في شوارع الكرك.. لا مكان للمشاة

" لأكثر من مرة تعرضت لخطر الدهس" بهذه الجمله بدأت سحر العثامين حديثها المنتقد للاعتداءات الفجة على أرصفة المشاة في سوق مدينة الكرك موضحة أنها تضطر لاستخدام الشارع بدل الرصيف بسبب احتلاله من قبل الباصات الخصوصية الصغيرة وبسطات الباعة. وتقول:" عندما لا يستخدم المشاة الأرصفة المخصصة لهم فإنهم معرضون للدهس يوميا وربما الموت".

تلاشت الأرصفة  في سوق الكرك (المدينة) بعد أن انتشرت عليها بسطات الباعة، واستغلها أصحاب المحال التجارية لعرض بضائعهم وكأنها جزء مملوك لهم وليست حيز امان للمشاة، بينما يقوم أصحاب الباصات الخصوصية بإيقاف مركباتهم بجانب المحال التجارية ما يجعل السير على الأرصفة أمرا مستحيلا، والحال هذه تنطبق على منطقتي الثنية والمرج الحيويتين اللتين تضمان العديد من الدوائر الحكومية الرسمية والمدارس، كما تنطبق على منطقة مؤتة في لواء المزار الجنوبي.

تقول أنوار السحيمات: " أنا كسائقة مركبة لا استخدم الطريق الرئيسي في مؤته لان الشوارع فيها فوضية إلى أبعد حد، والمشاة يستخدمون الشوارع للحركة وكان الأرصفة خصصت للبسطات والباعة المتجولين".

مبادرة ووعود

في بداية العام 2022 أطلقت مجموعة من النشطاء حملة في الكرك تحت عنوان "وين الرصيف" تهدف إلى حث المسؤولين على اتخاذ إجراءات حاسمة بخصوص التعديات على أرصفة المشاة. يوضح المهندس جمال النوايسة، رئيس جمعية استثمار الطاقة والناطق الرسمي باسم الحملة أنهم كمواطنين لاحظوا تزايد الاعتداءات على الأرصفة، الذي تزامن كذلك مع زيادة الحركة السكانية في المحافظة، ما دفعهم لإطلاق هذه الحملة علها تساهم في "إيقاظ المسؤولين للمحافظة على حياة الناس". وقال :" توجهنا لرؤساء البلديات في المحافظة وحصلنا  على بعض الوعود، ونأمل خيرا في قادم الأيام".

أحد نشطاء الحملة محمد الصرايره يؤكد أنه عند الحديث عن شوارع مؤتة والمزار الرئيسية فإن الأمر لم يعد يقتصر على الاعتداء على الأرصفة فقط، بل تجاوزه للاعتداء على معظم مساحة الشارع، حيث يتم عرض الخضار والفاكهة وغيرها من البضائع على أجزاء من الشارع، إضافة إلى اصطفاف باصات نقل الركاب الخاصة في تلك الشوارع، وهو ما يؤدي إلى إعاقة حركة المارة والمتسوقين، ويضطر الكثيرين منهم للتسوق في أماكن أخرى بعيدة، هربا من الازدحام.

وفي ما يخص نشاط الحملة يقول:" نحن الآن نعمل على التواصل مع الجهات صاحبة القرار كبلدية مؤتة والمزار،  والمتصرف ومركز أمن المزار، حيث استضاف أعضاء الحملة في آذار الماضي من هذا العام المدير التنفيذي للبلدية فهد امين الخرشة، وتم اطلاعه على المبادرة وأهدافها، وقد أبدى استعداد البلدية للتعاون من أجل التخفيف من آثار هذه الاعتداءات. كما التقى أعضاء من الحملة برئيس البلدية المنتخب إبراهيم النوايسة والذي أبدى كذلك استعداده للتعاون مع الحملة، لكنه طلب مهلة لترتيب وضعه كرئيس جديد للبلدية" 

وبيّن الصرايرة أن الحملة قدمت مقترحين يفترض أن يساهما في إنهاء هذه المشكلة، "الأول يتمثل في إنشاء أسواق شعبية ترحل إليها بعض المحلات التجارية، والثاني يتعلق بإنشاء مواقف لباصات الخطوط المختلفة الخاصة".

مخالفات متكررة

رفض العديد من التجار التحدث إلينا، ومن وافق منهم على ذلك اشترط عدم ذكر اسمه أو تصويره خوفا من الملاحقة. يقول (ر.م): "يفترض أن يُسمح لنا بنصف متر أمام المحال لعرض بضائعنا، بهذه المساحة الصغيرة نحن لا نعيق حركة مرور المشاة. لكن من يتسبب بالأزمة ويعتدي على الأرصفة هم أصحاب البسطات الذين لا  يملكون محال تجارية خاصة بهم".

تاجر آخر، رفض كذلك  نشر اسمه، قال انه تلقى مخالفة بقيمة 500 دينار أردني بسبب عرضه بضائع أمام محله، وبعد الاعتراض عليها تم تخفيضها إلى 110 دنانير فقط . لكنه أخبرنا أن تاجرا في محل مقابل لمحله تعرض للحبس بسبب تكرار المخالفة. 

يقول المدير التنفيذي لبلدية مؤتة والمزار فهد امين الخرشة أن: "البلدية تسعى بكافة كوادرها للتخفيف من هذه الظاهرة  التي أصبحت مصدر إزعاج للمواطنين لما فيها من اعتداء على حقوقهم". مؤكدا:"إن نظام الطرق والأرصفة ضمن حدود البلديات والمعمول به حالياً يمنع أي استغلال للأرصفة من خلال وضع حاجز أو بضائع أو مركبات. ومن يقوم بهذه المخالفة واستناداً لنص المادة (10) من نظام الطرق والأرصفة عليه إزالتها خلال 24 ساعة. وخلاف ذلك فإن رئيس البلدية ملزم بإخطاره بإزالة الاعتداء وإذا امتنع  عن الإزالة تقوم البلدية بإزالة الاعتداء على نفقته".

بانتظار السوق الشعبي

توجهنا بالسؤال إلى رئيس بلدية الكرك الكبرى محمد المعايطة حول سبب استمرار احتلال الأرصفة من قبل أصحاب البسطات والمحال التجارية حتى الآن فقال:" المجلس الحالي يسعى لإنشاء سوق شعبي يتم فيه تجميع كل البسطات لتخفيف الأزمة في الشوارع التجارية. كما أننا بصدد التخفيف من عدد البسطات بقصرها على العاطلين عن العمل فقط ، وسنخصص لها مساحات صغيرة بحيث لا يؤثر وجودها على المشاة أو حركة السيارات، وسنكثف الرقابة على المحال التجارية للتأكد من عدم عرضها منتجات على الأرصفة تزعج المارة، و حرصا على السلامة العامة خاصة إذا كانت هذه المنتجات غذائية".

وحول عدد المخالفات التي وجهتها البلدية لأصحاب المحال التجارية او اصحاب الباصات التي باتت تشكل اعتداءاً حقيقيا على الأرصفة، قال المعايطة:"منذ بداية عمل المجلس الحالي، نهاية مارس 2022، أعطيت توجيها بعدم إعطاء أي مخالفة إلا بعد جمع التجار والمسؤولين في غرفة التجارة وتوضيح الضرر الذي تتسبب به هذه الممارسات. وفي حال عدم التجاوب سنلجأ للمخالفات أو مصادرة البضائع المخالفة، ولكن نتوقع أن النتيجة الأفضل سوف تتحقق من خلال الحوار".

 المعايطة أكد كذلك أن جزءا من أزمة المرور الموجودة في الكرك حاليا تتسبب بها باصات النقل الخاصة، ويمكن حلها مع قسم السير إذا تم تخصيص مكان محدد لتوقف هذه الباصات"، مضيفا:"لا مجال لحل مشكلة الاعتداء على الارصفة إلا بإنشاء سوق شعبي، وقد حصلنا على تمويل له من وزارة البلديات. وهو سوق كانت له مخططات سابقة وأرض مستوفية الشروط، ومنحة من الوكالة الفرنسية، لكن المجلس السابق لم يتابع تنفيذ متطلبات الحصول على المنحة ففقد فرصة إنشاء السوق". 

"سيكون اسم السوق "مجمع الهيّة" ليضم كل البسطات في الكرك بالاضافة لاستغلال سطح السوق ليكون موقفا للسيارات وبالتالي تحل مشكلتين؛ الاعتداء على الأرصفة و أزمة المرور" بحسب المعايطة.

 حازم المجالي  عضو مجلس بلدية أسبق يؤكد أن مخططات السوق الشعبي كانت على أرض مستملكة وتعويضها يصل لـ700 ألف دينار أردني بطريق غير مخدومة بشارع، وستضطر البلدية استملاك أحد محلات الذهب لفتح الطريق.

 

أضف تعليقك