قبور للبيع في «سحاب»
"أفتت" امانة عمان الكبرى برفع رسوم القبور من ثلاثين دينارا الى خمسين دينارا ، وأمين عمان يقول ان القبر يكلف مائة وثمانية وتسعين دينارا في "سحاب" ، وبما معناه ان الامانة تتبرع عمليا في دفن المواطنين ، وتخسر ماليا.
غير ان الامانة التي ترفع رسوم القبور ، ودفن الموتى ، لا تتصرف بذات الروحية ، في قضايا اخرى ، فهي الامانة التي تقيم نفقا بعشرين مليون دينار ، وهي الامانة التي تقترض ، وتغرق في الديون ، وهي الامانة التي كانت تريد منح اراض لاغنياء عرب لاقامة مجمعات واستثمارات ، وهي الامانة التي ترتكب عشرات الاخطاء الاخرى ، حتى تحولت الامانة من مؤسسة مكتفية ماليا ، الى مؤسسة خاسرة ، مترهلة ، لم تجد سوى الموتى ، في نهاية المطاف ، لرفع رسوم دفنهم ، باعتبار ان المبلغ الجديد ، اقل من الكلفة ، وباعتبار ان الامانة تبيع ارضا ، مترين في متر ، للميت واهله.
النقطة المؤلمة التي لا يتنبه لها احد ، تتلخص بأن المواطن ، تم تحويله الى "فرجة" على يد جهات عديدة ، فالجامعات والمدارس ترفع رسومها ولا يسألها احد ، وشركات الاتصالات تلعب بالتسعيرة ، ومخالفات السير ، حرقت الاخضر واليابس ، وغير هذا الكثير من القصص التي تثبت ان كل جهة رسمية او خاصة ، تنهش مال المواطن ، بطرق مختلفة ، حتى باتت الحياة صعبة لكثيرين ، فيما الاوضاع الاقتصادية السيئة ، تتزايد ، وتتخلص شركات ومؤسسات من موظفيها ، بصمت بالغ ، دون ان يعترض احد ، حتى لم تبق هناك فسحة في هذه الحياة لكثيرين ، اذ ان الدفع يلاحق الانسان في حياته وموته ، وتحت عشرات العناوين المختلفة.
لا يعرف امين عمان ، ان عائلات كثيرة ، يموت افراد فيها ، فلا تجد العائلة ثمن القهوة لتقديمها لمن يعزون ، واذا سألت عائلات كثيرة لاكتشفت ان بعضا منهم يستدينون عند وفاة احد لهم ، غير ان الامانة لم تفكر بهكذا طريقة ، ولربما الانموذج الغربي كان حاضرا في ذهنية الامين ، حين تكلف الوفاة في الخارج ، مبالغ طائلة وترتيبات ، يستعد لها المتوفى حتى قبل وفاته ، في حين ان العالم العربي لا يفكر بهذه الطريقة ، ويعتبر ان كرامة الميت لا تسمح بادخاله في "مزادات مالية" حول تسعيرات القبور ، وانواعها ورسومها ، الى اخر هذه القصص ، ولعل رسالة طريفة جاءت الى بريدي من مغترب اردني ، يقول فيه هل ستكون هناك مقابر طبقية ، وما هو سعر القبر لو اقيمت المقابر في دير غبار او عبدون ، وهل فلسفة الرسوم اساسا على دفن الموتى ، حتى على شهادة الوفاة ، منطقية ، ام يجب ان تجد الامانة وغيرها وسائل اخرى لتمويل كلف الارض والحفر وغير ذلك ، بغير مطالبة اهل المتوفي بالدفع.
اساسا يجب الغاء رسم الثلاثين دينارا ، لا..رفع المبلغ الى خمسين دينارا ، لان الرسالة خلف رفع التسعيرة كانت "حتى في موتكم ستواصلون الدفع"... عظم الله اجركم في هكذا سياسات تتعمد الضغط على اعصاب الناس ، كل يوم.
هل تنوي امانة عمان ان تخصخص المقابر؟ سؤال برسم الاجابة.











































