كيف أسهمت الحركات العمّالية بيوم المرأة العالمي؟

الرابط المختصر

 

ما لا يدركه البعض هو أن يوم المرأة العالمي هو ثمرة نضال اشتراكي قادته الحركات العمّالية في أوائل القرن العشرين، حين طالبت بحقوق النساء في العمل والمساواة والتمثيل السياسي.

ورغم اختلاف الأيديولوجيات العالمية، نجد الليبراليين والعلمانيين وكل الأنظمة الاقتصادية والسياسية تحتفل بهذا اليوم، وتتبنى القضايا التي كانت في الأصل مطالب اشتراكية، قبل أن تعترف بها بقية الأنظمة العالمية.

بدأ كل شيء في 28 شباط 1909، عندما أطلق الحزب الاشتراكي الأمريكي "اليوم الوطني للمرأة"، دعماً لنضال العاملات وبخاصة العاملات في قطاع النسيج.

ثم انتقل إلى أوروبا، حيث احتفلت به النمسا وألمانيا والدنمارك وسويسرا عام 1911، بمسيرات ضخمة تطالب بالمساواة وحق التصويت للنساء.

لكن اللحظة الفاصلة كانت في 8 آذار 1917، عندما خرجت آلاف الروسيات في مظاهرات "الخبز والسلام"، ما أدى إلى تسارع الثورة وسقوط القيصر نيكولاي الثاني. وتكريماً لهذا الدور، أعلن فلاديمير لينين عام 1922 هذا اليوم مناسبة رسمية في الاتحاد السوفييتي، ومن هناك انتشر عالمياً.

في العالم العربي، حمل يوم المرأة العالمي طابعاً خاصاً، وارتبط بالنضالات النسوية التي واجهت تحديات مزدوجة، سواء من أنظمة سياسية واقتصادية محافظة، أو من بنيات اجتماعية وثقافية تقليدية. 

فمنذ بدايات القرن العشرين، ظهرت حركات نسوية في  عدد من البلدان العربية، مطالبة بحقوق النساء في التعليم والعمل والمشاركة السياسية، وأسهمت النقابيات بدوراً محورياً، وكانت العاملات في المصانع والمزارع في طليعة المطاِلبات بتحسين ظروف العمل والمساواة في الأجور.

ومع ذلك، يواجه يوم المرأة العالمي في العالم العربي تحديات مختلفة اليوم، فيما تحاول بعض الأنظمة السياسية احتواءه وتحويله إلى مناسبة رمزية للاحتفال الرسمي، بعيداً عن جذوره النضالية. 

في الوقت ذاته، لا تزال النساء العربيات يكافحن لتحقيق مكاسب فعلية تُجاوز الخطابات الاحتفالية، مثل تقليل فجوة الأجور، وحماية حقوق العاملات في قطاع العمل غير المنظم، وتوسيع المشاركة السياسية.

في الأردن، ارتبط يوم المرأة العالمي بتاريخ طويل من النضال النسوي الذي بدأ منذ أوائل القرن العشرين، عندما أسهمت النساء بدوراً مهماً في الحركات الوطنية والاجتماعية. 

عملت الناشطات والمنظمات النسوية منذ تأسيس الدولة الأردنية، على المطالبة بحقوق المرأة في التعليم والعمل والمشاركة السياسية، وهو ما تحقق تدريجياً من خلال تشريعات مثل السماح للمرأة بالتصويت والترشح في الانتخابات منذ عام 1974، وتعزيز حضورها في الحياة العامة. 

ومع ذلك، بقيت التحديات قائمة، وبخاصة فيما يتعلق بتمكين النساء العاملات، وتحقيق العدالة في الأجور، وضمان بيئة عمل آمنة وخالية من التمييز، وبخاصة في القطاعات التي تعتمد على العمالة النسائية مثل التعليم والصحة والصناعات التحويلية.

واليوم، ورغم الاحتفاء الرسمي بيوم المرأة العالمي في الأردن، لا تزال العاملات يواجهن تحديات كبيرة، وبخاصة في قطاع العمل غير المنظم، حيث تغيب الحماية القانونية والحقوق الأساسية مثل الحد الأدنى للأجور والضمان الاجتماعي وفجوة الأجور.

بيد أن النساء في المناطق الريفية والقرى يواجهن صعوبات أكبر في الوصول إلى فرص العمل والاستمرار فيه والتمكين الاقتصادي. فيما يظل هذا اليوم بالنسبة للحركة النسوية والعمّالية في الأردن مناسبة ليس فقط للاحتفال، بل للتذكير بضرورة استكمال مسيرة المطالبة بحقوق النساء العاملات.