغييراً لثلاث وزراء، هذا غير إلغاءها قبل ذلك ومن ثم إعادتها، ويقول الناقد صالح "مشكلة وزارة الثقافة أن الإستراتيجية التي تضعها الحكومة لا تأخذ في اعتبارها المحور الثقافي على أنه محور أساسي، مثل المحور الاقتصادي أو السياسي أو المحاور الأخرى، وتُعامل الوزارة باعتبارها وزارة هامشية، ولا تهتم الحكومة بدعمها".



ويتابع "ميزانية الوزارة قليلة جداً فهي بحدود مليوني دينار في السنة، ومعظم المبلغ يذهب أجور عاملين وأجور مبنى، فكيف يمكن لأي وزير مهما كان طموحه أن يحقق ما يريد من خلال مبلغ قليل، ربما يقال أنه سيكون هناك دعم من رئاسة الوزراء أوجهات أخرى خاصة، إذا استطاع وزير الثقافة أن يأخذ دعم من جهات أخرى أعتقد أنه سيستطيع تحقيق جزء من هذه الخطة".



صعوبة التطبيق!

تطبيق المشاريع والبرامج التي تتضمنها خطة الطويسي تحتاج إلى مبالغ كبيرة، ويشرح صالح "لو أردنا مثلاً إنشاء دار نشر وطنية، ستحتاج إلى ملايين الدنانير لإقامتها، ومشروع الترجمة يتكلف الكثير أيضاُ، لأن الترجمة ليست عملية سهلة خصوصا من اللغة العربية للغات الأخرى، وأجور المترجمين عالية جداً، والاتفاق مع أصحاب دور النشر العربية أو الأجنبية خارج الأردن مكلف ويحتاج إلى فترة زمنية لتتطلع هذه الدور على جزء من النصوص المترجمة حتى تأخذ أي كتاب، وربما تقبله وربما لا".



"الخطة طموحة لكن الإمكانيات في وزارة الثقافة ليست بحجم هذه الخطة" هكذا يصف الناقد فخري صالح الخطة متمنياً أيضاً أن ينجح وزير الثقافة حتى تتمكن وزارة الثقافة أن تكون منتجة ومساعدة لإنتاج الثقافة.



ولكنه يتابع "مع ذلك فخبرتنا السابقة مع وزارة الثقافة تجعلنا حذرين من إطلاق الأحكام فيما يتعلق بنجاح هذه الخطة أو عدمه".



المنطق في التوقيت..

"الفعل الثقافي يحتاج إلى وقت" يشرح وزير الثقافة عادل الطويسي لعمان نت أسباب تحديد مدة الخطة بثلاث سنوات، ويضيف "نحن عندما نتحدث عن إحدى محاور الخطة نتحدث عن موضوع الوعي المجتمعي بأهمية التنمية الثقافية، ولوضع مشروع أو برنامج توعوي يقوم على توعية المجتمع بأهمية الثقافة فهذا يحتاج إلى وقت، لأننا نتحدث عن سلوك مجتمع وهو ما يحتاج إلى وقت لتغييره أو التأثير فيه، وكون الخطة حددت ثلاث سنوات ابتداءً من عام 2006 وامتدادا إلى عامي 2007 و2008 هذا لا يعني أن هناك مشاريع ستمتد الى ثلاث سنوات، فهناك مشاريع ستبدأ هذا العام وتنتهي هذا العام ومشاريع تبدأ هذا العام وتنتهي منتصف العام القادم وهكذا..".



ويقول حول مشاريع وبرامج الخطة "هناك مشاريع وبرامج تحتاج إلى فترات طويلة، فالدار الوطنية للتوزيع والترجمة مثلاً لا نستطيع أن نقيمه لسنة واحدة، لأنه يجب أولاً أن يوضع له تشريع وتوضع له مخططات إذا كان فيه بناء وبعده عطاء، ومن ثم تشكيل الكادر الإداري وتدريبه هذا لا يمكن تحقيقه في سنة واحدة فطبيعة تنوع البرامج والمشاريع الموجودة في هذه الخطة يحتاج بعضها إلى فترات طويلة وبعضها إلى فترات قصيرة".



صندوق التنمية الثقافية..

وعن صعوبة تطبيق هذه المشاريع والبرامج يوضح الطويسي "عندما نضع خطة يجب أن تكون هناك بعض البرامج التي يمكن تطبيقها بما يتوفر من مخصصات أو ما هو منظور من المخصصات، لكن أي خطة يجب أن يكون فيها برامج ومشاريع طموحة تمثل طموح الوسط الذي تنطبق عليه هذه الخطة وهو الوسط الثقافي عندما نتحدث عن خطة التنمية الثقافية في المملكة، الطموح ليس له حدود إلا المحددات، ومنها محددات الموارد المالية".



من ضمن خطة التنمية الثقافية التنسيق مع الجهات الأخرى ذات العلاقة، يتابع وزير الثقافة "خطة التنمية الثقافية يجب أن لا تعنى وزارة الثقافة فقط، بل يجب إشراك الأطراف الأخرى مثل القطاع الخاص بجميع أطيافه، مثل مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات شبه الرسمية كأمانة عمان مثلاً ومؤسسة شومان، فنحن نتكلم عن القطاع الخاص، وأولاً نحتاج إلى فتح خطوط معهم ولإقناعهم بأهمية التنمية الثقافية في المجتمع وبعد حصولنا على قناعتهم نستطيع أن نحصل على التمويل، وهناك جهات دولية لديها الاستعداد إذا قدمنا برامج مقنعة وذات فعل ثقافي حقيقي يمكن أن تقدم لنا الدعم المادي".



ومع أن الموارد المالية في الوزارة متواضعة جداً وليست بالطموح المطلوب، لكن كما يتابع الطويسي "الخطة فيها من الأمور التي من شأنها تدبير موارد إضافية أخرى، ومثالها وأهمها مشروع صندوق تنمية ثقافية وستكون موارد هذا الصندوق إذا قيّض له الخروج إلى حيز الوجود من القطاعات جميعها الرسمية وشبه الرسمية والخاصة".



وفي النهاية يبقى تساؤلنا عن نجاح الخطة معلقاً إلى حين قرع جرس إنذار ما، إما بفشل الخطة أو إعادة وضع خطة جديدة أو ربما تغيير وزاري جديد، لا أحد في حقيقة الأمر لديه الإجابة - على أي حال- حتى ذلك الوقت.

أضف تعليقك