غلاء المعيشة يؤجج الإضرابات العمالية في الأردن

غلاء المعيشة يؤجج الإضرابات العمالية في الأردن
الرابط المختصر

هل ازداد وعي العمال بحقوقهم أم ازداد تعدي أرباب العمل على حقوقهم؟ سؤال بات يشغل الكثير من الناشطين في حقوق العمال، والذين يجمعون على إيجابية نتائج الإضرابات العمالية، رغم بعض الآثار السلبية التي تقع على ممثلي العمال.

 

 

إضرابات عمال الموانئ في العقبة التي وقعت في تموز وآب الماضيين، كانت الأبرز في حدتها بسبب الصدامات التي وقعت بين العمال وقوات الدرك، إضافة إلى الإضرابات التي ما يزال عمال المياومة في القطاع العام ينفذونها بين الحين والآخر، وأخيرا عمال المناولة والتحميل في جمرك عمان الذين ينفذون إضرابا منذ أسبوعين إلى أن تتم إعادتهم إلى العمل.      

 

 

"الحركة العمالية في الأردن لم تأخذ دورها الطليعي"، يقول رئيس نقابة العاملين في الغزل والنسيج فتح الله العمراني، "كما أنه لا يوجد غطاء نقابي لجميع العمال في الأردن بالرغم من وجود 17 نقابة عمالية. الأساس أن تتصدر النقابات كل الحراك العمالي لكن ثمة عوامل تحول دون ذلك، تتلخص في عدم تطبيق الأردن لقانون العمل الدولي في مادته 87 الداعية إلى حرية العمل النقابي".

 

 

ويجدد العمراني مطالباته بتفعيل واقع النقابات العمالية من خلال استثمار من هو ناشط منهم، من باب إدخال دماء جديدة تؤثر إيجابا على عملها وبالضرورة سيكون هناك آذان صاغية لأصواتهم.

 

 

حصاد الإضرابات

 

رئيس لجنة عمال الموانئ، عبد الهادي الراجح، يعتبر أن الإضرابات التي نفذها عمال الموانئ طوال 12 يوما كانت مجدية في نتائجها، "نفذنا أولا اعتصام لمدة 48 ساعة لكنه لم يجد نفعا ثم نفذنا جملة إضرابات مستمرة، وفيها تحرك الجميع، بما فيها وسائل إعلام ومؤسسات مختلفة، إلى أن حققنا مطالبنا الحقوقية".  

 

من جانبه، يرى رئيس لجنة عمال المياومة في القطاع العام، محمد سنيد، أن جملة الإضرابات التي نفذوها على مدار سنوات حققت مكاسب عمالية مختلفة، سواء رفع الأجور أو تطبيق أنظمة مختلفة خاصة بحقهم بالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.  

 

ولولا الإضرابات لما نفُذ شيء من المطالب العمالية، يشدد الراجح، مستندا على شرعية الإجراءات التي قاموا بها بطرق سلمية، لكن "لولا تدخل الجهات المختلفة لثنيهم عن الإضراب لما حصل الصدام بين العمال والجهات الأخرى".

 

وتتمثل إنجازات جملة الإضرابات التي قام بها عمال المياومة، كما يلخصها سنيد، في تحويل آلاف العمال من فئة المياومة إلى المقطوع في بعض المؤسسات الحكومية، إضافة إلى رفع أجورهم من 90 دينارا إلى الحد الأدنى للأجور وهو 150 دينارا.

 

ولا يزال إضراب عمال المناولة والتحميل والتنزيل في جمرك عمان مستمرا إلى حين إعادتهم إلى جمرك عمان، كما يؤكد رئيس الجمعية التعاونية للعاملين في المناولة والتحميل في جمرك عمان، طه خضر.

 

غلاء المعيشة وراء الإضرابات

ويدافع عن الإضرابات العمالية الكثير من المدافعين عن حقوق العمال، مبررين ذلك بموجة الارتفاع في الأسعار التي طالت مناحي الحياة المختلفة، ولم يجاريها بالمقابل رفعا في أجور العمال الذين ينتمون للطبقة الأكثر فقرا.

 

وما أشعل فتيل إضرابات عمال المياومة، كما يبين سنيد، كان الإهمال الحكومي لفئة عمال المياومة المهمشة أصلا، ويقول: "إضرابات عمال المياومة كانت أشبه بالانفجار، بسبب غلاء المعيشة وارتفاع مناحي الحياة، وعدم شمولهم بالزيادات، مع إهمال حكومي. وهذا ببساطة ما جعلهم يشعرون بغبن كبير، ومحاولة إسماع صوتهم عبر الإضراب كان هو الحل الأمثل".   

 

وعن تجربة إضرابات عمال الموانئ، يقول الراجح أنها كانت خير مثال على إضرابات قاسية استمرت لأيام طالبوا خلالها بالراتب الرابع عشر وشمولهم بمظلة التأمين الصحي. ويوضح أنها "رسالة لجميع عمال الأردن بأن يطالبوا بحقوقهم ولا يخافوا أحدا حتى لو استمر إضرابهم لفترات طويلة".

 

ضحايا الإضرابات

وبعد إنهاء الإضرابات وتنفيذ المطالب العمالية، هناك من يتحمل وزر ما قاموا به، يقول الراجح، مشيرا إلى كتاب نقله من مؤسسة الموانئ في العقبة إلى مؤسسة التدريب المهني في عمان. "هذه ضريبة ما قمنا به من إضرابات عمالية وما كانت لولا الجور الذي وقع علينا".

 

ويعتبر الراجح أن النقل "عقوبة لم تطبق إلا عليه وحده"، بينما تنص الاتفاقية التي وقعها العمال مع إدارة المؤسسة وأنهي الإضراب بموجبها حسب البند السادس فيها، على عدم توجيه أية عقوبة لأي عامل شارك في الإضراب.    

 

والعقبة التي تعترض الإضرابات، وفق تجربة الراجح الشخصية، هي "عدم قناعة بعض العمال من تنفيذ  الإضرابات، وذلك لجملة أسباب منها خوفهم على لقمة عيشهم ومن إقصائهم عن العمل. وهذا ما حصل فعلا مع بعض العمال الذين وافقوا على خيار الراتب الثالث عشر لينسحبوا من الإضراب". 

 

ويشير محمد سنيد إلى أن ما يتعرض له عمال من تخويف وتهديد من قبل إدارات المؤسسات العاملين فيها، ما يدفعهم إلى الابتعاد عن المشاركة خوفا على لقمة عيشهم، ويدعو العمال إلى عدم الخوف، خاصة أن الإضرابات والاعتصامات تأتي بعد نفاذ كل القنوات السلمية للمطالبة بالحقوق".

 

مشرف المرصد العمالي الأردني، ورئيس مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أحمد عوض، يحذر من أي إجراء عقابي يقع بحق أي من العمال، استنادا إلى معايير العمل الدولية والتي كفلت حماية حقوق ممثلي العمال من أي إجراءات انتقامية، والأردن ملتزم بتطبيق هذه المعايير أسوة بباقي أعضاء منظمة العمل الدولية، سواء كانت الدولة مصادقة على الاتفاقيات أم موقعة، والأردن صادق على الاتفاقية.      

 

وينضوي تحت لجنة عمال المياومة حوالي 13 ألف عامل في مختلف المؤسسات الحكومية، فيما تمثل لجنة عمال الموانئ 3600 عاملا، و250 عاملا يتبعون للجمعية التعاونية للعاملين في المناولة والتحميل في جمرك عمان.  

أضف تعليقك