غدا، العالم كله إلى ستاد المباراة

الرابط المختصر

منذ أواسط السبعينات، وللدقة منذ الانتخابات التي فاز فيها كارتر، اتابع باهتمام كل انتخابات أميركية، ولا أذكر ابدا انتخابات حازت على اهتمام ومتابعة كهذه الانتخابات. العالم كله غدا الى مقاعد المتفرجين على ستاد الملعب، والطريف ان اغلبية ساحقة – كما لم يحدث ايضا من قبل– تؤيد طرفا محددا هو بالطبع المرشح الديمقراطي أوباما.

 

مباراة حقيقية ومثيرة وحاسمة، ويمكن ان نقول كل شيء عن أميركا، لكن كلمة حق بحق الديمقراطية الأميركية يجب ان تقال هنا أنه يتقرر المصير حرفيا عبر صناديق الاقتراع، يمكن ان نقول عن المال واللوبيات الكبرى التي تصنع الرؤساء، لكن هنا ايضا شاب أسود من اب كيني مسلم يوشك أن يهزم بقوّة التصويت العام جنرالاً ابن جنرال ابن جنرال من قلب المؤسسة الأميركية البيضاء الأنجلوسكسونية، وللكثير من الرؤساء في منطقتنا العربية أن يخجلوا من تشبثهم بسلطة يؤمّنها الأمن والقمع والتلاعب لعقود، وهم يرون كيف يتحول رؤساء أميركا على كراسيهم إلى مواطنين يقترعون الى جانب هذا أو ذاك من المتنافسين الجدد. وسيقال إننا نفتقر الى التطور الذي حققته تلك المجتمعات! حجّة قوية! لكن ماذا فعلتم انتم ليتقدم المجتمع نحو الديمقراطية؟

ما علينا, سنتمتع بالتفرج على هذه المباراة الديمقراطية العظمى وبودنا لو يحق لنا التصويت، لأن الصوت هنا يحدث فرقا، بل انقلابا - ليس مثل انتخاباتنا. وثمة فرق حقا بين أوباما رمز التغيير وماكين رمز الحقبة الرديئة السالفة. وأنه لفرط تأثير السياسة الأميركية على العالم يكاد يحق لشعوب بقية الدول التصويت على "قيادة العالم"، والعالم يريد التغيير وقلب صفحة المحافظين الجدد كما تقول استطلاعات الرأي التي اعطت لأوباما بالمتوسط ضعفين الى اربعة اضعاف ماكين.

لكن في الولايات المتحدة يراوح الفرق وفق المتوسط العام لجميع استطلاعات الرأي بين خمسة وعشرة بالمائة وهذا التفوق الثابت يصعب ان ينقلب خلال يومين.

وأوباما يظهر الآن على المنصّات مبتسما مرتاحا وواثقا، لكنه يحذِّر انصاره من التراخي مطمئنا الى الفوز. بينما بدأت العصبية تظهر في اداء ماكين الذي صرخ أمس في جمهوره "أنا أميركي" أنا اقاتل ولا استسلم وسأقاتل حتّى النصر. أما فريقه فيخوض حملة "تشنيع" محمومة على أوباما مثلا علاقته السابقة مع وليام أيرز، الذي كان في شبابه متطرفا يساريا ووصف سرحان سرحان قاتل ادوارد كنيدي بأنه سجين سياسي، وعن صداقة له مع البروفسور في جامعة كولومبيا رشيد الخالدي الذي كتب عام 91 مقالا ايجابيا عن صلاح خلف الذي كان القائد السرّي لأيلول الأسود التي ارتكبت هجوم ميونيخ عام 72. وعن عمته التي تبرعت لحملته وهي لا تحمل الجنسية وهو انتهاك للقوانين الأميركية التي لا تسمح بتبرعات للانتخابات. سباق محموم بحثا عن كل ما يمكن به تلطيخ سمعة أوباما وربطه بالإرهاب أو التطرف لتخويف الأميركان.

أميركا تحتاج بقوّة الى التغيير وقلب صفحة تلك العصابة التي قادت الى كوارث السنوات الأخيرة، لكن تشاء الظروف ان يأتي التغيير بقيادة الشاب الأسمر أوباما مترعا بمعانٍ اضافية تاريخية.