"لا عفو عام"

نفى رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة وجود تعديل وزاري مرتقب على حكومته، قائلا: "لا تعديل وزاريا".

 

كما نفى الرئيس أي توجه لإصدار عفو عام في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن العفو العام لا يصدر إلا بقانون، ولا توجه لذلك حاليا.

 

حديث الخصاونة جاء استضافته في برنامج نيران صديقة عبر عمان تي في. 

 

هذا ودفعت تداعيات جائحة كورونا وما خلقته من أوضاع اقتصادية بسبب إغلاق القطاعات، نوابا إلى توقيع مذكرة اقترحوا من خلالها إصدار قانون عفو عام بغية "حفظ الأمن المجتمعي والتخفيف عن كاهل المواطن".

 

وكان آخر عفو عام أقرته الحكومة في 2018 استثنى منه جرائم التجسس والخيانة، والإرهاب، والقتل العمد، أو تجارة المخدرات، وهتك العرض.

 

وبحسب الدستور الأردني فإن العفو العام يمر بمراحل حيث تضع الحكومة مشروع قانون وتحيله إلى مجلس النواب ليوافق عليه، ثم يحتاج إلى موافقة مجلس الأعيان قبل أن يصادق عليه الملك.

 

النائب خليل عطية، متبني المذكرة يشير  إلى وجود "مبررات قانونية واجتماعية ونفسية لإصدار العفو العام"، قائلا إن "ما تقدمنا به هو مذكرة لسن مشروع قانون، وإذا وافق عليها مجلس النواب فإنها تصبح ملزمة للحكومة في نفس الدورة، أو الدورة التي تليها، وعلى الحكومة أن ترسل مشروع القانون إلى المجلس تماشيا مع أحكام المادة (95) فقرة (أ) من الدستور الأردني وأحكام المادة (70) من النظام الداخلي لمجلس النواب".

 

 وتعكف السلطات الأردنية على تعديل قانون التنفيذ حيث أرسلته إلى مجلس النواب للنقاش، ونص التعديل الحكومي على عدم حبس المدين وخاصة بين الأصول والفروع، وفي الديون التي تقل عن 5 آلاف دينار، بحسب ما قالت وزيرة الدولة للشؤون القانونية وفاء بني مصطفى.

 

ويرى المستشار القانوني في منظمة "محامون بلا حدود"، معاذ المومني أنه "لا يمكن الاستمرار في حبس المدين حسب المواثيق الدولية كون ما قام به هو التزام تعاقدي ولا يمكن اعتبار عدم الالتزام بأنه جريمة، إذ يخالف حبس المتعثر المالي المادة 11 من العهد المدني الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي اشترطت منع سجن الإنسان بعد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي".

 

ويتابع: "أمر الدفاع 28 تم تمديده لنهاية شهر حزيران/ يونيو القادم، في وقت طرحت الحكومة مسودة مشروع قانون التنفيذ، وكما وصلني من معلومات سيقر مشروع القانون قبل نهاية شهر حزيران/ يونيو المقبل قبل انتهاء أمر الدفاع رقم 28، بحيث لا يحبس من هو مدين بمبلغ أقل من 5 آلاف دينار"، مضيفا: "مع ذلك فإن الدولة مجتمعة بما فيها الحكومة والبرلمان ومؤسسات المجتمع المدني مطالبة بإيجاد مقاربة حقوقية معقولة في ما يتعلق بحبس المدين وحلول أخرى مستدامة تعزز الأمن والسلم المجتمعي". مضيفا "الحبس ليس حلا للمدين المعسر".

 

ولا يقتصر التعثر المالي على الرجال، فقد كشف تقرير صادر عن شبكة مؤسسات التمويل الأصغر في الأردن أن 68% من المقترضين نساء، بينما نقلت جمعية تضامن النساء أرقاما عن وزارة العدل تبين وجود 62 ألف أردنية غارمة و23 ألف محكوم عليهنّ  في قضايا تعثر دون الألف دينار.

 

وفي محاولة للتخفيف من عدد الغارمات أطلق الملك عبدالله الثاني مبادرة في عام 2017 أطلق عليها "أردن النخوة" لسد ديون الغارمات من خلال صندوق الزكاة ضمن مبالغ معينة، الا أن ذلك لم يحل المشكلة.

 

النائب موسى هنطش من أنصار إصدار عفو عام، يرى ضرورة "منح فرصة من جديد للشباب خصوصا"، قائلا "نسعى ليكون العفو في هذا العام خصوصا مع تفاقم المشاكل المالية بين الناس، ولا نريد شمول تاجر المخدرات والقتلة والاغتصاب، نريد فرصة لمن ارتكب مخالفة لمرة أولى، الجو مشحون بالأردن، هناك بطالة والشباب لا يجدون عملا، وهؤلاء يجب استيعابهم إذا ارتكبوا أخطاء".

 

ويحذر أستاذ علم الاجتماع، حسين الخزاعي، من "أضرار اجتماعية واقتصادية وأمنية على المجتمع في حال حبس المدين، ويقول ": "بقاء المدين يعمل وينفق على أسرته ورفد المجتمع والسوق بدخل أفضل من سجنه دون فائدة".

 

ودعا الخزاعي إلى ما يسمى بـ"العدالة التصالحية بين أفراد المجتمع من خلال تراضي المدين مع صاحب الدين، وترك المجتمع لحل المشكلة لأن هناك آثارا نفسية وتفكك الأسر والتشرد في حال حبس المدين وإخلاء المستأجرين"، متسائلا: "هل لدينا مراكز إصلاح لاستيعابهم، إذ أن مراكز الإصلاح تحوي ستة آلاف نزيل زائد عن العدد المقرر، بنسبة إشغال بلغت 140%".

 

ويطالب الخزاعي بـ"تمديد أمر الدفاع رقم 28، مؤيدا العفو العام والخاص كون مكرري الجرائم 39% مقارنة مع من يدخل لأول مرة السجون نسبتهم 60%، مع استثناء جرائم ماسة بأمن الدولة، وتلك التي لا يوجد بها إسقاط الحق الشخصي لإعطاء النزلاء فرصة كي لا يرجعوا إلى السجون".

 

ويبقى السؤال الذي لا يجد جوابا في أروقة الحكومة الأردنية هو عن كيفية خلق توازن بين المدين والدائن والتفريق بين المتعثر ومن لا يريد الدفع، مع الحفاظ على السلم المجتمعي في بلد يعاني من أزمة اقتصادية خانقة؟

 

أضف تعليقك