فتوى الجبهة: مرآة للعلاقة مع الحكومة

فتوى الجبهة: مرآة للعلاقة مع الحكومة
الرابط المختصر

فتوى علماء الشريعة في حزب جبهة العمل الإسلامي بتحريم مشاركة القوات الأردنية في أفغانستان  وتحريم "إطاعة المسلم لأي أمر في معصية الله"؛ قد لا تخرج من السياق العام للعلاقة بين الحركة الإسلامية والحكومة في الفترة الأخيرة.

فبمقاطعة الإخوان المسلمين للانتخابات النيابية بالرغم من حوارات الحكومة العديدة معهم؛ وخروجهم من قبة المجلس في مخاطبة الحكومة؛ فتحت أبواباً أخرى أمام الإخوان في محاولة لإيصال مواقفهم.

وقد لا يكون تصادم الإخوان مع الحكومة حول تحريم وجود القوات الأردنية في أفغانستان بجانب الولايات المتحدة الأمريكية جديداً؛ حيث مثلت حادثة خوست أولى الصدامات بين الطرفين بالشأن الأفغاني الأردني؛ حيث أصدرت شخصيات أردنية من بينها قيادات الحركة الإسلامية بياناً حمل ستين توقيعاً تحت عنوان "ليست حربنا" تضمنت تحذيرات للحكومة الأردنية من جر الأردن إلى الدخول في معارك الآخرين.

وتتابع الأمر لتكشف وثائق جديدة على موقع ويكيلكس عن زيادة مشاركة القوات الأردنية في أفغانستان بعد هجوم خوست.

الحكومة الأردنية خرجت على لسان ناطقها أيمن الصفدي مدينة بيان "الفتوى" الذي أصدره حزب جبهة العمل الإسلامي؛ معتبرة إياه إساءة للدور الذي تقوم به القوات المسلحة في مساعدة الشعب الأفغاني؛ مبينة أنها ستستمر في تقديم عونها إلى الشعب الأفغاني لمواجهة جميع تحدياته.

موفق محادين أحد شخصيات الموقعة على البيان؛ اعتبر هذه الفتوى امتدادا لبيان الستين الذي حمل عنوان "ليست حربنا"؛ مبيناً بأنها جاءت معززة للبيان.

بينما استنكر الكاتب سلطان حطاب قضية إصدار فتاوى تمس المصلحة الأردنية مبيناً أن دور الأردن في أفغانستان يناقش عبر مجلس النواب الذي يمثل الشعب الأردني.

إصدار هذه الفتوى في ظل الأوضاع الراهنة والتي تصدر عن أحد الأحزاب السياسية الأردنية ذات الطابع العقائدي؛ أمرٌ رفضه حطاب؛ مبيناً بأنه لا يجوز إصدار فتاوى عن جهة تحمل وجهة نظر سياسية تجاه قضايا سياسية؛ مضيفاً أن جبهة العمل الإسلامي لا تمثل مصدر إفتاء؛ وبأنها أصبحت تصدر فتاوى عديدة ومختلفة منها ما هو ضروري والآخر غير ضروري.

هذه الفتوى يراها البعض بأنها تأخذ أبعاداً سياسية في ظل إصداراها في هذا التوقيت مع مقاطعة الإخوان للانتخابات؛ وهو ما يرفضه حطاب معتبراً أنه كان على جبهة العمل الإسلامي أن تطرح هذا الأمر على الحكومة من خلال مجلس النواب لتجد الإجابة عليه بدلاً من الاشتباك في المواقف خارج قبة المجلس.

إلا أن محادين ينظر إلى هذه الفتوى بشكل مغاير؛ حيث يرى أن على الحكومة التعاطي معها بروح الإحساس بالخطر الإسرائيلي بدلاً من الرد عليها ببيان استنكاري؛ وهو ما يرى فيه محادين إشارات نحو التصادم مع فئات شعبية واسعة.

هل الوجود الأردني في أفغانستان مصلحة أردني؟

دور الأردن في أفغانستان وتعزيز القوات العسكرية بها؛ أمرٌ اعتبره محادين بأنه لا يمثل أية مصلحة للأردن؛ مبيناً أن على الأردن حشد قواتها لمواجهة الخطر الإسرائيلي الذي يحدق بها.

إلا أن بعض المحللين ينظر إلى أن تعزيز القوات الأردنية ووجودها في أفغانستان يعزز الدور السياسي للأردن في العالم؛ حيث بين حطاب أن القوات الأردنية لم تذهب إلى أفغانستان بغية الاشتباك العسكري مع المدنيين الأفغان وإنما ذهبت في مهمات ذات طابع دولي وإنساني.

قرار إرسال القوات الأردنية إلى أفغانستان في ظل تنامي الدعوات الإسرائيلية إلى لفت أنظار العالم بأن الأردن هي فلسطين وأن حل القضية الفلسطينية يأتي على حساب الأردن؛ أثار بعض الشخصيات السياسية؛ حيث اعتبر محادين أن وجود القوات الأردنية في أفغانستان هو تبديداً لها وصرفها عن قضايا أهم وأخطر تمس الأمن القومي؛ موضحاً بأنه كان يجدر بالأردن حشد قواتها للمحافظة على أمنها من الخطر الإسرائيلي.

وهو ما يرفضه البعض؛ حيث ينظرون إلى وجود القوات في أفغانستان في سياق حسابات الفاعل العقلاني؛ حيث يرى حطاب بأن قرار تواجد القوات الأردنية في دول العالم هو قرار تحتمه المصالح الأردنية؛ مبيناً أنه لا أحد يملي على الأردن سحب أو إرسال هذه القوات.

قيادة الولايات المتحدة لتحالف الناتو وحفظ وجودها في أفغانستان؛ يملي على الولايات المتحدة أن تكثف جهودها الدبلوماسية في الحفاظ على مصالحها في المنطقة؛ وهو ما يرى فيه محادين بأن الأردن خضع لابتزاز أمريكي؛ بمحاولة مقايضة دعم الأردن لأمنه وتواجده في أفغانستان بحجم المساعدات الأمريكية الممنوحة إليه.

ومن الجدير ذكره بأن عملية خوست حدثت في 30 كانون الأول الماضي؛ والتي أسفرت عن مقتل 8 من عناصر وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي اي ايه " وجرح 6 آخرين في هجوم وقع في قاعدة عسكرية أمريكية في مدينة خوست جنوب شرقي أفغانستان؛ تبين بعدها أن منفذ الهجوم كان أردنيا يدعى همام خليل البلوي؛ لتكتمل رواية القصة بإصدار طالبان تصريحات أوضحت بها أن المخابرات الأردنية كانت جندت البلوي لتحديد مكان الظواهري، إلا أن الحركة بالتعاون مع طالبان أفغانستان والقاعدة نجحت في إحباط المخطط وقامت بتجنيد البلوي الذي تمكن من تضليل المخابرات الأردنية والأمريكية لمدة عام كامل.

وبحسب موقع حلف الناتو؛ فإن عدد القوات الأردنية المشاركة إلى جانب قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان تبلغ 90 عسكرياً أردنياً.

مواضيع ذات صلة