ما تأثير وانعكاس رفع الفائدة في أمريكا على اقتصادات الدول النامية؟
رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الفائدة يوم الأربعاء بمقدار نصف 0.5% في أكبر زيادة خلال 22 عاما ويتوقع ان يستمر الرفع خلال الشهرين القادمين وذلك لمعالجة التضخم الذي تواجهه الولايات المتحدة وهو أشد تضخم تواجهه الولايات المتحدة منذ ٤٠ سنة
في هذه الومضة الاقتصادية سنحاول الاجابة على سؤالين:
الاول: لماذا رفع الفائدة و علاقته بالتضخم
الثاني : ما هو تأثير وانعكاس رفع الفائدة في أمريكا على الاقتصادات الدول النامية؟
الإجابة على السؤال الأول وسبب رفع الفوائد على القروض في هذا الوقت و خصوصاً وقت التضخم يعود لعدة اسباب:
1. هذا إجراء اقتصادي معروف و اصبح عرف لكبح جماح التضخم .
2. النظريات تقول من أسباب التضخم توفر الأموال لدى الناس أو الشركات او غيرها (سواء كاش او قروض) فيقوموا بانفاقها على المعيشة اليومية والترفيهية أو حتى تخزين بضائع (كأن تقوم ام بشراء احذية جديدة لأولادها بمقاس اكبر لاستخدامها العام القادم لأن اسعارهم سترتفع ) او تحت حجة ان السيارات سوف ترتفع اسعارها يقوم رجل بشراء سيارة جديدة ليس بحاجة ماسة إليها!!
3. المختصر في حالة التضخم تلجأ البنوك المركزية لرفع الفائدة و ذلك لتقليل النقد المتداول ما بين الناس/الشركات .
4. في حال الفائدة المنخفضة يزداد الإقراض و تزداد الأموال و تزداد الانفاق و معظمها على الأمور الكمالية و لكن برفع الفائدة يقل الاقتراض الجديد فتقل الأموال ويقل الانفاق .مثلاً أخذ قرض لشراء منزل او ثلاجة و يوجد مقياس مشهور في امريكا هو معدل شراء السلع المعمرة و ايضا معدل فوائد الرهونات المنزلية
5. القروض القديمة ترتفع اقساطها فتقل الاموال مع الناس و يتم عمل جدول اولويات الانفاق .. و معظم الشركات تخفض النفقات
6. من يملك اموال (برفع الفائدة) يفضل أن يدخرها لكسب أرباح الفوائد على ان يقوم بانفاقها فتقل الأموال المتداولة وهذا ماعملته مصر بطرح شهادات بفائدة 18% فخلال شهر سحبت حوالي 600 مليار جنيه من السوق !! وجمدتها!!
7. عند قلة الأموال يقل الصرف و يقل الشراء و يقتصر على الضروريات .
8. و لهذا تتراكم البضائع و يزيد المعروض و يقل الطلب فتنزل الاسعار فينزل التضخم.
9. للاسف بعض الدول قد تلجأ لتقليل الأموال الى رفع الضرائب و الرسوم .( لا احد يبلغ حكومتنا بذلك )
10. طبعا هذه إجراءات تقوم بها دول عظمى اقتصادها كبير جدا فمثلا أثناء التضخم العظيم في أمريكا بداية الثمانينات لجأ المجلس الفيدرالي الأمريكي الى رفع الفوائد و وصلت الى 20% على شهادات الإيداع الأمريكية (كما في الصورة المرفقة)
هل البنوك تستفيد برفع فوائد القروض ؟؟
على عكس الشائع ،في البداية عند الفوائد المنخفضة يزداد الإقراض فتستفيد (لاحظوا أرباح البنوك في السنتين الماضيتين كانت فوق المميزة ) و لكن عند رفع الفوائد ستتضرر و بشدة لان الايداع سوف يزداد و مطلوب منها دفع فوائد على للمودعين وبنفس الوقت الاقتراض سوف يقل (لتكلفته العالية ) و البنوك عملها هو بيع النقد المودع بهامش الفائدة .. فيتراكم النقد و يمكن ان يصل الامر لرفض الودائع الجديدة !!
الأمر الأخير : نحن مجرد دول تابعة (الأردن و دول الخليج ) اقتصادنا و عملاتنا مرتبطة بالدولار و لهذا أي إجراء يقوم به الأمريكان يجب على الفور أن نقوم به رفعوا الفوائد ..فيجب علينا نرفع الفوائد.
ما هو سبب التضخم : أما زيادة الطلب (الوفرة النقدية) او شح العرض … و سوف اقوم بشرح سبب التضخم الحالي قريبا ً
السؤال الثاني : ما هو تأثير وانعكاس رفع الفائدة في أمريكا على الاقتصادات الدول النامية؟ هنالك تاثيرات منها:
- ابسط شي ؛ سحب الدولارات من أسواقها لايداعها في امريكا او سندات الخزينة الامريكية ، مثلا لو عندك بيت و مليون دولار .. ستقوم ببيعها و تحويلهم لأمريكا واستغلال سعر الفائدة الجيد بدل من الاحتفاظ بهم في بلدك
- الأمر الثاني ..سيصبح المعروض من الدولار شحيح لأن معظمه يتم ادخاره وبالتالي سترتفع العملة الامريكية (شح المعروض يزيد السعر ) و بالتالي الدول التي اقتصاداتها هشة لن تستطيع تمويل احتياجاتها بالدولار و ستنزل عملتها
- ثالثاً : و ايضا لتجنب ذلك ستضطر الدول النامية لرفع سعر الفائدة بعملتها المحلية لتتجاوز الدولار ،مثلا حاليا سعر الفائدة بالدولار بمصر لا يتجاوز ٢٪. و لكن الجنيه حوالي ١٨٪ (شهادات إيداع) ،فتصور لو وصلت سندات الخزانة الامريكية ١٥٪ فكم يجب ان تكون سعر الفائدة على الجنيه .. لا يقل عن ٣٠٪ (مثلا)
- و قبل عدة اسابيع عندما رفع الفيدرالي الامريكي نسبة الفائدة : كل الدول منها الاردن و السعودية و الكويت و غيرها رفعت سعر الفائدة على عملتها بنسبة أعلى .
- مصر نزل الجنيه و اضطرت لعمل سندات ب ١٨٪ للمحافظة على الجنيه هذا سيدمر الاقتصاد فالقروض ستتضاعف والتمويل سينعدم و غيرها
- هذا ما يسمى لعنة الدولار القوي (سعراً و نسبة فائدة )
ملخصه
- انخفاض العملة المحلية
- ارتفاع تكاليف الاقتراض والتمويل و زيادة أقساط القروض القديمة و الجديدة.
- و ضعف تدفق الدولار من الخارج و هروبه من الداخل
و ايضا الخطر الشديد يكمن في الدول الدائنة التي ستعاني من حيث ارتفاع أقساط القروض و ايضا الصعوبة الشديدة في اقتراض شديد