ليالي التراث تنعش سكون العقبة

الرابط المختصر

تسهر مدينة العقبة كل ليلة خلال شهر رمضان المبارك في ساحة الثورة العربية الكبرى، على غير عادة المدينة الهادئة التي تنام باكراً. والسبب ليس الجو البارد الذي بدأ يهب على المدينة الساحلية الوحيدة في المملكة، التي يسمونها "ثغر الأردن الباسم"، وإنما "ليالي مهرجان العقبة في رمضان".ساحة الثورة العربية الكبرى، المحاذية للشاطئ والقريبة من سارية مرتفعة تحمل علم "الثورة العربية الكبرى"، تحفل بأكثر من نشاط في الوقت ذاته. فهي تتضمن مسرحاً يقدم فيه فنانون كوميديون اسكتشات ساخرة، ويقدمون مسابقات تحمل للفائز فيها من الجمهور جوائز عدة. المسرح ذاته يستقبل أيضاً فرقاً شعبية مثل فرقة نادي العقبة للفنون الشعبية وسواها من الفرق الغنائية. هناك أيضاً في الساحة، مكان على الجانب الآخر منها، مخصص لعرض أفلام سينمائية قصيرة لمخرجين أردنيين شباب، وبعض مسرحيات كوميدية شهيرة مثل مسرحيات عادل إمام "شاهد ما شفش حاجة" و"الزعيم" وسواهما.



تبدو هذه النشاطات جهداً واضحاً بذلته سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة لجذب الجمهور المحلي خصوصاً إلى المدينة في شهر رمضان، استعداداً لأيام عيد الفطر. فأيام رمضان في المدينة شحيحة بالسياح المحليين، على عكس أيام العيد التي تشهد ازدحاماً كبيراً في المدينة الصغيرة، باتت تعرفه جيداً، وتستعد لاستقباله كل عام.



المسرح الرئيسي المقام في الهواء الطلق، يظل هادئاً طيلة فترات عروض الاسكتشات الكوميدية، ويعلو الصخب قليلاً عند بدء المسابقة وتوزيع الجوائز على الحاضرين، لكنه ما يلبث أن يتحول إلى صراخ و"تهييص" عند حضور الفرق الشعبية لتبدأ الغناء. وأكثر هذه الفرق شعبية في المدينة هي الفرقة المحلية، فرقة نادي العقبة للفنون الشعبية، الوحيدة في المملكة التي تعتمد على التراث الغنائي البحري.



والفرقة المكونة من عازفين ومغنين هواة، يترأسهم عازف الآلة الغريبة على الجمهور "السمسمية". فالجمهور الأردني معتاد في الغناء الشعبي على وجود آلات قليلة ضمن الفرقة، أبرزها الربابة والشبابة والطبلة. وبروز آلة جديدة هنا يعني مزيداً من الفرح والسرور والأغنيات الشعبية غير المعروفة في مناطق كثيرة من المملكة. فالتراث الغنائي البحري في الأردن غائب عن المشهد، لتسيد الغناء البدوي بآلاته الموسيقية ونمطه اللحني الواحد تقريباً.



من هنا، يبدو نجاح حفلات فرقة "نادي العقبة للفنون الشعبية" نجاحاً لمدينة العقبة وتراثها الغنائي الفريد، والقريب جداً من الأغاني اليمنية وأغاني مناطق السويس وبور سعيد المصرية. لذلك تسمع الفرقة تغني بعضاً من أغنيات أبو بكر سالم القديمة، وأغنيات بحر خليجية أخرى، إضافة إلى أغنيات مصرية مثل "بتغني لمين يا حمام".



وأحد أهم أسباب إقامة المهرجان والسهرات هذه التي تعيشها العقبة في شهر رمضان، هو محاولة إبعاد الفكرة النمطية المأخوذة عن المدينة، والتي تتركز في كونها مدينة معدة للسباحة والتسوق فقط. والسبب في هذا أن المدينة باتت منطقة اقتصادية خاصة غير خاضعة للرسوم الجمركية منذ سنوات قليلة، ما جعلها قبلة للتسوق، على رغم بعدها عن مراكز التجمع السكاني في وسط المملكة وشمالها.


أضف تعليقك