لوحات فنية للتجارة..ولأثاث المنزل

الرابط المختصر

تنتشر في العاصمة عمان، وتحديداً في منطقة وسط البلد وجبل الحسين، محلات متخصصة ببيع اللوحات والبراويز الفنية والمرايا، مركونة على حيطان المحل، أو مصفوفة عند مدخله، تنتظر من يأتيها من الناظرين لأجل الشراء، أو النظر –في الغالب-. هل يوجد اهتمام؟ هناك "اهتمام، لكنه متفاوت" بحسب أصحابها وخاضع للأذواق والفصول، بمقابل ذلك هناك كم هائل من اللوحات معروضة في المعارض والمتاحف الفنية وجاليرهات الفنادق، ولا تزيد عن تلك اللوحات المعروضة في المحلات مهارة رسامها وإبداعه.



الأسعار المرتفعة وانحسار عرضها في أماكن ثقافية نخبوية، أسباب تجعل اللوحة تقبع في مكانها لفترات زمنية طويلة إلى أن تُرحّل إلى مستودع أو مرسم صاحبها لفترات ليفضي بها الأمر إلى محل مختص ببيعها، وبمقابل ذلك قد يأتي ثري أو مسؤول دولة ويقوم بشراء لوحات هذا الفنان دعماً له أو بالأحرى "دعماً للحراك الفني في البلد فقط" لكنها تعتمد على شهرة الرسام.



لكن، بإمكان من يهوى اقتناء اللوحات ولا يستطيع الشراء، عليه زيارة المحلات المختصة ببيع اللوحات، ويشتري ما يريده وبأسعار تصل في أحيان كثيرة إلى الدينارين وثلاثة، وبأسعار لا تتجاوز الخمسين دينارا لأجمل وأكبر اللوحات، مع الإشارة إلى أن جمالية اللوحة وجهد صاحبها المبذول يحددان سعرها.



بغرض الديكور والزينة..

ما هي رغبات زائر المحل، وهل هناك طلب كثيف على اللوحات، يقول محمد عاصم العطار، صاحب محل لوحات فنية -زجاج مرايا وبراويز-، وسط البلد، "الإقبال كثيف هذه الأيام على اللوحات التجريدية"، وعن الأسعار "كل فنان له أسلوبه ومكانته الاجتماعية؛ وبالتالي يتحدد سعر لوحته. لكن بما أن محلي واقع بوسط البلد، فلا توجد تلك الأسعار المرتفعة".



أكبر وأجمل لوحة تتوفر في المحل، يبيعها محمد بمبلغ 50 ديناراً، وأرخص لوحة يصل سعرها دينارين أو ثلاثة، ويبيع لوحات لمناظر طبيعية وآيات قرآنية وأحرف عربية وبورتريهات، إضافة إلى لوحات مستشرقين.



لوحات لأثاث المنزل..وللديكور

ويتعامل المحل مع مجموعة كبيرة من الفنانين، المعروفين والمغمورين، ويقول محمد "منهم المعروفون على مستوى العراق، أكثر من الأردن، لأن تذوق الأردنيين للفن ضعيف بمقابل العراقيين، الذين قطعوا أشواطا بالفن، فهناك زبائن يأتون ويطلبون لوحات فنانين بالاسم ولهم باع طويل بالفن وكذلك فنانين جدد".

هل جمالية اللوحة يحدد سعرها؟ "أحياناً، لكن حسب من رسمها".



لون اللوحة يجب أن ينسجم مع لون الستائر

في موسم الصيف، تزداد الحركة والإقبال على شراء اللوحات، وهناك عائلات ترحل من بيت إلى آخر ويقومون بشراء لوحات للتزين بها، "وفي موسم الشتاء نقوم بتحضير لوحات للصيف المقبل"، ويرى محمد أن المواطن الأردني لا يتمتع بـ"الثقافة الفنية، "فالكثير منهم يأتي ويقول لي طقم الكنب لدي أخضر وأريد لوحة يغلب عليها اللون الأخضر، بغض النظر عن موضوعها. للأسف يبحث عن اللون فقط، وآخرون يبحثون عن الآيات القرآنية مثلا آية الكرسي كي تحفظ البيت، لكن على أن تكون خضراء لتوائم أثاث البيت".



"نعتمد على الفنان العراقي أكثر شيء"، يقول جلال العدوي، الذي ورث مهنة بيع اللوحات والزجاج عن أبيه، "أبيع لوحات من جميع الأصناف رسم زيت، وطبيعية وتجريدية، والإقبال من جميع المواطنين".



ويعزو جلال الاعتماد على الفنانين العراقيين إلى عدم كثرة الفنانين الأردنيين، وازدياد عدد الفنانين العراقيين المتواجدين في الأردن، ولأن التعامل مع الفنانين الأردنيين صعب، "نشتري اللوحة من الفنان العراقي بسعر زهيد لا يتجاوز الثلاثين دينارا في أكثر الأحيان والفنان الأردني يطلب مبلغا لا يقل عن الثلاثمائة دينار، فمن من سنشتري".



ويتحدث جلال عن مستوى زبائنه في الشراء، "أغلى لوحة لدي لا تتجاوز السبعين دينارا وأقلها خمس دنانير". وعن إقبال الناس " الإقبال لدينا في الصيف؛ وذلك بسبب تواجد المغتربين".



كيف يتم التعاون مع الفنانين؟

"في الغالب هم يأتون للمحل ويتم الاتفاق معهم وبالتالي إذا أعجبتني اللوحة أشتريها فوراً وذلك عكس غيري من المحلات الذين يعرضونها فقط".



فنان برسم التجارة !

رسام عراقي رفض الإفصاح عن اسمه تحدث عن لوحاته التي يبيعها لمحل جلال، قائلاً " لوحاته فنية إسلامية وحروف إسلامية، لأن تخصصي غرافيك وليس تشكيل، ويوجد كثير من فنانين يتعاملون مع هذا المحل وغيره الكثير، ومنهم مختصون بالفنون التشكيلية وفن البوروتريه وبالمقابل هناك زملاء يشتغلون بالحروف الإسلامية، أحب العمل باللوحات الإسلامية وتوظيف فن العمارة الإسلامية مع الخط العربي، ومع المنمنمات البدوية والعربية والفضيات والألوان الدافئة، والتي هي الأحمر وتدرجه والأصفر، بالمقابل لا نستخدم التريكواز".



هل تتعامل مع محلات أخرى ؟

"أتعامل مع عدة محلات، وبنفس الوقت لدي زبائن لي يطلبون وأقوم بعمل ما أرادوه لهم".



الكثير من الفنانين عندما ينجزون لوحة لا يستغنون عنها، هل قمت برسم لوحة ولم تبعها، "لعل الظروف الاقتصادية التي يمر بها الرسام، يدفعه إلى البيع، وهذا الأمر يحتم على الفنان أن يدخل في الجو التجاري".



هل ينطبق هذا على الفنان العراقي تحديدا؟

"ليس تحديدا، لكن الفنان العراقي بطبيعة الحال وبسبب الأوضاع التي يمر بها العراق لجأ للأردن، وهذا وضع طبيعي؛ عولمة الفن من السابق وليست وليدة الوضع الراهن".



كم لوحة تنجز في الشهر؟

"أنا مزاجي، لكن ثمة ظروف تحتم علي ذلك، وهي بالتأكيد اقتصادية، ولا ننسى أن سعر اللوحة، قد تذبذب وذلك لكثرة العرض، فهناك الكثير من اللوحات تأتي من الدول الأوروبية".



فن للتجارة وفن للمتعة

"أن يتخذ رسام ذلك الفن كعمل، فهو مضطر أن يكون في التجارة والبيع، وهناك فنانون ينجزون أربع لوحات أو خمسة في السنة، ويقومون بمعارض من حين إلى آخر وبالنهاية كلاهما فن". يقول ذلك الفنان.



فن للتجارة وفن للمتعة، طريقتان لتناول فن يتنازع عليها رسامون؛ قسم لأجل عرض الإبداع والتواصل، وقسم لعرض الإبداع والعيش من وراء بيع اللوحة، ومحلات تجد في ذلك الأمر تجارة مربحة ومصدرا للعيش.



وأيضا، "أن تجعل الزبون يتأقلم مع اللوحات التي يشتريها لأجل الزينة، بحيث تصبح أخيراً جزءاً لا يتجزأ من بيته وبالتالي يصبح لديه ثقافة فنية".