متنفس المثقفين في الأردن هل من أحد يدعمها !

الرابط المختصر

جُمدت لسنوات، وتعدد الوزراء عليها، استثني دورها أو همش، الأمر مختلف عليه، ورغم أنها الصوت والمتنفس الوحيد للمثقفين بين الوزارات، إلا أنها الأقل حظوة بينهم.فالسياسيات الحكومية دوما تنادي بدعم ومساندة الوزارات لأجل تنفيذ مشاريعها وبرامجها، فهل هي بينهم أم أنها الهامش الوحيد في الحكومات المتعاقبة!



إنها وزارة الثقافة، والتي تسعى من خلال حزمة قرارات حكومية داعمة لها وعبر دعم مؤسسات أرادتها شريكاً في الحياة الثقافية الأردنية، أن تكون خير صديق للهيئات الثقافية المحلية الخاصة رغم انجازاتها "المختلف عليها".



ما لها وما عليها، لا يهم. طالما أن بإمكانها أن تكون الداعم لأي حراك ثقافي قد يحدث، أو السند لأي مشروع قد يقام، وهو ما تعتقده وزيرة الثقافة السابقة أسمى خضر، "الوزارة ليست سوى مُيسًرا للجهود الثقافية في المملكة".



ومن هنا، يحارب العاملون داخلها، لأجل "ضرورة استشارتها والرجوع لها"، بأي مشروع أو برنامج ثقافي، وتحديدا الفردي منه، "لما لا، فهي مبنى معلق عليه يافطة مكتوب عليها وزارة الثقافة، وكائنة خلف مبنى جبري للحلويات ويعمل فيها موظفين يتقاضون رواتبا" يعلق أحد المثقفين رافضا ذكر اسمه.



هي بحاجة إلى مناخ من الاستقلالية والحرية، وليست بالضرورة أن تكون هي "المعلم" في الساحة الثقافية، فالمشروع الثقافي يجب أن تساند فيه الهيئات والروابط الثقافية من المجتمع المدني وليس على عاتق الوزارة وحدها.



وزارة الثقافة من أكثر الوزارات التي تغير وزيرها، تعلق خضر "الأساس، إذا تبنت وزارة الثقافة خطة وإستراتجية عمل، تواكب أكثر من شخص لمواصلة التنفيذ هذا لا يضير والذي يضير هو أن نتردد في تنفيذ الخطط الموضوعة، وأنا في هذه المرحلة أشعر بارتياح لأن هناك رؤية ذات طابع استراتيجي وهناك وزير يسعى لتطبيق هذه الرؤية وتطويرها ويتخذ خطوات عملية في هذا الاتجاه وهذا هو الضمانة".



ورغم التفاؤل الذي يبديه أكثر من مثقف ومسؤول في الوزارة، فهي "من أكثر الوزارات قلة في النفقات" لأن ثمة جهات أصبحت فاعلة في الحراك الثقافي وهنا يظهر دور أمانة عمان الكبرى والتي قامت منذ سنوات بدعم نتاج المثقفين عبر المساهمة في إصدار كتبهم، وتأسيس مراكز لإقامة الفعاليات مجاناً، ووظفت كتاب لديها "برواتب عالية" متزامنا ذلك مع تعزيز مؤسسة عبد الحميد شومان التابعة للبنك العربي من برامجها الثقافية، وهي "عدوى" دفعت البنك الأهلي الأردني من دعم الكتاب الأردنيين عبر إصدار كتبهم على نفقاته الخاصة.



وفي خضم التهافت على إقامة الفعاليات وتكريس كل مؤسسة اسمها في الساحة الثقافية؛ تكسب الوزارة "قلة الاعتماد عليها" وأيضا في الوقت نفسه تخسر "الدعم الحكومي لها من باب أولويات النهوض بالمشاريع التنموية".



"المعنيين بالثقافة عليهم أن يتعاونوا وأن يدعموا المبادرات الإيجابية وأن يقدموا رؤيتهم وتوجهاتهم وجهودهم لدعم مبادرات الوزارة، فالوزارة لا يمكنها لوحدها أن تحقق رؤية الوسط الثقافي بدون تعاونه، ومبادرته في تقديم المقترحات والأفكار، وحتى مباشرة مشاريع وبرامج من تلقاء نفسها، وهو أمر نشهده وهناك عدة هيئات ثقافية لها حضورها القوي في الساحة الثقافية".



وتضيف الوزيرة السابقة " ليس من المطروح أن تكون وزارة الثقافة اللاعب الوحيد أو الرئيسي في الساحة الثقافية، هي تيُسر وتدعم وتساهم وتفسح المجال لتنسيق الجهود بين الجهات المختلفة".



وتعتمد الوزارة على المديريات الموزعة في مناطق المملكة، لأجل دعم الحراك الثقافي في كل منطقة، ولعدم مركزية القرار في الوزارة، ومن هنا قرر وزير الثقافة الحالي دكتور أدب في اللغة الإنجليزية، عادل طويسي بإعادة فتح أربع مديريات جديدة للثقافة في محافظات اربد والزرقاء والكرك ومعان.



ذلك القرار جاء "ضمن خطة الوزارة لإعادة افتتاح مديريات الثقافة في محافظات المملكة بعد أن تم إغلاقها منذ أكثر من ثلاث سنوات" ومن هذا الباب فالوزارة تعمل على إحياء دورها في مناطق المملكة؛ مصرحة في أخبارها المنشورة أنها ستعمل على "إعادة الاعتبار لمديريات الثقافة في المحافظات والنهوض بالعملية الإبداعية وإيجاد بيئة مواتية للإبداع والتطور الثقافي وتنشيط الثقافة في المحافظات من خلال إيجاد بيئة ثقافية تقوم بمسؤولياتها تجاه هذه العملية".



دورها، يشهد مرحلة انتقالية من "على الهامش" أو حتى "التهميش" -ساهم فيه القائمون على الثقافة- إلى دور يعول عليه في تفعيل الحراك بالمحافظات المملكة، ليأتي قرار الوزير طويسي بمأسسة الدعم المادي المقدم من الوزارة للهيئات الثقافية المنتشرة في تلك المناطق راميا في هذا التوجه .



لتشكل الوزارة مؤخرا لجنة "التخطيط والدعم" تابعة لمديرية الفنون والمسرح وستعمل على متابعة الخطط والبرامج في المديرية ودراسة تنفيذ البرامج وتقييم المشاريع الإبداعية المقدمة من الهيئات الثقافية على المستوى العملي ومتابعة نتائجها ودراسة تقييم الأعمال من اللجان المصغرة.



ورغم محاولة الوزارة بتقليص ما تصرفه على النشاطات، وتقييم تجربتها في المساهمة مع مؤسسات رديفة لعملها، ودعمها لمهرجانات وأيام ثقافية على استحياء، يجد المثقف الأردني نفسه وحيدا في الساحة لا يجد في وزارته سوى "رمز" لا يمكن تجميدها أو تجاوزها على اعتبار أنها "صوتهم في الحكومات المتعاقبة".

أضف تعليقك