فلسطينيون على الحدود..هل أحرجوا العالم

الرابط المختصر

وسط ظروف صعبة ومواقف سياسية حرجة يواصل اللاجئون الفلسطينيون حياتهم بين الحدود الأردنية العراقية، رافضين دعوات المنظمات الدولية بالعودة من حيث أتوا حتى لو تم تأمين الحماية لهم.

ويبقى حال اللاجئين معلقا، "لا يدرك أحدا عذابات الأوضاع المعيشية في الحدود"، حيث يتعذر على المنظمات الدولية إيصال المعونة إليهم بسهولة، مصدرة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تقريرا متناولا أوضاعهم الصعبة والمخاطر التي قد يتعرضوا لها وكل هذا أمام أعين العالم الذي لا يحرك ساكناً أمام معاناتهم.

"هذه القضية لا تمثل سوى إحراج للقوى التي تسببت في تهجير هؤلاء اللاجئين للمرة الثانية عن بيوتهم، فهؤلاء لم يغادروا بيوتهم المؤقتة في العراق إلا إلى أرضهم، لكنهم اضطروا بفعل التصرفات الإجرامية التي قامت بها بعض الميليشيات الطائفية في العراق والتي تعاملت مع الوجود الفلسطيني بطريقة لا يمكن قبولها لا بالمعنى السياسي أو الإنساني فهي تتصرف بمنطق إجرامي ثأري من النظام السابق ولكن من خلال اللجوء إلى استهداف الفلسطينيين العزل هذه هي الجهة التي ينبغي أن تشعر بالحرج سياسيا وإنسانيا وأخلاقيا جراء تهجير هؤلاء اللاجئين"، ذلك ما قاله الصحفي عريب الرنتاوي.

والحل كما يجده الرنتاوي يتمثل بإعادة اللاجئين إلى وطنهم "والضغط ينبغي أن يتركز على سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي تحول دون عودة هؤلاء إلى أراضيهم في فلسطين".

الموقف الأردني أعلن مرارا الرافض إدخالهم، ويقول الرنتاوي: "موقف الأردن سيادي، ولأنه لا يستطيع أن يكون ملجأ إلى موجات هجرة جديدة من اللاجئين، ولا يستطيع أن يكون قطار الحل بالنسبة لمشكلة اللاجئين في المناطق العربية المختلفة وهو بموقفه هذا يوجه رسالة إلى المجتمع الدولي الذي استنكف عن القيام بدوره في حماية اللاجئين، وأيضا رسالة إلى الولايات المتحدة الأمريكية الدولة صاحبة الولاية في العراق كقوة إحتلالية الآن بتحميلها مسؤولية أمن ورعاية اللاجئين، وللأردن سجل من التخلي الدولي عن موجات اللجوء المتعاقبة بعد الحرب على العراق واحتلال بغداد، وترك اللاجئين لمواجهة قدرهم على الحدود، ولم يبذل المجتمع الدولي ما يكفي من الجهود لا لإغاثتهم ولا لإيصالهم لأوطانهم ولا لإغلاق ملفهم بشكل كامل".

"وحل هذه القضية يجب أن يكون على نطاق أوسع يتخطى الموقف الأردني والحدود الأردنية".

ويرى الرنتاوي أن الخيار الواقعي للقضية يتمثل عبر الحل العربي وتحرك فلسطيني عربي جاد.."وحتى الآن نحن نتحدث عن رسائل وتصريحات فقط، ليس هناك مبادرة سياسية دبلوماسية جادة فلسطينية عربية من أجل مواجهة هذه الكارثة الإنسانية لذلك على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير أن تولي الاهتمام الأكبر وتتحرك بفاعلية".

ويناشد اللاجئون العالم بالعودة إلى أراضيهم، ويضيف الرنتاوي: "وهو خيار مطروح بالعودة إلى أراضي السلطة الفلسطينية أو إعادتهم إلى بيوتهم المؤقتة في العراق وضمان أمنهم وحمايتهم إلى أن يجري الوصول إلى حل جذري لهذه القضية".

اللاجئ الفلسطيني إيهاب تيم من موقع إقامتهم قرب الحدود، وتحدث لعمان نت عن حياتهم الصعبة، ويقول: "أعدادنا تزداد يوما بعد يوم وقد وصل العدد إلى 181 لاجئا يقيمون داخل المجمع الحدودي في الترابيل بمسافة 50 مترا عن العازلة".

ويقيم في المخيم 12 أردنية متزوجة من فلسطينيين، أما الأطفال فيزيد عددهم عن 60 طفلاً، "ولا يوجد لدينا وحدة طبية، لكن من قبيل الصدفة أن أثنين من اللاجئين المقيمين معنا هم أطباء لكن الظروف صعبة جداً".

وقام الهلال الأحمر العراقي بدعم اللاجئين "عبر إقامة مخيم لنا والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين لديهم كشف كامل بأسماء اللاجئين، ومن المقرر أن ترسل المفوضية من عمان مندوبين للإطلاع على أحوالنا"، كما قال إيهاب تيم.

من جهتها، تؤكد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أنها تتابع قضية اللاجئين على الحدود، حيث ترسل مندوبين لها كل فترة لأجل الإطلاع على أحوالهم ورفدهم بالاحتياجات، وتقول مسؤولة الإعلام في المفوضية يارا الشريف إن عدد اللاجئين المسجلين لديها حتى الآن بلغ 158 لاجئا ولا يوجد حسب ما لدينا من معلومات أي هجرة جديدة لعائلات قادمة من العراق.

وتضيف الشريف.."في الثاني عشر من نيسان تم تزويد اللاجئين بمواد غذائية وخيم وبطانيات تكفي ل200 شخص إضافة إلى تزويدهم بمواد غذائية تكفي لشهر واحد، إضافة إلى حقائب صحية وأدوية طبية، بالتعاون مع الهلال الأحمر العراقي ولجنة المخيم تتولى إدارة المخزونات وإيصال أي طلبات إلى موظفي المفوضية".

منظمة ميزان لحقوق الإنسان، ستوجه رسالة إلى وزارة الداخلية لأجل السماح لـ12 امرأة أردنية بالدخول إلى الأراضي الأردنية مع أزواجهم وأولادهم، وتقول الناشطة إيفا أبو حلاوة ورئيسة ميزان: "وجهنا رسالة إلى المؤسسات الدولية لأجل الالتفات إلى قضيتهم، ونحن نراقب الصعوبات التي تواجهها المنظمات الدولية نظرا لإقامتهم في المنطقة المحرمة وهو ما يتعذر عليهم من وصول المساعدات".

وتقرأ أبو حلاوة واقع اللاجئين.."وفق آخر تقرير للأمم المتحدة الصادر عن فرعها في العراق فإنه يشير إلى أن الفلسطينيين القاطنين في العراق يتعرضون إلى التمييز وممارسات بشعة من تعذيب إضافة إلى قتل عديد منهم، ويطلقون عليهم في العراق العراقيين الصداميين وكونهم أيضاً من السنة، ولأن السنة في العراق يتعرضون للمضايقات خصوصا بعد تفجيرات المرقد بات وضع الفلسطينيين غير محتمل".

وفي ظل هذه الأوضاع.."يزداد عددهم لأنهم يهربون من انعدام الأمن والقتل".

وعن الوضع القانوني للاجئين تقول إيفا: "سيتم متابعة قضيتهم مع الأمم المتحدة لأنها هي من تتحمل مسؤوليتها في القضية، والأردن موقفه واضح تجاه قضيتهم وبحسب قانون الإقامة والحدود والأجانب أنه يسمح بدخول أي أجنبي إذا كان لديه جواز سفر ساري المفعول ومن هنا الصعوبة بتسهيل مهامهم، حتى الوثائق التي بحوزتهم غير سارية المفعول".

وتضيف أن الأردن لم يدخل في الاتفاقية الخاصة باللاجئين والتي فيها نص يمنع طرد للاجئين من دولة ما هارب من الاضطهاد والخوف من القتل، موضحة أبو حلاوة "هذا القانون دولي ومعروف في العالم وتحترمه جميع الدول، سواء أكانت داخل كطرف فيه أو لا، والحل القانوني لهم هو العودة إلى قراهم ومدنهم".

وكانت الحكومة الأردنية قد انتقدت طلب منظمة "هيومن رايتس وتش" لحقوق الإنسان من الأردن بإدخال الفلسطينيين المتواجدين حاليا على الحدود الأردنية العراقية إلى أراضيه.

وأعتبر وزير الداخلية عيد الفايز أن "قضيتهم شأن دولي ويجب أن تتم مناقشته في هيئة الأمم المتحدة، والتعامل معهم كباقي اللاجئين الذين هجروا بسبب الأوضاع في العراق، وأن الأردن ليس مسؤولاً عن أي لاجئ فعلى المفوضية السامية للاجئين أن تتحرك وتتابع قضيتهم".

يشار إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين في العراق يصل 35 ألفاً، ويعانوا من سوء الأوضاع وانعدام الأمن، ويتعرض بعضهم للاعتداء والتعذيب من قبل بعض العراقيين الذين يعتبرونهم موالين للرئيس العراقي السابق صدام حسين، حيث بدأ بعضهم بالهرب من العراق واجدين في الحدود أكثر أمنا وراحة من العراق، ومن هنا لا تجد المنظمات الدولية حلا لهم سوى بدعمهم مؤقتا إلى حين قبول أي دول في العالم لهم أو تأمين الحماية لهم في العراق وهو ما لا يتمناه اللاجئون.

أضف تعليقك