لا ثقافة جنسية تحمي أطفالنا من الاعتداءات

الرابط المختصر

"تعرضت لأسوأ عملية جنسية يمكن أن يتعرض لها طفل، فقد تم اغتصابي جماعيا من قبل أقاربي (حوالي سبعة أشخاص)، ولم استطع أن اخبر والدي. كنا في زيارة عائلية بمناسبة عيد الأضحى لهؤلاء الأقارب عندما حدث ذلك والأسوأ من ذلك قام هؤلاء الأقارب بإخبار بقية أقربائي، فقام اثنان من أقاربي وهما لم يشهدا الحادث بتهديدي إما أن يخبروا الناس بما حدث أو أمكنهم من نفسي، فمكنتهم من نفسي! حدث ذلك وأنا في السابعة من عمري، لكني أيضا قمت باغتصاب ابن الجيران وقريب لي بعد هذه القصة. أتمنى لو عاد بنا الزمان إلى الوراء لتلافي مثل هذه الأخطاء الفادحة غير القابلة للإصلاح! كيف سينظر إلي أبنائي إذا أخبرتهم بما حدث؟ لي هل سأفقد احترامهم لي؟" هذه كانت قصة رواه احد الأشخاص مع تجربته مع الاعتداءات الجنسية.



تعريف الاستغلال الجنسي لجسد الطفل:

"هو اتصال جنسي مع طفل بالغ من أجل إرضاء رغبات جنسية عند الأخير مستخدماً القوة والسيطرة عليه " (لوجسي، 1991؛ ميكلوبتس؛ لفشيتس، 1995) هذا الاستغلال يعرف على انه دخول بالغين وأولاد غير ناضجين وغير واعين لطبيعة العلاقة الخاصة جدا وماهيتها، كما أنهم لا يستطيعون إعطاء موافقتهم لتلك العلاقة والهدف هو إشباع المتطلبات والرغبات لدى المعتدي، وإذا ما حدث داخل إطار العائلة من خلال أشخاص محرمين على الطفل فيعتبر خرق ونقد "للتابو" المجتمعي حول وظائف العائلة ويسمى سفاح القربى أو (قتل الروح) حسب المفاهيم النفسية وذلك لأن المعتدي يفترض عادة أن يكون حامي للطفل، ويعرف سفاح القربى حسب القانون على انه " ملامسة جنسية مع قاصر أو قاصرة على يد أحد أفراد العائلة" .



ما رأي علم النفس في القضية؟

يعرف استشاري الطب النفسي د. محمد الحباشنة الاعتداء الجنسي هو أي تصرف يحمل معنى الجنس سواء بإرادة أو دون إرادة وهذا يحمل معنى اللمس الجنسي للأعضاء التناسلية للمسيء والمشاهدة للنشاط الجنسي من أفلام وصور أو خلع ملابس الطفل ويشمل الاعتداء التجسس والنظر إلى الأطفال أثناء تواجدهم في الأماكن الخاصة، وهناك قضية مهمة هي المزاح في هذه القضية كان يتحدث الأب مع ابنته عن مفاتنها هذا أيضا يعتبر اعتداء .

ما هو سلوك المعتدى عليه جنسيا؟

دكتور الطب النفسي وليد السرحان ينصح الأهل بمراقبة سلوك الأطفال الذي يدل على ما إذا تعرض الطفل لاعتداء أم لا، ويقول " على ولي الأمر أن يكون مراقبا لأي تغير في سلوك الطفل وانفعالاته، فالطفل في العاشرة من عمره مثلا يلعب مع أقرانه ومفهوم النمط الذي يعيش فيه واضح، فإذا حدث تغير مفاجئ في سلوك الطفل كان ينعزل على الآخرين أو يبكي دائما ويرفض الخروج من البيت، يدل هذا التغير على وجود مشكلة يعاني منها الطفل وقتها علينا التقرب منه ومعرفة المشكلة بدلا من معاقبته وإذا تعذر على الأهل لمعرفة المشكلة عليه اللجوء لأهل الاختصاص والمعرفة ويعرضوا عليه التغيرات التي مر بها الطفل".



لكن كيف يتصرف الأهل مع الطفل المعتدى عليه جنسيا؟

بهذا الخصوص يتابع الدكتور وليد سرحان " إذا كان الاعتداء بسيطا ولا يمثل نمط يومي يكفي من الأهل ان يتناسوا ذلك الاعتداء والطفل لن يكون مهتم بتفاصيل الاعتداء غالبا، لكن اذا كان الاعتداء كبيرا وواضحا غالبا ما يكون الأهل أكثر تأثرا من الطفل وتصيبهم حالة من الصدمة والحيرة وقد يكون أسلوب تصرفهم واجتهادهم في التعامل مع الطفل خاطئ ويعبر عن قلقهم وليس مساعدة الطفل، هذا الاعتداء لا يمكن للأهل معالجته لوحدهم حيث يحتاجون لتقييم وإرشاد المختصين وهذا يندرج تحت معالجة الأهل المصدومين، فقد يكون الطفل غير مدرك لخطورة الاعتداء على عكس الأهل الذين يحتاجون للعلاج".



ما هي الآثار السلبية المترتبة على الطفل المعتدى عليه عندما يكبر؟

ويقول سرحان "هناك أثار سلبية ترافق الطفل المعتدى عليه حتى بعد بلوغه من أهمها " أن الطفل عندما يبلغ لن يكون قد وصل إلى التطور النفسي العاطفي السليم مما يجعل حياته متعثرة سواء الحياة الدراسية أو العملية أو الزوجية وكثير منهم يعانوا اضطرابات جنسية واضطرابات في شخصيتهم وتكيفهم مع الآخرين كما يبقى الاعتداء الجنسي معهم لسنوات طويلة مما قد يؤدي لفشل الزواج أو اضطراب العلاقة الزوجية".

التستر على الاعتداء جريمة بحق الطفل

في بعض الحالات تلجأ الأسر لإخفاء الاعتداء الجنسي على أطفالهم خوفا من العار والنظرة الاجتماعية الأمر الذي ينعكس سلبا على نفسية الطفل والأسرة على حد سواء ويوضح لدكتور الحباشنة هذه القضية" ان دور الأسرة يغيب إذا تسترت على الاعتداء مما يترك آثار نفسية طويلة المدى على الطفل حيث يتخوف الآباء من وصمة العار".



ويرى الحباشنة انه يجب تأهيل الأسرة نفسها بأن نزودهم بالمهارات الوالدية، وفي بعض حالات الاعتداء تكون من قبل الأهل بحق الطفل كان يعتدي الأب على ابنته هنا نقوم بمعالجة الأب نفسيا من الاضطرابات الشخصية التي يعاني منها ومن الاكتئاب والقلق ويجب أن نقوم بـتأهيل الأسرة بحيث تكون قادرة على العناية بالطفل مرة أخرى وأثناء التأهيل نأخذ بعين بالاعتبار الوضع الاجتماعي والنفسي والعلاقة بين الأب والابن وكيف نبنيها بشكل سليم وصحي ".



ويشير د. حباشنة إلى أن الاعتداء على الطفل من القريب اشد اثر من اعتداء الغريب ويقول " هذا الاعتداء عادة لا يتم التبليغ عنه وقد يستمر لمدة سنوات وخصوصا إذا جاء من قبل الأسرة وحسب الإحصائيات تمثل الإساءة الجنسية الخمس بين الاعتداءات الأسرية على الأطفال وتشير الإحصائيات أيضا أن 60% من المعتدين هم من معارف الأطفال بينما 30% من المعتدين هم من العائلة نفسها و 10% من أقارب الدرجة الأولى مثل العم والخال وهو رقم ليس قليل، وتحمل الإساءة من الأقارب ضرر كبير جدا حيث يكسر هذا الاعتداء ثقة الطفل بمن حوله من أهل الذي يعتبرهم مصدر للامان وهنا نتوقع جرح نفسي كبير عند الطفل يصعب معالجته، والاهم من ذلك الأثر الاجتماعي لأننا نتعامل مع أب مسيء فإذا أردنا ان نحبس الأب مثلا وهو المعيل الوحيد هنا نهدد حياة الأسرة لذلك يجب التعامل بحذر مع هذه الحالة".





الثقافة الجنسية ضد الاعتداءات



ويرى الدكتور الحباشنة أن الطفل يجب أن تعطى له الثقافة الجنسية المنهجية بشكل تعليمي ومدرسي وان تعطى على دفعات مختلفة بناء على التطور العمري والفهم العقلي للطفل، فالطفل إذا استطاع إن يعرف المعاني المطلوبة في المرحلة الجنسية ويعرف معنى قيمة ذاته وقيمة جسده يستطيع على الأقل أن يذهب ويبلغ عن نفسها ويدافع عنها ، والمشكلة أن الثقافة الجنسية عندنا شبه معدومة وان وجدت تأخذ من مصادر خاطئة، ومن يعتقد أن الحديث في الثقافة الجنسية يزيد من رغبة الأطفال في الجنس هو خاطئ لان الطفل سيبحث عن هذه المعلومة سواء أردنا أم لا وهنا يكون الخيار هل يأخذ المعلومة من مكانها الصحيح أو من الأماكن الخاطئة كالأفلام والمواقع الإباحية ".



ويشدد الحباشنة على ضرورة فتح قنوات الاتصال بين الأهل وأطفالهم وان يكون المصدر الرئيسي في المعرفة الجنسية هو الأهل وغالبا الطفل يسأل أسئلة وغالبا ما يغيب الأهل السؤال ونشعره بحالة من الغموض أو نعطيه اجابه غير سليمة أو كذابة الأمر الذي يدفع الابن للبحث عنها من مصادر أخرى وهنا يكتشف الابن كذب الأهل مما يخلق حاله من عدم الثقة بينهم".



ومن باب الوقاية أيضا يرى الحباشنة أن على الأهل مراقبة الأطفال في سلوكهم مع من يخرجون؟ الى اين يذهبون؟ ومعرفة تفاصيل حياته واهتمامهم وهنا المعرفة مهمة جدا فيما يتعلق بجانب الاهل لتجنب أي حادث يقع لأطفالهم ".



وأظهر تقرير صادر عن الأمن العام أن عدد الأطفال المعتدى عليهم في الأردن عام 2003

وصل إلى 404 طفل والجناة 537 ومجموع الجرائم بشكل عام 365 جريمة, ليتصدر عام 2003 أكثر الأعوام وقوعا لجريمة الاغتصاب, حيث كان عدد الأطفال المجني عليهم عام 2000: 239, 2001: 232, 2002: 201, ليبدو أن عام 2003 ازدادت حالة الاعتداء الضعف عن سابقه من السنوات.



ويصنف التقرير صلة القرابة بين المعتدى والطفل المعتدى عليه لعام 2003 حيث تصدر الغريب عن العائلة 503 حالة, والأب 16 حالة, العم 4 حالات, الخال 5 حالات, زوجة الأب حالة واحدة.



وتصدرت العاصمة عمان مناطق المملكة في عدد الاعتداءات التي وقعت فيها حيث وصل العدد إلى 226 تليها محافظة إربد 85 حالة, الزرقاء 47, البلقاء 22 والعقبة 24 حالة.


أضف تعليقك