في الأردن.. رسام الكاريكاتير أقوى من 18 حزبا
يطلعنا رسامو الكاريكاتير يوميا برسومات تحاكي الواقع والهم المحلي من ارتفاع للأسعار إلى وخز لقضايا اجتماعية وسياسية تشتغل البال الأردني.
هي مواضيع ذات تربة خصبة لفنانين تترجم ريشتهم ما تحلق به مخيلتهم متجاوزين حدود الحرية حتى المسموحة لهم لعلها تتجه صوب إحداث تغير ما.
رغم بساطة ريشتها الا أنها عميقة في قدرتها على استشعار نبض الشارع الأردني مما سمح لها في السنوات الماضية أن تجد لها مكانا في الواقع المعاش عبر توجيه نقد سياسي لاذع وفاعل بين وعي الناس عجزت عن فعله 18 حزبا أردنيا على الساحة.
المواطن الذي يتجنب الانضمام للأحزاب، هو ذات المواطن الذي يحرص على قلب الجريدة الى الصفحة الأخيرة حيث الكاريكاتير "ليتمتع" بما أبدعته ريشة فنان من ناقد لواقع الناس.
هذا الواقع حرّك عجلة رسامي الكاريكاتير ودفعهم لأخذ دور اكبر في صياغة الواقع بعينهم الناقدة وإسقاط ما يروه على رسوماتهم وبثها عبر وسائل الإعلام المختلفة.
ناصر الجعفري امتهن إبداعه منذ ما يقارب 12 سنة وتخصص بالكاريكاتير السياسي واتخذ من صحيفة "العرب اليوم" زاوية له لنشر إبداعاته الفنية.
يقول الجعفري: "إن الرسوم الكاريكاتير أقوى تأثيرا من الأحزاب"، مشيرا ان العمل السياسي والحزبي غير منظم ولم يصل بعد إلى مرحلة يستطيع من خلالها أن يخاطب الحزب الجمهور بشكل مباشر، وسلس دون عقبات أو خوف.. "إنهم يعانون من أزمة ثقة مع السياسي، فيما يحصل الكاريكاتير على الثقة الكاملة".
وأضاف" الخطاب الحزبي في المعتاد مليء بالشعارات الصارمة والرزينة والمواقف الايدولوجية التي تمنع من وصولها إلى المواطن، بعكس راسم الكاريكاتير الذي يمتاز بالحرية وملامسة مشاعر المواطن".
ويرى الجعفري أن من مهمة راسم الكاريكاتير البحث عن السلبيات في المجتمع وإلقاء الضوء عليها ويقول: "فن الكاريكاتير لم يوجد كي يجامل القارئ فهو فن عميق يبحث عن ظواهر سلبية ويلقي الضوء عليها".
ورغم سقفها العالي في الانتقاد إلا أن رسامي الكاريكاتير يقفزون في بعض الأحيان عن حواجز الخطوط الحمر رغم منع بعض رسوماتهم من النشر خلال عملية بحث الفنان عن سقف أعلى من الحرية – بحسب الجعفري- الذي يشير إلى جملة من المعيقات تؤثر على إبداعاتهم الفنية.
ويوضح،" هناك تابوهات سياسية واجتماعية تعيق عمل راسم الكاريكاتير من العمل بشكل حر، فضلا عن الضغط الحكومي على المؤسسات مما يؤثر على عمله وخصوصا إذا كانت المؤسسة على علاقة قوية مع الحكومة".
وحول تفضيل القارئ للكاريكاتير عن قراءة الأخبار، يستطرد الجعفري: "الكاريكاتير يحتوي على مادة بصرية يسهل التعاطي معها، فغالبية القراء لا يميلون إلى قراءة تقرير مطول أو تحليل سياسي، لذلك يميلون إلى الصورة البصرية لقدرتها على توصيل الفكرة بأسلوب أسهل ومختصر وهذا ما يجعلها مادة محببة عند الجميع ومن مختلف الأعمار بغض النظر عن خلفياتهم السياسية".
رسام الكاريكاتير بشير مريش عشق هذا الفن منذ الصغر ليكبر ويُمتع نظر وعقل القارئ برسوماته التي لاقت طريقها عبر فضاء الانترنت وعلى موقع "خبرني" الالكتروني حيث يركز في رسوماته على الوضع الاقتصادي، فضلا عن الوضع الإقليمي والخطر المحدق بحق الفلسطينيين، وجد أن فن الكاريكاتير ما هو إلا تنفيس عما يختلج في صدر المواطن من هموم.
وأضاف،" لا نهدف في فن الكاريكاتير تسليط الضوء على السلبيات بقدر توجيه النقد، فعند الرسم نأمل بإزالة السلبيات بهدف الضغط على المسوؤلين حتى يتحركوا اتجاه ما يتم التسليط عليه في الرسومات".
ويرى مريش، أن رسوم الكاريكاتير حظيت بتفاعلية كبيرة بعد أن شقت الرسوم طريقها عبر صفحات الانترنت. وأضاف" لكن لم نصل بعد إلى مرحلة تفاعل المسؤول مع ما يرسم لأنه لا بد أن يكون هناك ضغط اكبر حول أي قرار تقوم به الحكومة".
واتفق مريش مع ما جاء به الجعفري ان الأحزاب ليس لها دورا تفاعلي مقارنه مع راسم الكاريكاتير الذي وصل إلى مرحلة أقوى للتعبير عن توجهات الشعب وهمومه من الأحزاب الأردنية.
لم يتعرض لأي ضغط لمنع كاريكاتيره من النشر رغم وجود بعض من الخطوط الحمراء التي تمنع الرسام في بعض الأحيان من الرسم حرصا على مصلحة المؤسسة، مشيرا أن السلطة أقوى على رسام الكاريكاتير لأنه لا بد من مراعاة الخطوط الحمراء بالسلطة، ولكن رئيس التحرير يقوم بنشرها بعد التفاهم معه.
أما في ما يخص موضوع السلطة والمال والضغوط والإغراءات –بحسب مريش- فان الراسم الموضوعي الذي يتناول هذه المواضيع بهدف التعبير عن هموم المواطن لن تغريه هذه الأمور واضاف:"فإذا كان موضوعي سوف يرسم بغض النظر عما حوله من إغراءات حيث يتم في الكاريكاتير تناول الشكل الإجمالي في المجتمع إذا كان فيه خطا".
إستمع الآن