كيف شكّل العامل الشعبي ضغطا لإنهاء ملفي "الباقورة" و"الغمر"؟

الرابط المختصر

شكلت مجموعة من العوامل الداخلية، دافعا للجانب الرسمي في عمّان، لاتخاذ قرار بإلغاء عقد انتفاع الاحتلال بمنطقتي الباقورة والغمر، واللتين وردتا ضمن ملحقين خاصين في اتفاقية وادي عربة الموقعة عام 1994.



واستعادت عمّان السيطرة على منطقتي الباقورة (100 شمال العاصمة)، والغمر (400 كم جنوب العاصمة) بعد أن اتفق الأردن وإسرائيل في معاهدة السلام (1994) على تطبيق نظام خاص يضمن "حقوق ملكية أراض خاصة ومصالح مملوكة إسرائيلية ويعطي إسرائيل حق الانتفاع في الأرض"، ويبقى هذا الوضع -وفقا للملحق 1(ب) في الاتفاقية- نافذ المفعول لمدة خمس وعشرين سنة.



لكن الاتفاقية نصت على أن أي طرف، يريد الانسحاب من الملحق وعدم تجديده، عليه أن يبلغ الطرف الآخر قبل سنة من انتهائه وهو ما قامت به عمّان، بفعل ضغوط شعبية بالدرجة الأولى من خلال حراكات وتحركات قانونية ونقابية وحزبية.



وطويت صفحة الباقورة والغمر يوم الاثنين الماضي، بدخول العاهل الأردني إلى المنطقة، وتجوله فيها ولقاء ضباط وأفراد الجيش المسؤولين عنها، ورفع العلم.



ومنذ سنوات، تشهد العلاقة بين عمّان وتل أبيب توترا، على خلفية الانتهاكات المتواصلة في الأقصى وسعي إسرائيل إنهاء الوصاية الهاشمية على القدس، وهو ما تنص عليه اتفاقية وادي عربة، وتجاوز الدور الأردني في المدينة بشأن المقدسات، فضلا عن التقارير التي تحدثت عن محاولة سحب الوصاية لصالح دولة خليجية.

 



وبِشأن العوامل المساعدة على اتخاذ هذا القرار، رغم محاولات إسرائيلية متكررة لثني عمان عن استعادة الباقورة والغمر، قال أستاذ العلوم السياسية الدكتور أحمد سعيد نوفل قال إن الضغط الشعبي شكل العامل الأبرز في المضي بهذا القرار، وإنهاء الملحقين.



وأوضح نوفل لـ"عربي21" أن الأردن يعاني من أزمة اقتصادية وهناك العديد من التبعات لذلك، والخروقات الإسرائيلية تواصلت بشكل أثار الشارع، وتجاهل المطلب الشعبي بخصوص الاتفاقية كان يمكن أن يؤزم الأمور بشكل أكبر.



وأشار إلى أن الاحتلال "لم يحترم اتفاقية وادي عربة منذ التوقيع عليها، وخرقها مرارا، بدءا من محاولة اغتيال خالد مشعل في عمان، واستمرار محاولات إنهاء الوصاية على القدس المحتلة والمقدسات في المدينة، وكانت آخر الاستفزازات لعمّان اعتقال الشابين اللبدي ومرعي".



وشدد نوفل على أن اتفاقية الغاز مع الاحتلال، أججت المطالبات الشعبية لاستعادة المنطقة، مؤكدا "أن مضي الحكومة في هذه الأجواء بالاتفاقية ليس في صالح الاستقرار الداخلي".



وعلى صعيد العوامل الخارجية، قال نوفل إن الولايات المتحدة وإسرائيل، مارستا ضغوطا على عمّان، لثنيها على إنهاء العمل بالملحقين، لكن الممارسات الإسرائيلية وطريقة التعامل مع المملكة، حسمت الملف لإنهاء إنهائه.



ورأى أستاذ العلوم السياسية أن بمقدور عمان، استغلال العديد من الأوراق في المرحلة المقبلة، لتحصيل مكاسب، خاصة في ملف القدس المحتلة، وصفقة الغاز، وحتى في ملف اتفاقية وادي عربة، والتي يكاد يكون هناك إجماع شعبي على رفضها.



من جانبه قال الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي مراد العضايلة: إن عمّان تملك الكثير من الأوراق للضغط على الاحتلال، وهذا ما رأيناه مؤخرا.



وأشار العضايلة لـ"عربي21" إلى أن الأردن لديه "علاقات دبلوماسية وعلاقات أمنية، وملف الغاز وهو ربما أكثر الجهات في المنطقة تأثيرا على الاحتلال، في ظل امتلاكه أكبر حدود برية معه، وأي إشارة لعدم الاستقرار في الأردن، تثير قلق الاحتلال".



وأضاف: "تفعيل مسألة استدعاء السفير ورفض المساومات، دفع الاحتلال للإفراج عن اللبدي ومرعي، دون الاضطرار إلى تقديم مواقف معينة".



وشدد العضايلة على أهمية الدور الشعبي في إنهاء الملحقين، وقال: "الأردنيون يكرهون الصهاينة بشدة، والموقف الشعبي دافع باتجاه الحقوق الأردنية والفلسطينية المشتركة خاصة ملف القدس والضفة الغربية والاعتداءات المتواصلة على الفلسطينيين".

 



ورأى أن تحريك الأوراق الموجودة، في ظل واقع الاحتلال المنقسم داخليا، يمكن أن يحقق مكتسبات في العديد من النقاط.



الناشط الأردني جمال جيت أحد الحراكيين الذين نشطوا في الحملة، لإنهاء تأجير الباقورة والغمر، قال إن العمل المنسق الذي قام به الحراك على المستويات القانونية والنقابية والشعبية أدى لهذه النتيجة.



وأوضح جيت لـ"عربي21"، أن الحراك لجأ قبل عام بعد الاطلاع على نصوص الملحقين، إلى توجيه إنذارات عدلية للحكومة الأردنية عبر المحاكم، من خلال نقابة المحامين ولجنة مجابهة التطبيع، لافتا إلى أن مئات الأردنيين تقدموا في يوم واحد بكافة المحاكم بإنذارات عدلية لمنع التجديد.



وأشار إلى أن العديد من الملفات على أجندة الحراك، من أجل دفع الحكومة لتحسين الموقف الأردني فيها، ومنها اتفاقية الغاز، والتي قال إنهم وجهوا إخبارا عدليا للحكومة من أجل إنهاء الشروط المجحفة على الأردن فيها.



وشدد على أن الإخبار القانوني، سجل لدى المدعي العام في عمّان رسميا، وسيتم تنظيم فعاليات ومسيرات لنصل إلى نتيجة مشابهة لما حصل في الباقورة والغمر.