قليل من المكسرات.. وكثير من الدعارة.. والدافع الفقر

الرابط المختصر

صحن
مكسرات صغير وكوب من الشاي كانا سببا في اقتيادي الى نقطة الأمن في حدائق الملك
عبد الله بعد شبه مغامرة عاطفية مع إحدى فتيات الليل في الحدائق!.
القصة بدأت عندما انتحلت أنا و زميلي شخصية سياح عرب يبحثون عن المتعة واللهو، قصدنا الحدائق وتجولنا في شوارعها، ولم تكد تمر خمس دقائق حتى تخاطفتنا الفتيات المتربصات خارج المقاهي.

في حدائق الملك عبد الله حياة أخرى تنشط بعد الساعة الثامنة مساءا، موسيقى صاخبة ودعوات سخية من فتيات في مقتبل العمر لدخول المقاهي التي تشعلها سهرات السمر، هذه الدعوات باطنها يختلف عن ظاهرها إذ ان عنوانها (التفضل بشرب فنجان قهوة) لبينا الدعوة بكل سرور بعد ان أخفينا جهاز التسجيل جيدا داخل الحقيبة، قادتنا إحدى الفتيات في العشرينات الى الداخل جلسنا على طاولة خشبية في وسط المقهى الذي تختلط فيه ألوان الأضواء الحمراء مع ديكورات المحل البيضاء، وبدأ الحوار بالتعارف ولم يكن هذا التعارف يخلو من بعض التسالي كالمشروبات والمكسرات التي يقدمها الزبون مرغما للفتاة التي تجالسه، وبعد حفلة التعارف والمكسرات أخذ الحوار ينحو منحى آخر.

"بدك بنات" أختار من تريد من الفتيات الموجودات في المحل، أشارت لفتاة في بداية العشرينات من عمرها هل تريدها؟ إنها صغيره في العمر خذها بسعر خاص 15 دينارا. لكن ما آلية الدفع؟ وكيف نستطيع ان نظفر بفريستنا؟ أجابت: " الدفع الآن مقدما وفي تمام الساعة التاسعة مساءا تكون الفتاة في انتظارك أمام الشارع الرئيسي للحدائق وتأخذها الى أين ما تشاء".

لم يعجبنا العرض، طلبنا ان يكون الدفع عند اللقاء لكنها أصرت على طلبها، رفضنا ذلك مما أثار انزعاجها وطلبت منا دفع فاتورة المكسرات والشاي والتي وصلت الى 20 دينار! رفضنا دفع هذا المبلغ مقابل القليل من المكسرات سيئة المذاق، مما أدى الى نشوب مشادة كلامية مع الفتاة انتهت بتدخل الـ"Bodyguard" في المحل وانتهى الخلاف في نقطة الأمن الوحيدة في الحدائق.

في نقطة الأمن كشفنا عن هويتنا، وأخبرناهم أننا صحفيون يبحثون عن حقيقة من يقف وراء استغلال هؤلاء الفتيات؟ ما سبب الذي دفعهن للمتاجره بأجسادهن؟ وأمام دهشة أصحاب المقهى ورجال الأمن أنكر أصحاب المقهى اتهاماتنا لهم لكن التسجيل الصوتي أسعفنا بكشف استغلالهم لأجساد الفتيات، لتختلف لهجة خطابهم الهجومية ويصبحوا كما الحمل الوديع، وتنتهي مغامرتنا مع بقاء السؤال مفتوح: أين الرقابة؟ من يحمي هؤلاء الفتيات من الاستغلال؟.

لكن ما الدافع وراء هذه المهنة؟ الفقر والحاجة وراء هذا العمل فمن خلال الحوار مع بعض الفتيات اللواتي يعملن في المقهى تبين ان اغلبهن يتعرضن لظروف سيئة وتقول (خ.م) " دوامي يبدأ من الخامسة مساء حتى الساعة الواحدة ليلا، وأنا اعمل هنا منذ 7 سنوات، اعمل كي اعيل أهلي وحتى لا أعوزهم لأي احد، فلا أحد يساعدنا وأخي ليس موجودا في البيت، لا احد في البيت سوى أنا وأخواتي وأمي متوفاة وأبي مريض".

أما زميلتها حنان عربية الجنسية تقول زوجي يضربني إذا لم احضر مصاري". "وافقت على الزواج الذي أجبروني عليه، فلدي أخوة كثيرون هناك في مصر والحياة صعبة جدا، أجرتي لا يبقى منها شيء كلها أعطيها لزوجي، فهو يفكر في النقود فقط لا يفكر فيّ أبدا، فقد أخرجني للعمل في رابع يوم ولادة لي، أرمي كل شيء وراء ظهري لأن لدي ابن، لا أشتري أي شيء لي، و أول ما أصل البيت يفتش حقيبتي ويأخذ ما بها. منذ أن تزوجته و أنا في عذاب، ويضربني دائما، العمل أفضل لي من الجلوس في وجهه فلا يضايقني العمل بقدر ما يضايقني زوجي".

أين الرقابة؟
الجهات الأمنية شددت على رقابتها على الساحات والحدائق العامة حيث اكد مساعد مدير الأمن العام للبحث الجنائي العميد صامد أبو عرابي في لقاء سابق لعمان نت على ان " هذه المناطق مراقبة بشكل جيد وهناك دوريات على مدار الساعة وكل شخص مشبوهة سواء كان ذكر أو أنثى ويتم التأكد من وضعه وتتخذ الإجراءات اللازمة بحقه" .

ومن جهتها قامت محافظة العاصمة بإغلاق 14 محلا في الحدائق لمخالفتها التعليمات وبسبب ممارساتها البعيدة عن "عاداتنا وأخلاقنا" كما قال محافظ العاصمة د. سعد الوادي المناصير في تصريحات صحفية.

هل الظاهرة بانتشار؟
فتيات الليل ليست حكرا على الحدائق فهذه المهنة أصبحت تنتشر في بؤر عديدة في العاصمة عمان من أبرزها الساحة الهاشمية التي يمارس فيها الفتيات نشاطهن علنا، ففي إحدى المرات استوقفتني إحداهن وكانت فتاة في العشرينات من عمرها، والبداية كانت بحجة المساعدة حيث ادعت هذه الفتاة أنها تحتاج القليل من المال لكي تصل إلى بيتها، لكنها تفاجئك أثناء الحديث عندما تعرض نفسها عليك مقابل "10 دنانير"! وهذه الحالة ليست وحيده فعندما تذهب إلى الساحة ستشاهد العديد من هؤلاء الفتيات في الشوارع يتعقبن المارة بنظراتهن.

فتيات الليل طبقات!
والمراقب لوضع فتيات الليل يجدهن من درجات مختلفة ففي الحدائق مثلا تجد الطبقة الوسطى من فتيات الليل اللواتي يمتاز بملابسهن الفاخرة وجرأتهن في الحديث من خلال الخبرة المكتسبة من عمل إذ إننا لم نحتاج الى التمهيد أو بذل مجهود للحصول على مرادنا.

اما الطبقة الأخرى وهي الطبقة الفقيرة جدا والتي تختط فيها الدعارة بالتسول هي السائدة على أرصفة الساحة الهاشمية، فلا تستطيع ان تفرق بينها وبين المتسولة ناهيك على ان الأسعار عند هؤلاء الفتيات زهيدة مقارنه مع غيرهن من فتيات الليل.

أضف تعليقك