قراءة في أهداف وأبعاد الدبلوماسية الأردنية

قراءة في أهداف وأبعاد الدبلوماسية الأردنية
الرابط المختصر

- بن ارشيد: "السفارة الأمريكية تملك من الصلاحيات والنفوذ داخل الأردن أكثر مما يملك رئيس الحكومة نفسه"

- ارشيدات: الدبلوماسية الأردنية نجحت في قراءة التغييرات في المنطقة

متغيرات عديدة طرأت على الساحة الإقليمية خلال الخمسة أشهر الأخيرة؛ دعت الأردن إلى إعادة النظر في السياسة الخارجية والدبلوماسية الأردنية.  

فالبعض يقرأ في الزيارات والاتصالات الأردنية مع الدول بأنها مؤشر على تغير السياسة الخارجية الأردنية بحسب المعطيات المطروحة؛ بينما يقرأ البعض الآخر بأن هذه الزيارات والاتصالات تأتي في سياقها العام.

وبالرغم من وجهتي النظر؛ تبقى هنالك عدة مؤشرات سياسية واقتصادية دعت إلى إعادة النظر في السياسة الخارجية الأردنية؛ حيث بينت النائب عبلة أبو علبة أن هذه الزيارات تأتي ضمن عملية التساوق مع الحراك السياسي الذي بدأ في المنطقة العربية، مبينة أنه قد بدأت مرحلة جديدة لا بد للأردن أن يواكبها. 

إلا أن رئيس المكتب السياسي في حزب جبهة العمل الإسلامي زكي بن ارشيد كان له وجهة نظر مختلفة؛ حيث بين أن هذه الزيارات والاتصالات جاءت في إطارها العام ولم تشهد ازديادا وربما كانت أقل من المعتاد.

وأضاف بن ارشيد أن العبرة ليست في كثرة الاتصالات أو قلتها وإنما في السياسة المعتمدة التي تفضي إلى تعزيز العلاقات؛ كما وتساءل عن النتائج التي نجحت هذه الزيارات والاتصالات في تحقيقها؟ وفيما إذا سيشهد المواطن الأردني نتيجة هذه الزيارات؟

أجوبة هذه الأسئلة وغيرها وضعها بن ارشيد كمؤشر على نجاح الدبلوماسية الأردنية من عدمه.

بينما اعتبر أمين عام حزب التيار الوطني صالح ارشيدات؛ الدبلوماسية الأردنية التي يقودها الملك بأنها حققت نجاحاً كبيراً خلال العام الجاري.

المتغيرات السياسية وأثرها على السياسة الخارجية  

سقوط عدد من الأنظمة المجاورة في الوطن العربي قد وضع الأردن على المحك في تعامله مع هذه المتغيرات؛ وهو ما اعتبرته النائب أبو علبة بأنه أمرٌ لا بد أن يؤخذ بعين الاعتبار في معطيات صناع القرار؛ حيث طالبت الحكومة بأن يقيم الأردن علاقاته الدبلوماسية على أساس ما تفضيه رياح الديمقراطية التي بدأت تعصف بالدول العربية.

بدوره وصف صالح ارشيدات سياسة الأردن بأنها منضبطة وتقوم على قراءة حقيقة للمتغيرات التي تحدث في المنطقة؛ مؤكداً على نجاح الدبلوماسية الأردنية في قراءة التغييرات في المنطقة.

ولعل البعض ينظر إلى المعطيات على الساحة الإقليمية بأنها يجب أن تؤخذ بأطر مختلفة؛ حيث من الممكن للأردن أن يعيد النظر بسياسته الخارجية بما يعزز من مكانته الإقليمية في ظل سقوط عدد من الأنظمة العربية التي كانت منافسة للمكانة الإقليمية للأردن.

وهو أمر أوضحه الكاتب فهد الخيطان بعد سقوط النظام المصري مبيناً ضرورة قراءة المتغيرات وإعادة النظر بالعلاقات مع الدول في المنطقة وتنويع الخيارات السياسية والدبلوماسية؛ مضيفاً أن سقوط نظام مبارك قد يمنح الأردن مكانة ودوراً أكبر.

وبالرغم من التغييرات التي طرأت؛ إلا أن الأردن كانت له مواقف متباينة تجاه الأنظمة العربية؛ فبينما تردد الأردن في دعمه للثورة المصرية؛ إلا أنه أعلن دعمه للنظام السوري والبحريني؛ وهو ما يفسر بأكثر من رؤى.

وأرجعت النائب أبو علبة هذا التباين إلى حالة الارتباك التي سادت النظام نتيجة لما يحدث في الدول العربية؛ بينما أعاده زكي بن ارشيد إلى حالة عدم الاستقرار التي سادت الغرفة السياسية فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية.

وانتقد بن ارشيد الموقف الأردني مما يحدث في سوريا؛ متسائلاً عن سبب وقوف الأردن مع النظام السوري وهو يقمع مطالبات الشعب السوري بحريته؛ معتبراً أن هذا مرده إلى أن الأردن سيمارس نفس الدور إذا ما تكرر السيناريو السوري في الأردن.

كما وآدان الموقف الرسمي الحكومي من سوريا؛ واعتبره مشيرا إلى أنه لا يعبر عن تطلعات الشعب اﻷردني. 

إلا أن وسائل إعلامية كشفت عن أن الملك عبد الله الثاني وخلال زيارته إلى واشنطن قد دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعدم القطع مع الرئيس السوري بشار الأسد، مركزاً على ضرورة منح الأسد الفرصة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة.

وكان الملك عبد الله الثاني قد دعا الرئيس السوري بشار الأسد عبر إحدى الوسائل الإعلامية؛ إلى التواصل مع الشعب، معرباً عن قلقه من استمرار العنف في حال لم يفعل ذلك.

إلا أن تصريحات الملك حول سوريا خلال اللقاء مع اوباما؛ أمرٌ اعتبره بن ارشيد بأنه غير إيجابي؛ حيث بين أن الطلب الأردني من إعطاء بشار اﻷسد وعدم الضغط عليه ومنحه فرصة؛ لا ينسجم مع موقف الشعب الأردني.

وطالب بن ارشيد أن يكون موقف النظام الأردني من سوريا متناسق مع موقف الشعب الأردني، أو أن يقف موقف محايد إذا لم يرغب أن يحرج نفسه.

كما واعتبر أن النظام الأردني ينطلق من حسابات مصلحية سياسية ضيقة في موقفه مما يحدث في سوريا؛ حيث يخشى من انتقال الثورة السورية إذا ما نجحت إلى الأردن.

إلا أن بن ارشيد اعتبر أن تحصين النظام الأردني يأتي من خلال اﻹصلاح؛ وهو ما يدلل على عدم جدية الأردن في الإقدام على خطوات إصلاحية حقيقية.

وأضاف بن ارشيد أن الموقف الأردني تجاه سوريا سيتغير إذا ما جاء للأردن تعليمات من الولايات المتحدة بتغيير موقفها؛ معتبراً أن الأردن لا يملك قرارا مستقلا؛ وأن "السفارة الأمريكية تملك من الصلاحيات والنفوذ داخل الأردن أكثر مما يملك رئيس الحكومة نفسه".

وحول تأثير موازين القوى على الموقف الأردني؛ بين بن ارشيد أن المصلحة الوطنية العليا للأردن يحددها الشعب الأردني والسياسة المحلية وليس موازين القوى الدولية.

وفي العلاقات الأردنية الإسرائيلية؛ بين بن ارشيد أن هذه العلاقة تعاني من جمود خلال فترة 5 أشهر؛ إلا أنه أعاد "فضل هذا الجمود إلى الكيان الصهيوني" على حد تعبير.

واعتبر بن ارشيد أن الإعلان عن جمود العلاقات الأردنية الإسرائيلية من قبل الحكومة يخدمها وعليها الإعلان عنه صراحة.

الأبعاد الاقتصادية للدبلوماسية الأردنية

يعتبر البعض أن الهدف الرئيسي من هذه الزيارات والاتصالات هو البعد الاقتصادي أكثر منه السياسي؛ حيث بين زكي بن ارشيد أن السبب الرئيسي للزيارات هو حل الأزمة الاقتصادية التي يعايشها الأردن.

وقد يتضح هذا من خلال ما شهدته هذه الفترة من مبادرات اقتصادية ومنح مساعدات عديدة تضمنت؛ بتخصيص مليار دولار من المساعدات الأميركية للأردن وتقديم 50 ألف طن متري من القمح للمساعدة في استقرار تكلفة المعيشة في الأردن؛ كما وقعت اتفاقية بين الاتحاد الأوروبي والحكومة الأردنية تقضي بمبادلة 16 مليون يورو من ديون الأردن المستحقة للاتحاد الأوروبي لتنفيذ مشاريع تنموية في الأردن وذلك في إطار خطة ترمي إلى مبادلة جزء من الديون الإيطالية بمشاريع تنموية.

ومع إيجابية المؤشرات الاقتصادية من تبادل الزيارات والاتصالات؛ خاصة في ظل إعلان أوباما تقديم المليار دولار للأردن في ظل زيارة الملك عبد الله الثاني مؤخراً؛ إلا أن البعض ينظر للأمر بريبة بل تعداه الأمر إلى ربطه بعوامل سياسية؛ حيث اعتبر زكي بن ارشيد الإعلان عن معونات أمريكية أمرا قد يحمل في طياته تساؤلات عديدة خاصة بأن أوباما أثناء خطابه في يوم ربيع العرب ربط المعونات بالتسوية مع إسرائيل؛ وهو ما قاد بن ارشيد للتساؤل فيما إذا كان هنالك مشروع قادم سيتم شرائه بمليار دولار؟.

بينما طالبت النائب عبلة أبو علبة تنشيط الدبلوماسية الأردنية باتجاه تحسين العلاقات العربية للوصول إلى تحقيق التكامل العربي.

وقد تتضح بوادر تحقيق التكامل في ظل الترحيب بانضمام الأردن بمجلس التعاون الخليجي؛ وهو ما يرفضه بن ارشيد؛ معتبراً أنه ما زال من المبكر الحديث عن نجاح انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي؛ مبيناً أن هنالك تخوف من أن يقوم الأردن بأدوار وظيفية لدول أخرى، حيث حذر من توظيف الأردن في البعد الأمني لخدمة أغراض الأنظمة في دول الخليج.