مأساة شخصية ومسؤولية وطنية (بعد عام...)
قبل عام، كتبت لأول مرة في حياتي مقالا صحفيا وذلك لأشارككم وجهة نظري لما يمكننا القيام به لمعالجة الوضع الكارثي فيما يتعلق بالسلامة على الطرق في الأردن، ولإعطاء وعد بأننا سنعمل أكثر ونتكلم أقل. عذراً ولكنني أب يعتصر قلبه لفقدان إبن في ريعان شبابه، وأنا متفهم وراضٍ تماما بابتلاء الله سبحانه وتعالى لي وكلي تصميم على التعايش مع هذا النزيف الداخلي. ولكن برسالة واضحة ذكرتها في مقالي الصحفي آنذاك أعود لأذكركم مقتبساً ببعض ما جاء فيها ''.... الآن ذهب حكمت ، ولكن المشكلة المزمنة التي أنهت حياته اليافعة ما زالت قائمة في الأردن، وإن لم تعالج في وقت قريب، فللأسف ستفقد أسر أخرى أباء وأمهات وبنات وأبناء ونحن في غنى عن هذا.
لقد توفي حكمت، ولكن روحه وأفعالنا قد تنقذ حياة العديد من الأشخاص بمن في ذلك المشككون في نوايانا. إن روحه البريئة تلح علينا بضرورة تحويل هذه المأساة الوطنية إلى عمل إيجابي، بل إنها تدعونا لتركيز كل طاقاتنا فيها تاركين المرتابين خلفنا، والذين أصلي على أمل أن ينضموا إلينا ويشاركوننا العمل يوماً ما.
الآن وبعد مرور عام على انطلاق الاستراتيجية الوطنية للسلامة على الطرق، فإننا (حكومة وشعب) كنا قادرين على الحد من الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق بنسبة 25%، والإصابات بنسبة 22%، مع الأخذ في الإعتبار أن المملكة المتحدة أظهرت خلال السنة الأولى من تنفيذ إستراتيجيتهم ازديادا في عدد الوفيات بنسبة 2,1%، في حين كانت هولندا الأفضل في العالم بنسبة 1,7%.
نعم، هذا إنجاز كبير بالنسبة لنا جميعاً ولكنه ليس انتصاراً. هذا ما تم التأكيد عليه في اللقاء مع جلالة الملك عبدالله الثاني حيث كرر رئيس الوزراء ورئيس جهاز الأمن العام قولهما من جديد بأن عام 2009 هو عام اختبار وتحدي ولن يكون هناك أي تراخٍ بل تنامٍ في الجهود. ومن هذا المنطلق، علينا جميعاً أن نتحدى أنفسنا لتخفيض نسبة الوفيات والإصابات على الطرق في عام 2009 والأعوام القادمة.
وبناءً على تجربتنا في عام 2008 فمن المهم أن يقوم تركيزنا على المبادئ الرئيسية التالية: عقلية إرادة وإنجاز: نؤمن بأن بمقدورنا الإنجاز والنجاح، فليس مكتوبٌ علينا أن نقرأ عن هذه النجاحات في بلدان أخرى. الإنسان يُهزم من الداخل إذا استسلم للأفكار والنظريات المحبطة، ولكنه ينتصر إذا تسلح بالإرادة والجهد الذكي والمستدام.
تجربة العمل الجماعي، (حكومة وشعب): لا نملك خياراً آخر سوى العمل معا، يداً بيد، وليس العمل ضد بعضنا البعض. لقد نجحت هذه الشراكة، التي لفتت انتباه العديد من الدول الأخرى في المنطقة وحول العالم وجعلتهم يدرسون ما قمنا به في إطار هذه الشراكة، حيث وضعنا اللبنات الأولى لبناء علاقة جماعية فعالة، فدعونا نوسعها، لا أن نتردد ونستخف بها.
المزيد من العمل والقليل من الكلام: على كل واحد منا أن يؤدي واجباته بكل فخر وانضباط من أجل تنفيذ الحلول الصغيرة والمتابعة لمعالجة المشاكل الجليّة. فنحن بدورنا كسائقين ومشاة، علينا أن نكون أكثر وعياً وحرصاً على الإلتزام بأخلاق وقواعد استخدام الطريق. وعلى دائرة السير مواصلة تطبيق القانون باستخدام تقنيات ذكية ومتقدمة. أما بالنسبة للسلطات المحلية، فعليها مواصلة إصلاح ما تبقى من النقاط السوداء بأقصى جهد ممكن والإنتهاء منها بنهاية هذا العام. وعلى أمانة عمان الكبرى مواصلة عملها فيما يخص إستراتيجية النقل العام وجعل عمان أكثر صداقة للمشاة. وأخيرا يجب على الآباء والأمهات والمعلمين أن يكونوا قدوة لأطفالنا بإلتزامهم بسلوكيات وآداب استخدام الطريق، وأن يثبتوا لهم بأننا شعبٌ قادر على العمل والإلتزام والمبادرة والإنجاز.
وباختصار فإن هذا الهدف المنشود لا يمكن أن يتحقق إلا إذا عملنا معاً دون كلل أو ملل، وتوقفنا عن إلقاء اللوم على بعضنا البعض. لذا علينا تقليل الكلام والقيام عوضاً عن ذلك بمزيد من العمل.











































