قمة العقبة تنطلق الأحد.. السلطة تبرر مشاركتها والمقاومة تستنكر

الرابط المختصر

تنطلق قمة "العقبة" في الأردن، الأحد، بمشاركة إسرائيلية وفلسطينية رسمية، وهو ما أثار سخطا واسعا في الشارع الفلسطيني.

ونقلت وسائل إعلام عن مسؤولين أردنيين، قولهم إن المملكة تستضيف الأحد كبار المسؤولين الأمنيين والسياسيين الفلسطينيين والإسرائيليين، بهدف "وقف موجة العنف التي اندلعت في الآونة الأخيرة وأثارت المخاوف من زيادة التصعيد قبل حلول شهر رمضان".

بدورها، قالت قناة "كان" العبرية الرسمية، إن القمة "تأتي بمبادرة أمريكية أردنية مصرية على أن تضم ممثلين عن السلطة الفلسطينية ومندوبين عن الجانب الإسرائيلي".

وستعقد القمة ليوم واحد في ميناء العقبة على البحر الأحمر، وستشهد حضور بريت ماكجورك مبعوث الرئيس الأمريكي جو بايدن في الشرق الأوسط، إضافة إلى مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين.

وقال مسؤول كبير في الأردن لرويترز إن الاجتماع يهدف إلى إعطاء الأمل للفلسطينيين في مستقبل سياسي. وأضاف "إذا حقق أهدافه.. فسينعكس ذلك على الأرض".

وقال المسؤول الأردني الذي طلب عدم الكشف عن هويته "لم يحدث مثل هذا الاجتماع منذ سنوات ... إنه إنجاز كبير أن يتم جمعهم سويا".

وأكد القيادي في حركة "فتح" منير الجاغوب لـ"عربي21"، أن الوفد الفلسطيني المشارك في قمة العقبة يضم؛ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، وهو وزير الشؤون المدنية، وماجد فرج رئيس جهاز الأمني الوقائي في الضفة الغربية، المستشار السياسي للرئيس أحمد الخالدي، والمتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة. 

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن رئيس أركان الاحتلال تساحي هنيغفي سينوب عن بنيامين نتنياهو بالحضور، كما سيحضر رئيس الشاباك رونان بار ، ومنسق الحكومة في الأراضي المحتلة غسان عليان ومدير وزارة الخارجية رونين ليفي.

وأدت عودة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو للسلطة، إلى زيادة القلق العربي بشأن السياسات التي تشمل زيادة وتيرة الاستيطان وتشديد الإجراءات الأمنية في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية.

السلطة تبرر المشاركة

بررت السلطة الفلسطينية مشاركتها في قمة العقبة، إلى جانب قيادات أمنية إسرائيلية.

وقالت الرئاسة الفلسطينية في بيان رسمي الأحد، إن الوفد الفلسطيني المشارك في أعمال هذا الاجتماع، سيعيد التأكيد على التزام دولة فلسطين بقرارات الشرعية الدولية كطريق لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتجسيد إقامة دولة فلسطين ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967.

وأضافت، أن "الوفد الفلسطيني سيشدد على ضرورة وقف جميع الاعمال الأحادية الإسرائيلية والالتزام بالاتفاقيات الموقعة، تمهيدا لخلق أفق سياسي يقوم على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وصولا إلى حصول الشعب الفلسطيني على حقه بالحرية والاستقلال، بحسب ما جاء في بيان الرئاسة".

غضب فصائلي

بدورها، أصدرت فصائل المقاومة الفلسطينية بيانات تندد بمشاركة السلطة في قمة العقبة، وتصف ذلك بـ"الخيانة".

وقال المتحدث باسم حركة "حماس" عبد اللطيف القانوع: "نرفض مشاركة السلطة باجتماع العقبة الذي يمثل غطاء للاحتلال لارتكاب الجرائم ضد شعبنا، وعليها عدم الارتهان للوعود الأمريكية والإسرائيلية التي ثبت فشلها، ونؤكد ان شعبنا ليس أمامه سوى خيار المقاومة وتصعيدها، على السلطة الانحياز لشعبها والتوقف عن ملاحقة المقاومين بالضفة".

وقالت حركة "الجهاد الإسلامي"، إنها "تدين هذا المؤتمر، وتدين مشاركة السلطة فيه، وتعتبر هذا المؤتمر والمشاركة فيه غطاءً لإطلاق يد الصهاينة في الضفة وتوسيع وشرعنة الاستيطان وهدم البيوت الفلسطينية".

كما حذرت شخصيات فلسطينية، من الأخطار المترتبة على مشاركة السلطة الفلسطينية إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي في قمة العقبة الأمنية بالأردن، والتي تأتي بعد عدة مجازر بشعة ارتكبها جيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، وخاصة الأخيرة التي وقعت في مدنية نابلس.

وعن مخاطر هذه القمة، أكد رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي، أن "قمة العقبة تمثل حالة الانسلاخ للأنظمة العربية عن شعوبها وبالذات السلطة، التي أصبح حالها كحال أي نظام عربي يخدم الاحتلال ويعمل لحمايته، همها الأكبر الحافظ على الكرسي".

وأوضح  أن "هدف هذه القمة الأساس، هو التآمر على طموحات الشعب الفلسطيني وعلى القيادة الجديدة التي بدأت تتشكل لشعبنا بالمقاومة في كل فلسطين المحتلة، مع العمل على تغيب دور الشعب الفلسطيني في التخلص من الاحتلال".

ونبه الهدمي، أن "خطورة هذه القمة، هو في دعم السلطة العملية؛ التي أثبتت أن كل من تزعمه من مواقف وطنية من وقف التنسيق الأمني أو تجميد الاعتراف بالاحتلال وغيرها من التصريحات المكررة كثيرا ولم نجد لها أثرا على الأرض، وذلك من أجل إبعاد شعبنا عن التخلص من الاحتلال".

وأشار إلى أن "الأنظمة العربية المحبطة بفلسطين المحتلة متخوفة مما ستؤول إليه الأحداث، في ظل عدم طرح الاحتلال فكرة أن يتراجع ويعيد الأمور إلى نصابها ويمنح الشعب الفلسطيني حقه على الأقل مرحليا في الاستقلال وعدم المساس بالمسجد الأقصى والحفاظ على هويته الوطنية في مدنية القدس وخاصة في الشطر الشرقي منها، وحتى هذه الأمور أصبحت غير مطروحة، والطرح الموجود هو أمني عسكري بكل معنى الكلمة؛ أي محاربة المقاومة والحفاظ على الهدوء لمنح الاحتلال المزيد من الوقت للممارسة المزيد من الاستيطان والتهجير والتنكيل بشعبنا".

وقال: "هناك قمة وهناك توكيل لبتسلئيل سموتريتش (وزير المالية ورئيس حزب "الصهيونية الدينية") من أجل البدء بخطوات لضم الضفة الغربية إلى ما يطلق عليها الاحتلال أرض إسرائيل"، لافتا أن "هناك حرب متواصلة تشن على الشعب الفلسطيني وفي ذات الوقت، مع ترويض السلطة لتكون جزءا من جيش الاحتلال تعمل ضد شعبها".

تجميل صورة الاحتلال

وفي المقابل، ذكر الهدمي أن "هذه القمة تكشف عيوب وعورات وخيانات، فاليوم شعبنا أوعي بكثر من السابق، وهو مجتمع اليوم حول القيادة الجديدة التي تشكلت، وهذه قضية من الواجب التركيز عليها، فمن الواضح أن هناك قيادة جديدة للشعب الفلسطيني بدأت تتشكل، ومن المتوقع أن يكنون ظهورها الفعلي خلال شهر رمضان أو ما بعده، كون الأمور تتجه نحو التوتر بشكل أكبر، مما سيحتم على ظهور هذه القيادة التي ستكون تجديدية – إن جاز لنا التعبير- بعيدا عن التقليدية السابقة، حيث لن يستطيع الاحتلال أن يقضي عليها أو يروضها كما تمكن مع القيادة الكلاسيكية".

وقدر أن "المرحلة المقبلة ستكون مرحلة مفصلية، وسيكون هناك كشف عورات الأنظمة العربية، وفي ذات الوقت شعبنا أظهر موقف وهو مضطر لأن يحدد موقفه بشكل أوضح، وفي المقابل السلطة ستضطر لإظهار موقفها الخادم للاحتلال"، مضيفا: "هذه القمة ستفضح الكثير".

أما رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية التابع لجامعة القدس، أحمد عوض، فقد عبر عن قلقه وتخوفه الكبير من نتائج هذه القمة التي يأمل أن "لا تكون مخرجا لإسرائيل من أزمتها، وأن تجميل صورة الاحتلال أو تسويق لما تفعل بالشعب الفلسطيني".

وحذر من خطورة "الضغط على الجانب الفلسطيني من أجل العودة لممارسة مهمات دون ثمن (التنسيق الأمني وملاحقة المقاومين)، ودفع السلطة نحو صراع داخلي، والتوفير على الاحتلال الاشتباك مع الفلسطيني".

وأضاف عوض: "نرجو أن لا تكون هذه القمة من أجل استمرار وتعميق الاحتلال وقتل الفلسطينيين وتصاعد الاستيطان"، منهبا لخطورة مساهمة قمة العقبة في "منح حكومة الاحتلال الفاشية، ما تحتاجه من شرعية ومصداقية، وبالتالي تنفتح على العالم كله، وعليه، يجب أن لا تكون هذه القمة جائزة لإسرائيل".

وعبر عن قلقه من اقتصار هذه القمة على "البعد الأمني التقني دول أفق سياسي حقيقي"، مؤكدا أن "هذه القمة تشكل خطورة عالية جدا على القضية والحقوق الفلسطينية، وخطورتها لا توازي المرحلة التاريخية التي نمر بها، كما أن نتائج هذه القمة غير مضمونة، ولا السلطة تستطيع أن تضمن الأمن، لأن الشارع تجاوزها، كما أن الاحتلال لا يحترم أي اتفاق، ولا حتى مصر والأردن يستطيعوا ضمان أي نتائج، كما أن واشنطن لا تستطيع أن تضغط على الاحتلال للإيفاء بالاتفاقات".

خطة أمنية أمريكية

وشدد مركز القدس للدراسات المستقبلية، على أهمية "العمل على حصار إسرائيل التي تواصل انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني"، محذرا من "خطورة تقدم إسرائيل نحو البيت العربي من خلال الباب الفلسطيني (التطبيع)".

من جانبه، أوضح رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية لحركة "حماس" في غزة، باسم نعيم، أن "الهدف المعلن للاجتماع هو البحث في كيفية احتواء التصعيد والعنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكن الحقيقة هي البحث في كيفية تنفيذ الخطة الأمنية الأمريكية، وبأيد فلسطينية لقمع مقاومة شعبنا وكبح تطلعاته نحو الحرية والاستقلال".

وخاطب في تصريح له  نسخة عنه السلطة الفلسطينية، وأكد لها أن "كل الخطط الأمنية الأمريكية السابقة فشلت في قمع إرادة شعبنا بالمقاومة والتخلص من الاحتلال، كما أنها لن تحميكم من غضبة شعبكم إذا حلّ الوقت المناسب".

وأضاف نعيم: "إنكم مصرون على الوقوف في الجانب الخاطئ من التاريخ، رغم فشل مشروعكم السياسي ومراهنتكم على قوى خارجية لتحقيق الأهداف الوطنية، وقبلتم على أنفسكم أن تكونوا أدوات في مخططات الاحتلال"، منوها أن "فرص السلطة تتلاشى كل يوم للحاق بقطار الشعب الفلسطيني، المتجه بسرعة وبثبات نحو القدس والأقصى".

وطالب السلطة بـ"التراجع عن المشاركة في هذا الاجتماع المشبوه، وتبني استراتيجية وطنية على قاعدة الشراكة الوطنية الكاملة، ومواجهة الاحتلال بكل السبل المتاحة"، لافتا أن "وجود حكومة اليمين الفاشي الصهيونية، يجب أن يكون فرصة استراتيجية لإعادة الاعتبار لمشروعنا الوطني، ومحاصرة الكيان وعزله، على طريق القضاء عليه"، بحسب قوله.

وأدى اقتحام جيش الاحتلال لمدينة نابلس الأربعاء الماضي عقب "التفاهمات" بين وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ ومكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، إلى استشهاد 11 فلسطينيا، ليرتفع عدد الشهداء منذ بداية 2023 إى اليوم 64 شهيدا، بحسب إحصائية وصلت "عربي21" صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية التي أكدت أن ما مضي من العام الحالي هي الفترة "الأكثر دموية في الضفة الغربية منذ عام 2000".

أضف تعليقك