قاعة الصحف في الامانة صغيرة وأليفة

قاعة الصحف في الامانة صغيرة وأليفة
الرابط المختصر

وحدهم محترفو قراءة الصحف والمجلات يعرفون تلك القاعة الصغيرة التي ستشكل موضوعاً لتقرير هذا اليوم عن الاعلام المطبوع.

 

إن المبنى الذي توجد به هذه القاعة ربما يكون المبنى الأشهر والأقدم في وسط العاصمة عمان، إنه مبنى أمانة عمان القديم والذي يحوي منذ سنوات طويلة المكتبة العامة الرئيسية ودائرة المكتبات في أمانة عمان الكبرى، الى جانب مكاتب منطقة المدينة التابعة للامانة أيضاً.

ولكن القاعة التي نكتب عنها هنا، وهي قاعة الدوريات (أي الصحف والمجلات) منـزوية الى خلف المبنى الكبير بعيدا عن باقي أجزاء المكتبة، ولهذا قلنا أن القارئ المجد والمحترف هو فقط الذي يعرفها، ولكنها شكلت فيما يبدو مكاناً أليفاً بالنسبة لهؤلاء القراء الذين يرتادها أغلبهم بانتظام.
 
لا تتجاوز مساحة تلك القاعة الأربعين متراً وتتخذ شكلاً طولياً بعرض حوالي ثلاثة أمتار، فيها خمس طاولات بستة عشر كرسياً فقط، وعلى جوانبها تم تعليق عدد من الرفوف الخاصة بالمجلات والصحف، والقائمة شاملة الى حد كبير، فهنا تجد الصحف جميع اليومية والأسبوعبة والحزبية المحلية، وتجد أيضاً بعض اليوميات العربية، والكثير من المجلات متنوعة الاختصاص والاهتمام، فهناك أرفف للمجلات الفنية وأخرى للسياسية وثالثة للمجلات الثقافية ورابعة تحوي بعض المجلات البحثية المتخصصة والعملية المحكّمة. وفي أقصى القاعة يوجد مكتب يجلس عليه شابان هما المسؤولان عن القاعة، ومن الواضح أنها يتقنان عملهما أو على الأقل لقد ظهر أنهما يحترمان عملهما ومتطلباته الخاصة.
 
هدوء تام ودرجة معقولة من النظام والنظافة والترتيب، وما أن ينتهي قارئ من صحيفة أو مجلة حتى يسرع الموظف المختص الى إعادتها الى موقعها، وبالطبع فقد قمت بتسجيل هذه الملاحظات قبل أن أعرفهما بنفسي وأسألهما بعض الأسئلة.
 
قبل سنوات كانت القاعة تتخذ من مبنى آخر تابع للأمانة في طلوع الشابسوغ القريب، غير أنها كانت حينها قد حلت محل مكتب دفن الموتى التابع للأمانة، الى جانب مكاتب دوريات أخرى لا علاقة لها بالاعلام هي الدوريات التي تحركها أمانة عمان في سيارات البكب الشهيرة في وسط العاصمة التي تراقب الشوارع وتصادر محتويات البسطات، وأذكر انني عندما سألت الموظف على الباب عن قاعة الدوريات سألني مباشرة: أية درويات تريد؟ وفي الواقع لقد كانت مؤشرات دوريات الأمانة كانت أكثر وضوحا من مؤشرات دوريات الصحف والمجلات، فعلى الدوام كانت تتراكم عند المدخل الواسع الكثير من المواد المصادرة من باعة البسطات والمكونة من أكوام وربطات الخبيزة والفجل والملابس المستعملة والأحذية وغيرها مما تختص دوريات الأمانة بمصادرته.
 
اليوم صحيح أن القاعة أصغر قليلاً لكنها تكاد تكون نموذجية نسبياً، فهناك أكثر من ثمانين زائراً يومياً يسجل أغلبهم اسمه عند الدخول في سجل خاص يحوي الى جانب خانة الاسم خانةً أخرى لمهنة الزائر ثالثة لعمرِهِ ورابعة للزمن الذي دخل فيه. وعند تصفح هذا السجل سوف يتضح انتظام بعض الأسماء في التردد على القاعة، كما أن معدل أعمار زوارها يدور حول سن الأربعين، وعدد كبير منهم من الموظفين والمتقاعدين أو العاطلين عن العمل، ولكن نظرة على المتواجدين لحظة تسجيل هذا التقرير كانت كافية لتدل على أنهم من القراء الجادين.
 
توفِّر القاعة خدمة التزويد بأرشيف الصحف اليومية لعدة أيام سابقة، وأرشيف الاسبوعيات والدوريات الشهرية لفترات مناسبة، وبمقدور الزائر ان يطلب العدد الذي يريد للاطلاع عليه داخل القاعة حيث ان الاعارة الخارجية غير مسموحة.
 
بحسب الموظف الذي تحاورت معه، فإن الزوار يلتزمون فعلاً بالسلوك النموذجي المناسب لقاعة مطالعة عامة، فلا توجد احاديث جانبية ولا اتصالات من خلال الموبايل، وقد ساعد على ذلك أن الخروج الى الساحة الخارجية سهل، وحتى عندما طلبت الكلام مع هذا الموظف اضطررنا الى الخروج من القاعة وإجراء الحديث خارجها لأن أية تمتمة كانت ستكون نشازاً بالنسبة للهدوء المحيط.
 
القاعة مزودة بمدفأة غاز تكفيها على الأغلب، ولكن من اللافت أن القائمين عليها قاموا أيضاً بتعليق عود من البخور المشتعل وتثبيته على الجدار لعله يضفي رائحة قد يحبها الرواد.