قيادات حزبية وإسلامية: تاريخ البخيت لا يحمل أية مؤشرات إيجابية

قيادات حزبية وإسلامية: تاريخ البخيت لا يحمل أية مؤشرات إيجابية
الرابط المختصر

مؤشرات عديدة قد لا ترسم التفاؤل لدى الأحزاب السياسية بتكليف معروف البخيت بتشكيل حكومة جديدة؛ فتراجع الحياة الحزبية في نظر محللين بلغ الذروة في عهد تشكيل حكومة البخيت منذ عام 2005 وحتى نهاية عام 2007

وهو ما يقرأ من خلال توقيع 50 شخصية سياسية بياناً على عدم القبول بشخصية البخيت ومطالبات بتنحيه بعد إعلان التكليف بساعات قليلة؛ والتي كان في مضمونها شخصيات حزبية معارضة بارزة.

حيث أكدت الهيئة الوطنية للإصلاح “تحت التأسيس” أن الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة معروف البخيت غير قادر على تحقيق الطموحات المشروعة للشعب الأردني المتمثلة بإصلاح سياسي.

فلا يزال تأثير إقرار قانون الأحزاب السياسية لعام 2007 في عهد حكومة البخيت ذا تأثير على الحياة الحزبية؛ بتقليصه لعدد الأحزاب على الساحة الأردنية إلى 14 حزب مع بداية عام 2008 من أصل 37 حزب؛ بعد بإلغاء 22 حزب.

فتعديلات قانون الأحزاب شكل نقطة صدامية بين حكومة البخيت والأحزاب السياسية؛ حيث أجمع آنذاك 34 حزب سياسيا على الطعن بقانون الأحزاب المعدل لعام 2007؛ وذلك لما اشترطه من أن لا يقل عدد الأعضاء المؤسسين عن 500 عضو بعد أن كان 50 عضو، وأن يكون مقر إقامتهم الدائم والمعتاد في خمس محافظات على الأقل.

إلا أن أمين عام الحزب الشيوعي منير حمارنة يرى أن قانون الأحزاب السياسية كان من الممكن أن يقر في عهده أو في عهد حكومة الذهبي أو الرفاعي؛ وبين حمارنة أن المطلوب ليس تغيير الشخصيات وإنما تغيير المنهج.

وأوضح حمارنة أن الحكم على تشكيلة الحكومة الجديدة ينبني على مقدرتها في تنفيذ ما جاء في كتاب التكليف السامي؛ من خلال وضع برنامج زمني للتنفيذ.

تكليف البخيت في تشكيل حكومة جديدة؛ لا يعني بالضرورة للأحزاب السياسية بأنه قد يكون أفضل أو الأسوأ تأثيراً على الحياة الحزبية؛ حيث أوضح حمارنة أن الوزارات في الأردن تكلف من قبل الملك ويوضع لها خط سياسي؛ حيث يكمن دور رئيس الوزراء فيها بنسبة 20% فقط.

بينما أكد زكي بن ارشيد على أن البخيت ليس هو الشخص المناسب.

أحزاب أخرى نظرت إلى تعيين البخيت بأنه جاء نظراً للظروف الإقليمية؛ حيث بين أمين عام حزب الرسالة حازم قشوع بأن تكليف البخيت جاء منسجماً مع الظروف الحالية والإقليمية.

تسليم وزارة التنمية السياسية في عهد البخيت لمحمد العوران أحد الشخصيات الحزبية المعارضة الذي كان أمين عام حزب الأرض العربية؛ قد يضع احتمالية تسلم أحد الشخصيات الحزبية المعارضة أحد الحقائب الوزارية في تشكيلة حكومة البخيت الجديدة.

هل نشهد علاقة على حافة الهاوية من جديد؟

بالرغم من أول تصريح لرئيس الوزراء المكلف معروف البخيت؛ إعلانه التشاور مع كافة الأطياف السياسية بما فيهم جبهة العمل الإسلامي وأحزاب المعارضة؛ إلا أن علاقة الإخوان بحكومة البخيت منذ عام 2005 وصفت بالأكثر عمق وحدة في تاريخ الطرفين؛ وهو ما أظهر ملامح الدهشة ووقع المفاجأة على أبرز قيادات الإخوان عند سماعهم خبر تكليف البخيت بتشكيل حكومة.

فكيف لا وقد جمع حكومة الرفاعي لقاء بحزب جبهة العمل الإسلامي لدأب الصدع قبل تكليف البخيت بيومين، وكيف لا في ظل انتظار لقاء يجمع الإخوان بالملك؟.

هذه المؤشرات وغيرها قد لا تجعل وقع أول تصريح للعمل الإسلامي على لسان رئيس المكتب السياسي زكي بن ارشيد مفاجئاً عند وصفه للبخيت بأنه ليس الشخصية الأفضل لتشكيل حكومة؛ خاصة في ظل صداماً بين الطرفين عند توجيه اتهام لبني ارشيد في ظل حكومة البخيت بأنه على علاقة بتنظيمات خارجية قصد بها "حماس"..

تصريح بن ارشيد بعد ساعات قليلة من خبر تكليف البخيت بتشكيل حكومة؛ تبعه بيان صدر عن حزب جبهة العمل الإسلامي أن هذا الاختيار “لا يقود إلى الإصلاح المنشود”، مطالباً الرئيس المكلف بالاعتذار عن تشكيل الحكومة وإفساح المجال لشخصية وطنية مقبولة تقود البلاد إلى الإصلاح المنشود.

فقد شهدت حكومة البخيت آنذاك بحسب الإخوان تورطه في قضايا فساد كان في مقدمتها قضية الكازينو في البحر الميت، وتزوير للانتخابات النيابية والبلدية؛ حيث انسحب 33 مرشحاً إسلامياً من الانتخابات البلدية في 29 تموز لعام 2007 التي اتهموا الحكومة بتزويرها بمشاركة العسكريين في الانتخابات.

كما حظي الإخوان بخسارة غير مسبوقة في الانتخابات النيابية في 20 تشرين الثاني لعام 2007، التي نجم عنها فوزهم بستة مقاعد نيابية فقط من أصل 22 مرشح.

هذه المؤشرات وغيرها ساهمت في تأكيد العمل الإسلامي في بيانه الصادر يوم الثلاثاء على أن البخيت "خيارا لا يلبي طموحات الشعب الأردني".

وهو أمر أكد عليه رئيس مجلس شورى حزب جبهة العمل الإسلامي علي أبو السكر لعمان نت بأنه في عهد البخيت قد تم أكبر عملية تزوير للانتخابات البلدية والنيابية بإلإضافة إلى ملف فساد الكازينو؛ ما يجعله خياراً ليس ضمن التطلعات المنشودة.

الملف الآخر الذي شكل أحد نقاط الصدام مع الإخوان في عهد البخيت هو إحالة حكومة البخيت جمعية المركز الإسلامي؛ الذراع الخيري للإخوان الأردنيين إلى التحقيق في شهر تموز من عام 2007 بدعوى "وجود شبهة فساد مفترضة في عملها"؛ حيث بلغ عدد المتهمين فيها 24 شخصا تم تحويلهم إلى محكمة جنايات عمان صاحبة الاختصاص للمباشرة بمحاكمتهم بأربع تهم هي جناية استثمار الوظيفة والإهمال بواجبات الوظيفة وإساءة الائتمان ومخالفة أحكام قانون الجمعيات الخيرية.

هذا بالإضافة إلى اعتقال وفصل اثنين من نواب الإخوان في البرلمان على خلفية مشاركتهم "بعزاء الزرقاوي".

محللين رأوا أن تكيلف البخيت بتشكيل حكومة قد لا يكون خياراً أفضل للحركة الإسلامية؛ وهو ما أكد عليه المحلل والكاتب السياسي بسام بدارين بإشارته إلى أن خيار البخيت خبر سيئ للحركة الإسلامية؛ وذلك لما يحمله من وجهة نظر اتجاه الحركة وما شكلته فترته من صدامات بينهم.

إلا أن بعض المحللين طالبوا الحركة الإسلامية بالتريث قبل إطلاق الحكم على تكليف البخيت؛ حيث بين المحلل السياسي سلطان حطاب أن على الحركة إعطاء فرصة للبخيت والانتظار لرؤية النتائج.

وهو أمر استهجنه أبو السكر مبيناً أنه ليس من العقلانية جعل الأردن حقل تجارب؛ موضحاً أنه لا يجب ترك الأردن حقلاً للتجارب.

بينما يضع الحطاب اقتراحاً لترميم العلاقة بين الإخوان والبخيت بإشراك أحد قيادي الحركة في تشكيل الحكومة.

إلا أنه ومع هذه التحليلات تبقى التخوفات كائنة من وقع تكليف البخيت على الإخوان؛ نظراً لما شهده الطرفان من تصاعد وتيرة التصريحات والبيانات بينهما آنذاك؛ والتي صحبها وصف نائب المراقب العام للإخوان المسلمين جميل أبو بكر بأن معروف البخيت هو أكثر رؤساء الوزراء مروراً في الحكومات الأردنية مهاجمة للإخوان.

وهو ما يبرر تصريح أبو بكر لعمان نت بأن تكليف البخيت كان مفاجئاً ولم يكن ضمن التطلعات؛ نظراً لما شهده عهد البخيت من تزوير في الانتخابات واتفاقية الكازينو.

وأضاف أبو بكر أن مطالباتهم بالإصلاح تحتاج إلى شخصية وطنية أخرى تؤمن بالإصلاح وتنفذه بقوة؛ مستدركاً تصريحاته بأن ذلك لا يمنع من انتظار برنامج البخيت للحكم عليه.

وكان البخيت قد اتهم الإسلاميين مرات عديدة بمحاولات للتشويش على سمعة الأردن وتشويه صورته ومؤسساته بالإضافة إلى تصريحه بإمكانية لجوء الحكومة إلى حل جماعة الإخوان المسلمين والتي تأسست عام 1946 على اعتبارها بأنها خرجت عن ترخيصها كجمعية خيرية اجتماعية إلى العمل السياسي.

بلوغ الأزمة بين الطرفين إلى حد "حافة الهاوية" في عهد البخيت أدى إلى تلويح الإسلاميين باللجوء إلى محاكم دولية للشكوى ضد الحكومة، وذلك في ظل شن البخيت هجوماً متكرراً على قيادات الحركة الإسلامية بأنهم "يحاولون جر الأردن إلى أجواء مشابهة لما يحدث في مخيم نهر البارد بشمال لبنان".

في ظل هذه التصريحات التي وصلت حد الاتهامات بين الطرفين؛ هل للحركة الإسلامية أن تضع احتمالات لعلاقة على حافة الهاوية من جديد بينها وبين حكومة البخيت القادمة؟، أم قد تشهد حكومة البخيت إشراكاً لأحد قيادات الحركة في تشكيل الحكومة؟.

أضف تعليقك