ما واقع حرية الصحافة في الأردن؟

الرابط المختصر



 

قال موقع ميدل إيست آي البريطاني في تقرير نشر اليوم السبت إن حرية الصحافة في الأردن بخطر بعد فرض المزيد من القيود على حرية النشر كان آخرها إضافة عقوبة الحبس لمنع يخرق قرارات حظر النشر.

 

وتطرق التقرير لقرارات حظر النشر التي طالت قضايا شغلت الرأي العام الأردني الفترة الأخيرة، وحسب التقرير الذي كتبه الزميل محمد العرسان لم تتوقف عند محاضر التحقيق بل شملت تغطيات اخبارية مثل ما عرف قضية "الفتنة"، ومنع النشر في قضية نقابة المعلمين، وكذلك منع النشر في الدعوى القضائية  التي رفعها رئيس الوزراء بشر الخصاونة ضد الناشط كميل الزعبي.

 

فيما يلي نص التقرير:

 

غلظ مجلس النواب الأردني الثلاثاء الماضي العقوبة على نشر جلسات المحاكمات السرية والتحقيق الجنائي ومحاكمات الدعوى في النسب والمحاكمات التي منعت المحاكم نشرها  بالحبس حتى ثلاثة أشهر بعد أن كانت 25 دينارا في المادة 225 قانون العقوبات الاردني.

 

السلطات الأردنية توسعت العام الماضي في قضايا منع النشر في قضايا شغلت الرأي العام الأردني، من خلال قرارات الادعاء العام ولم تتوقف عند محاضر التحقيق بل شملت تغطيات اخبارية مثل ما عرف قضية "الفتنة"، ومنع النشر في قضية نقابة المعلمين، وكذلك منع النشر في الدعوى القضائية  التي رفعها رئيس الوزراء بشر الخصاونة ضد الناشط كميل الزعبي.

 

قيد جديد على الحريات

هذا الأمر يعتبر رئيس تحرير موقع جو 24 باسل العكور "تغول على القانون وترهيب وترويع الصحفيين".

 

العكور الذي أوقفته السلطات الأردنية 28 يوليو 2020 بعد أن غطى اعتصامات نقابة المعلمين، يقول لـ"ميدل إيست آي"، "لم انشر محاضر تحقيق ان قمت بتغطية اعتصامات المعلمين واعتقال عدد منهم، لذا القضاء حكم ببراءتي، ما يجري من توسع غير قانوني باستخدام المادة 225 هو ترهيب للصحفيين خصوصا اضافة التوقيف الى المادة هذا خطير وقد جديد وتضييق آخر على الحريات وتراجع عن الإصلاح السياسي".

 

تشريعات أخرى مقيدة

يخشى صحفيون اردنيون من الكتابة او انتقاد مواضع الخلل بسبب عدد من التشريعات التي تزج بهم في السجن وعلى رأسها قانون الجرائم الإلكترونية وحسب إحصائيات مديرية الأمن العام استقبلت وحدة الجرائم الإلكترونية في شهر آذار 1473 شكوى تقدم بها مواطنون ومعظم تلك الشكاوى بقضايا  "السب والشتم والتحقير والتشهير والابتزاز" .

 

لكن صحفيون زج بهم في السجون او أحيلوا للقضاء بسبب قانون الجرائم الإلكترونية مثل الصحفي المتخصص في الشؤون البرلمانية وليد حسني الذي سجل مؤخرا بحقه قضيتين إحداهما انتقاد الأوضاع في مستشفى حكومي، وأخرى لنشره بيانا رسميا من الأمن العام يتحدث عن القبض على رجل احرق وجه زوجته بالماء الساخن.

 

يقول حسني لـ"ميدل إيست آي"، "الرقابة الذاتية ارتفعت لدى الصحفيين الاردنيين اصبحنا نخشى ان نذهب الى السجن سواء بسبب قانون الجرائم الالكترونية أو قوانين أخرى اليوم اضافة الحبس لمنع النشر زاد من مخاوفنا".

 

اعلام مُكبل

يشير تقرير صادر عن مركز حماية وحرية الصحفيين في فبراير الماضي حول حرية الإعلام في الأردن في 2021 إلى تعرض الاعلام الاردني لقيود عنيفة من قبل السلطات، وأظهرت نتائج المؤشر أيضا، أن 14% من العينة المستطلعة صنفت حالة الإعلام بــ”غير حرة”، بينما رأى 40% منها بأن حالة حرية الإعلام” مقيدة”، مقابل 46% رأوها “مقيدة جزئيا”.

وحسب التقرير قال صحفيون اردنيون إن التدخلات غير المعلن عنها في عمل وسائل الإعلام، والتضييق على الصحفيين والصحفيات، ووسائل الإعلام عن طريق قرارات منع النشر.

 

واتهم التقرير البرلمان بانه يتعامل مع الإعلام كبيئة معادية، يقول عضو مجلس ادارة مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور أن “التقرير كشف أن البيئة السياسية سبب في تقييد الحريات الإعلامية، وأنه لا توجد بيئة سياسية داعمة للإعلام”.

 

يقول لـ"ميدل إيست آي"، "تضمين عقوبة السجن على منع النشر سيفاقم مخاوف الصحفيين وسيفكرون مليون مرة قبل أن يفكروا تحدي قرار منع النشر، هذا السياق يعطي انطباعا عن طريق تفكير الحكومة والبرلمان بالصحافة ووسائل الإعلام كنا نتمنى أن يكون البرلمان أن يكون نصير الاعلام وان لا يمرر هذا التعديل على قانون العقوبات".

 

يتفق معه عضو مجلس نقابة الصحفيين خالد القضاة، بأن هذا قيد جديد على حرية الإعلام "تغليظ العقوبة للحبس في حظر النشر لا نستطيع عزلها عن محاولات الحكومة المتكررة في التضييق على الحريات وتكبيل وسائل الإعلام بنصوص تفقدها دورها في تناول القضايا التي تهم الرأي العام حتى لو كانت في طور التحقيق".

 

"الصحفيون اثبتوا في مواقف عدة حرصهم على استقلالية القضاء ولكن الحكومة الحالية خاصة ومن خلفها الحكومات السابقة تسعى بكل سوء نية لجعل المؤسسات الإعلامية في مواجهة القضاء".

 

"لا يمكن عزله عن نهج الحكومة في تقييد حرية التعبير وبأساليب مبتكرة سواء التوقيف و الاعتقالات والعبث بالقوانين وصولا لتعيين قيادات للمؤسسات الاعلامية مرتجفة اليد ودعم الفاسدين فيها وتوفير اقصى حماية لهم". يقول لميديل ايست اي.

 

البرلمان "الأمر لا يمس الحريات".

 

رئيس لجنة التوجيه الوطني والإعلام والثقافة النيابية يسار الخصاونة، يرى خلاف ذلك، يقول لـ"ميدل إيست آي"، "الأمر لا يتعلق بالتضييق على حرية النشر، الأمر يتعلق بحظر النشر في قضايا منظورة أمام الادعاء العام إلا بعد الإعلان عنها".

 

"نشر المعلومات وخصوصا فيما يتعلق بحقوق الناس أثناء التحقيق قد تصيب هذا الشخص بسوء وفي النهاية يخرج براءة، أو يشكل النشر ضغط على تحقيق العدالة".

 

"لا يوجد صحفي تم اعتقاله أو توقيفه في الأردن في قضايا النشر وليس على قضايا شخصية، هناك صحفيون يتحدثون عن الملك وعن الحكومة والنواب ولا احد يوقفهم نحن كنواب ندافع عن حماية الصحفيين، الصحفيون هم القوة للوطن".

 

قانونيا

في أبريل/ نيسان 2021 حظر النائب العام الأردني، نشر أي معلومات على جميع وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تتعلق بالخلافات بين الملك عبد الله وأخيه غير الشقيق الأمير حمزة بن الحسين، إلا أن الحظر لم يقتصر على محاضر التحقيق بل شمل القضية برمتها عندما مارست السلطات الاردنية ضغوطا على الإعلام المحلي الذي غاب عن الحادثة.

 

المدير السابق لهيئة الاعلام، والمحامي المتخصص بقضايا المطبوعات والنشر محمد قطيشات يقول لميدل إيست أي إن " قانون العقوبات أعطى في  المادة (225) صفة السرية على إجراءات التحقيق وجعل الأصل حظر نشر هذه الإجراءات والاستثناء هو جواز النشر بإجازة من النيابة العامة".

 

"ويشمل نطاق الحظر نشر الأخبار المتعلقة بالتحقيق أخبار التحقيق التي يحظر نشرها تتناول بطبيعة الحال نشر محاضر التحقيق نفسها بما فيها أقوال الشهود ومحضر استجواب المشتكى عليه ومحاضر الانتقال والمعاينة وتقارير الخبراء وغيرها من إجراءات التحقيق، أما التعليقات والأخبار العامة لا يشملها طالما أن هذه التعليقات لا تتناول وقائع التحقيق".

 

"الحظر مطلق على نشر كافة أخبار التحقيقات يتعارض يقينا الابتدائية في جميع الحالات، مع ممارسة الصحافة رسالتها في خدمة المجتمع بنشر الأخبار والموضوعات التي تهم الرأي العام".

 

تقرير مركز حماية وحرية الصحفيين قال إن 51.4% من العينة قالوا إنهم تعرضوا لرقابة مسبقة من خلال إدارات مؤسساتهم الإعلامية، أو من خلال تدخل الأجهزة الأمنية بشكل كبير ومتكرر، فيما قال 34% منهم أنهم يمارسون رقابة ذاتية، وهي نسبة مرتفعة استمرت على مدى عشر سنوات ولم تنخفض عن حاجز 91% في استطلاعات رأي الصحفيين التي أجراها المركز.