فنادق وسط البلد تصارع لأجل البقاء

فنادق وسط البلد تصارع لأجل البقاء
الرابط المختصر

تحطم فنادق وسط البلد الأسعار لاستقطاب النزلاء في أجواء من المنافسة والصراع على البقاء. فرغم أن أجرة الغرفة لليلة الواحدة لا تتجاوز دينارين فقط، لا تزال هناك غرف شاغرة، ما تسبب في إغلاق سبعة فنادق أواسط العام الماضي.

وينادي فيه العاملون في هذا القطاع إلى ضرورة النهوض بفنادق وسط البلد، وسط وعود جمعية الفنادق الأردنية بتنفيذ مشروع تطويري لتلك الفنادق للنهوض بخدماتها وتطوير كادرها العامل.

وأمام هذا وذاك تبقى تلك الفنادق التي يصل تعدادها وفق إحصائيات الجمعية إلى 100 فندق ونزل، تصارع على البقاء، ويستمر إغلاق بعضها، ليس تأثرا بالأزمة المالية العالمية وإنما بسبب شح النزلاء الذين هجروها منذ سنوات.

فنادق شعبية ليست مصنفة ولا تحمل أي نجمة في غالبيتها وإن حملت تكون نجمتين كحد أقصى. ورغم تدني مستوى الخدمة المقدمة، ما يزال بعضها قادرا على اجتذاب سياح من كافة الجنسيات باحثين عن إقامة بكلفة زهيدة.   

لا نجوم في الفنادق
ولا تطبق الفنادق غير المصنفة المواصفات الإنشائية الخاصة بها، من وجود دورة مياه في كل غرفة، بل ويكتفي بعضها بدورة مياه للطابق الواحد ذي الغرف المتعددة، إضافة إلى وجود عدة أسِرة في الغرفة الواحدة، خلافا للفنادق المصنفة التي تضع سريرين كحد أقصى ضمن المزدوج والمفرد.
 
"الأجرة الأقل" هي وسيلة المنافسة الوحيدة بين فنادق وسط البلد، فحجز الغرف الفردية بدينارين والمزدوج بثلاث. لكن هذه المنافسة تكون على حساب الجودة والسمعة، كما يرى المواطن أحمد بشير الذي يعمل في محل متاخم لأحد الفنادق. وهو ما يؤيده صاحب فندق حمودة، رشيد جابر الذي يفاخر بعدم تقديم فندقه المشروبات الروحية كوسيلة تمايز عن منافسيه.
 
الممرات المؤدية إلى بعض تلك الفنادق لا تدلل على أنها فنادق. وقد تكون واجهة الفنادق واجهة وسيلة لاستقطاب النزلاء، لكنها في وسط البلد لا تأبه بالشكل، بل "أن هناك قصدية في عدم الاهتمام"، وفق ما يذهب إليه مسؤول الاستقبال في فندق المدرج الروماني، لأن المهم كما يقول "النظافة والسمعة الطيبة".    
 
رشيد جابر، في الثمانين من العمر، يعمل وابنيه في إدارة شؤون الفندق، من إدارة ونظافة ومتابعة. ويعتقد أنه لولا حرصهم على نظافة الفندق والمحافظة على سمعته الجيدة لما استمر حتى هذا الوقت. لكنه كغيره، اشتكى من قلة النزلاء، معترفا أن عدم تقديمه المشروبات الروحية يساهم في قلة النزلاء الأجانب.
 
مسؤول قسم الاستقبال بسام سالم في فندق المدرج الروماني لم يشأ الإفصاح عن اسمه لكنه اعتبر أنه لولا النزلاء العرب لما استمر الفندق حتى الآن، ويقول: نعتمد على العراقيين أو السوريين وبعض أبناء البلد.

إقبال متأرجح
جاسر، مسؤول في فندق قصر عمان، يعتقد أن تدني نسب الزوار سببه كثرة الفنادق. ويقول إن الفندق سابقاً لم يكن يستوعب عدد النزلاء من كثرتهم، لكنه الآن بات يبحث الآن عن أي نزيل أمام أعداد الفنادق المقامة.
 
فندق برج الأردن أيضا حاله يشبه حال الفنادق المجاورة له. ويقول مسؤول الفندق موسى الكركي، إن جميع فنادق وسط البلد باتت تحارب للاستمرار أمام طفرة الفنادق الضخمة والعالمية المقامة في عمان. ويرمي سبب تراجع الفنادق إلى "تضييق" تمارسه أمانة عمان الكبرى وإهمال وزارة السياحة.
 
ويتفق الكركي مع جاسر في سبب ضعف إقبال النزلاء، إذ يرمي الكركي المسؤولية على الأمانة في قلة الزوار، ويقول أنها منعتهم من تعليق اليافطات أمام مباني الفنادق، باستثناء يافطة بسيطة صغيرة لا يمكن رؤيتها بوضوح، "فكيف سيعرف السائح أو الباحث عن وجود فندق".
 
صاحب فندق أغلق قبل شهرين، لم يشأ الحديث مبينا أن انشغالاته عن الفندق دفعته إلى الإغلاق، وقال عاملين مجاورين للفندق المقابل للمدرج الروماني في الساحة الهاشمية قالوا إن إغلاقه جاء لقلة النزلاء بسبب أسعاره المرتفعة بالمقارنة مع فنادق مجاورة له، ما دفع بصاحب الفندق إلى إغلاقه. 

إهمال بالتالي إغلاق

لكن فنادق وسط البلد تواجه أزمة داخلية، على ما يقوله رئيس جمعية وكلاء السياحة والسفر محمد الإمام، وتتمثل بإهمال إدارات الفنادق في احتياجات فنادقها من نظافة وتطوير وتحديث في وقت هي مطالبة بذلك للاستمرار.  
 
إضافة إلى ذلك، لا يدرج وكلاء السياحة والسفر فنادق وسط البلد غير المصنفة أو ذات النجمة الواحدة في برامجها السياحية، رغم أسعارها المتدنية والتشجيعية. وبذلك تفقد تلك الفنادق فرصتها في استقبال الأفواج السياحية.
 
ويستغرب الإمام الإهمال وعدم الرعاية الذي تعاني منه فنادق وسط البلد، سواء من قبل إداراتها أو من قبل الجهات الحكومية. "من المفترض أن يكون هناك اهتمام وتطوير لها في كل مراكز المدينة، وهناك نماذج ناجحة، وعلى مقربة من الأردن مثل دمشق وحلب".
 
تأهيل الفنادق أولى
يطالب الإمام بإعادة تأهيل الفنادق وتطويرها لأنها ستعود عليهم بالمردود والإقبال، وبالتالي ستؤثر إيجابا على المنتج السياحي الأردني. ويقول أنه من الأهمية بمكان إدراج فنادق مطلة على المدرج الروماني أو جبل القلعة وسبيل الحريات.
 
"نريد تشكيل فريق عمل خاص بالفنادق في وسط البلد"، يقول مدير عام جمعية الفنادق الأردنية، يسار المجالي. ويتحدث عن أن المشروع يتضمن تدريب الموظفين العاملين في الفنادق وتأهيل الخدمات المقدمة لهم، إضافة إلى خطط أخرى تستمر قرابة الستة شهور.
 
ويتفق المجالي مع الإمام في أهمية تطوير فنادق وسط البلد، ويدعو الحكومة إلى ضرورة المساهمة "إيجابا" في دعم القطاع من خلال البحث عن الخطط الاحترازية التي تساهم في دعم القطاع من خلال خطط التنمية والبحث عن طرق استدامة المنتج السياحي، مشيرا الى ضرورة الإسراع في تخفيض أسعار الكهرباء على المنشآت الفندقية.
 
من جانبها، ترى وزارة السياحة أن أمانة عمان تتكفل بالنهوض بوسط البلد، والوزارة شريك داعم لها. يقول أمين عام وزارة السياحة، الدكتور فاروق الحديدي أن "الوزارة على استعداد لإحياء الفنادق بالتعاون مع جمعية الفنادق الأردنية".
 
المادة الرابعة من نظام جمعية الفنادق الأردنية رقم 32 لسنة 1997 تشير إلى مهمة الجمعية في رفع مستوى ممارسة المهنة ونشر الوعي السياحي لأعضائها وتنمية السياحة الأردنية وتنشيطها والقيام بجميع الأعمال اللازمة لتحقيق هذه الأهداف.
 
ويقارن رئيس الجمعية، ميشيل نزال، بين دخول فنادق وسط البلد مجتمعة وبين عشر غرف في فندق خمسة نجوم. "بدون مبالغة لا تحصل فنادق البلد مجتمعة ما تحصله عشرة غرف في أحد فنادق خمسة نجوم".
 
نزلاء فنادق وسط البلد هم من الأردنيين القادمين من المحافظات والعمالة الوافدة والسائقين القادمين من الدول المجاورة، أما السياح فيخصصون مبالغا لسفرهم بهدف السياحة ولا يقبلون النزول في فندق غير مصنف.
 
وإذا كانت أمانة عمان الكبرى تهدف في مشروعها "تجميل صحن عمان" إلى تطوير وسط البلد لجذب مزيد من السياح، فإن القائمين على فنادق وسط البلد غير متفائلين بالمشروع، بل يذهب بعضهم إلى الاعتقاد بأنه سيساهم في حسر مهنتهم لكون المشروع يتضمن إقامة فندق ضخم باسم فيلادلفيا بديلاً عن مكتبة الأمانة المطلة على المدرج الروماني.   
 
ويحوي القطاع السياحي حوالي 80 ألف عامل، يعمل ما مجموعه 19 ألف عامل في المنشآت الفندقية وتشكل مجموع رواتب الموظفين لفنادق الخمسة نجوم ما نسبته 30 الى 35 بالمئة من مجموع الدخل.