ضرب وتقييد شبه يومي، تتعرض له لينا (اسم مستعار)، منذ ان ارتبطت بزوجها قبل سنة ونصف، ليضاعف من ألمها عدم وجود سند اسري، تشتكي اليه الذل والمهانة التي تعيش.
لينا، البالغة من العمر 17 عاما، قررت الزواج من أحد خريجي مؤسسات الرعاية الاجتماعية، ليس لوجود علاقة عاطفية تجمعهما، بل هربا من واقع أليم تعيشه، عبر تنقلها بين مؤسسات الرعاية، والوصمة الملتصقة بها، باعتبارها مجهولة نسب.
عاشت لينا، والتي التقتها الغد دون علم زوجها، منذ ولادتها في مؤسسات الرعاية الاجتماعية، تحت مسمى مجهولة نسب، إلى أن تم نقلها إلى دار الخنساء (الرصيفة)، نقلا تأديبيا، كونها شاركت في أعمال شغب في الدار، التي كانت تقيم بها سابقا.
تَقدم شاب للينا طلبا للزواج منها، وهي التي تعاني من صعوبات في التعلم، كان بمثابة حلم، وبوابة للخروج من اسوار المؤسسات إلى فضاء الحرية، لكن واقع الحياة الزوجية كان عكس ما توقعته تماما.
فإلى جانب العنف الجسدي، الذي تتعرض له لينا، فإنها عادة ما تتعرض لأسوا انواع العنف اللفظي من قبل زوجها، الذي لا يتردد في ان ينهال عليها باسوأ الشتائم، حتى على مسمع الموظفين في مكاتب وزارة التنمية الاجتماعية.
تقول بكلمات بسيطة: بضربني، وبربطني دايما، ما بدي اياه، ما بحب اكون متزوجة، لكنها تستدرك: ما عندي مكان ثاني اروح عليه.
خوف لينا من بطش زوجها، وعدم وجود مكان آخر تلجأ اليه، يفرضان عليها الرضا بقدرها، فطلب الطلاق غير ممكن، في ظل عدم وجود مكان آخر تلجأ اليه، اما دار الوفاق الاسري فليست خيارا لها، كونها لا ترغب بالعودة مرة أخرى إلى مؤسسات الرعاية، التي لم تعرف غيرها طوال حياتها.
لينا واحدة من عشرات الفتيات خريجات دور الرعاية الاجتماعية، ممن لم يكن امامهن سوى الزواج كبديل، للهروب من واقع اجتماعي صعب يحيط بهن، دون ادراكهن للمصاعب التي ستواجههن، نتيجة الاختيار الخاطئ، والتي غالبا ما تنتهي بالطلاق.
غالبا ما يسعى خريجو دور الرعاية للارتباط، بعد تخرجهم مباشرة، اذ يكون الارتباط بديلا وهربا من الانحراف لدى الفتيات، فضلا عن تحقيقه للاستفادة من الدعم المادي، الذي تقدمه الوزارة للمتزوجين، من ابنائها، والمتمثل بمبلغ 1500 دينار، تصرف مرة واحدة، إلى جانب المعونات والمؤونة الموسمية.
نسمة (اسم مستعار ايضا)، فتاة اخرى تزوجت من شخص باكستاني الجنسية، وهي في سن السابعة عشرة، استمر زواجها ثلاثة أشهر، قبل ان ينتهى بالطلاق.
وبحسب ارقام قدمها خريجو دور الرعاية، خلال مؤتمر صحفي عقدوه اول من امس، فإن 21 فتاة من خريجات مؤسسات الرعاية الاجتماعية، تزوجن من أشخاص من جنسيات اجنبية، تحديدا السودانية والمصرية والهندية، وانتهى زواجهن بالطلاق بعد فترات قصيرة، ليكررن المأساة بإنجاب أطفال، وان كانوا شرعيين، فإنهم لا يحملون الرقم الوطني (الجنسية الاردنية).
حالة فرح أكثر تعقيدا، ففرح، ابنة الـ 25 عاما، أرملة اليوم، تعيل ثلاثة أطفال.
تزوجت فرح (اسم مستعار ايضا)، وهي ضحية تفكك أسري وعاشت فترة طويلة من حياتها في مؤسسات الرعاية، في سن 15 عاما، من رجل من اقاربها يكبرها بعشرين عاما.
لم تكن وزارة التنمية الجهة التي زوجت فرح، بل كان قرار والدها، وهي اليوم تتلقى معونة قيمتها 130 دينارا لإعالة ابنائها، كونها غير قادرة على العمل.
صعوبات كبيرة تواجه فرح، فهي غير متعلمة، وبالتالي لا تستطيع ان تعمل في ابسط المهن، كما انها عاجزة عن تدريس ابنائها، الذين انقطعوا لفترات عن الدراسة نتيجة مشكلات عائلية.
واقع الحال، يشير إلى ارتفاع كبير في أعداد المطلقات من خريجات دور الرعاية، وهو الامر الذي تدركه وزارة التنمية الاجتماعية بشكل تام، في وقت يمكن تلخيص أسباب الطلاق بأنه يقوم على زواج، غالبا ما يكون غير متكافئ، كما ان الفتيات غالبا ما يكن عرضة للعنف، من قبل أزواجهن، نتيجة عدم وجود سند أسري لهن.