عودة الكوتا النسائية بطموح نسائي مضاعف
يعود الحديث عن الكوتا النسائية بعودة الانتخابات النيابية. وتعود الكوتا، بالآراء ذاتها، بوجود مؤيدين ومعارضين لم تتوقف انتقاداتهم على مدى الأربع سنوات الماضية،
برغم أنها لاقت استحساناً ورضاً بين نسبة مؤيدين بشكل واضح، حيث طالب هؤلاء -وما زالوا يواصلون المطالبة- بزيادة عدد المقاعد التي برأيهم لا تفي بالغرض إلا أنها جاءت وفق النهج الأخير.
وكان عدد المتنافسات على الدورة البرلمانية السابقة 54 سيدة على ستة مقاعد خصصتها لهن الكوتا، بَيْدَ أنه لم تتمكن أي منهنَ من الحصول على مقعد بالمنافسة فيما تتنافس في الوقت الحالي 213 سيدة على العدد نفسه من المقاعد.
وبمقارنة الدورتين معاً نجد أن أعداد النساء الطامحات للوصول إلى المقاعد النيابية شهدت تضاعفاً ملحوظاً بالرغم من ثبات عدد المقاعد؛ حيث إن الحكومة -وبالرغم من التوقعات بزيادة عدد المقاعد المخصصة للكوتا هذه الدورة في عدد من المحافظات على الأقل ليصل إلى 12 مقعداً- تمسكت بقرارها بالإبقاء على المقاعد ستة فقط غير خاضعة للمطالبات الملحة والضغط الذي مارسته التجمعات والفعاليات النسائية خلال الأربع سنوات الماضية بزيادة عدد هذه المقاعد.
ولو تمت قراءة الإحصاءات العامة بشأن ترشح النساء في هذه الدورة ومقارنتها مع الدورة السابقة، نجد أن نسبة المرشحات الإناث، مقارنة بجميع المرشحين البالغ عددهم 1005، بلغت 21% تقريباً أما في المجلس الرابع عشر فكانت نسبتهن 7.6% من إجمالي المرشحين، وبذلك تضاعف عددهن في هذه الانتخابات القادمة إلى ما يقارب ثلاثة أمثال عددهن في الانتخابات النيابية السابقة.
وما يثير التساؤل هنا هو السبب وراء التضاعف في أعدادهن حيث إن المترشح بشكل عام له مطامع وأهداف من وراء الترشح فإما أن يكون رشح نفسه طمعاً في المنصب أو في الأجر الشهري "المرتفع" إضافة إلى التقاعد (وهذا ما يظهره بعض المترشحين صراحة في جلساتهم)، وإما أن يكون المترشح طامعاً بزيادة في مكانته الاجتماعية.
وعند النظر إلى المترشحات نجد أن نسبة كبيرة منهن اعتبرت الترشح للانتخابات فرصة توفرها لها الكوتا "إما أن تصيب وإما أن تخيب"، ومنهن من تطمح في الحصول على المنصب الذي يوفر لها دخلاً مادياً جيداً، ومنهن من ترغب في أن تكون سيدة مجتمع معروفة إعلامياً على الأقل. وما يؤكد ذلك أن الغالبية العظمى منهن مستقلات غير تابعات لأي حزب أو فكر أو تجمع.
ولو حاولنا البحث والتمحيص وراء تزايد أعدادهن نجد أن بعضاً منهن استمد القوة والشجاعة من المجلس السابق للترشح بسبب وجود أعداد معقولة من المترشحات، أو للقناعة بأن الكوتا النسائية توفر لها فلاصة أكبر لفوزها مقارنة مع فرصة الرجل في الترشح، وهذا ما نراه في وجود متنافسين من "العشيرة" نفسها من الرجال والنساء.
وهنا نرى الأعداد عالية، نوعاً ما، في التنافس على ستة مقاعد فقط، فكم سيكون عدد المترشحات لو كان عدد المقاعد 12 مقعداً على سبيل المثال في عدد المحافظات في المملكة.
وفي ما يتعلق بالدوائر الانتخابية وأماكن تمركز النساء المرشحات، نجد أنهن في الدوائر الصغيرة الموجودة في المحافظات أكثر عدداً من دوائر العاصمة التي يشكل الناخبين فيها أرقاماً هائلة بالمقارنة مع الدوائر الصغيرة. ولنأخذ أمثلة على ذلك مرشحات إربد حيث اللواتي زصل عددهن إلى 43 مرشحة عن مختلف الدوائر والعشائر، بينما في عمان، مثلاً، لم يتجاوز عدد المترشحات عن 20 سيدة برغم فرق أعداد الناخبين وارتفاعها في دوائر العاصمة مقارنة مع الدوائر الانتخابية في إربد.
نحن نعلم أن الكوتا عادت إلى نهجها في الدورة السابقة حيث يتم العمل فيها وفق القانون المؤقت رقم (11) لسنة 2003 المعدل لقانون الانتخاب المؤقت رقم (34) لسنة 2001 إذ تم تعديل المادة (45) من القانون الأصلي حيث تنص الفقرة ج من المادة على أن تحدد اللجنة الخاصة أسماء الفائزات بالمقاعد الإضافية المخصصة للنساء على أساس نسبة عدد الأصوات التي نالتها كل مرشحة من مجموع أصوات المقترعين في الدائرة الانتخابية التي ترشحت فيها، وبالمقارنة بين هذه النسب تعتبر فائزة بهذه المقاعد المرشحات اللواتي حصلن على أعلى النسب في جميع الدوائر الانتخابية من دون النظر إلى كون الفائزة (مسلمة أو مسيحية أو شركسية أو شيشانية أو من دوائر البدو الانتخابية المغلقة).
وهذا النص هو ما يقوي من فرصة المرشحة في الدوائر الصغيرة حيث إنه كلما انخفضت أعداد الناخبين في الدائرة تقل بالمقابل أعداد الأصوات التي تحتاجها المرشحة للحصول على نسبة معقولة من الأصوات، وهذا ما أكده عدد من المرشحات، كما أننا لاحظناه في نتائج الانتخابات للدورة الرابعة عشرة.
وعند النظر إلى نتائج الانتخابات النيابية السابقة نرى أن أعلى نسبة أصوات حصلت عليها المترشحة حياة المسيمي التي ترشحت عن الدائرة الأولى في الزرقاء بنسبة 10% من الأصوات، وتليها في النسبة فلك الجمعاني التي ترشحت عن الدائرة الثانية في لواء ذيبان التابع لمحافظة مادبا حيث حصلت على ما يقارب 8% من الأصوات.
وفي المركز الثالث في نسبة الأصوات كانت 6% من نصيب ناريمان الروسان التي ترشحت عن الدائرة الخامسة في لواء بني كنانة التابع لمحافظة إربد، أما المراكز الرابع والخامس والسادس فكانت الفروقات أعشاراً بين الفائزات بنسبة حول 5% من نسبة الأصوات من نصيب أنصاف الخوالدة المترشحة عن الدائرة الثانية في لواء بصيرة في محافظة الطفيلة، ومن نصيب زكية الشمايلة المترشحة عن الدائرة الأولى في لواء القصبة التابع لمحافظة الكرك، ومن نصيب أدب السعود المترشحة عن الدائرة الأولى في لواء القصبة التابع لممحافظة الطفيلة على التوالي.
وحيث أن الكوتا تعتمد على نسبة الأصوات، فعند النظر إلى عدد الأصوات التي حصلت عليها كل سيدة نجد أن المسيمي حصلت على 7,133 صوتاً من أصل 68 ألف مقترع تقريباً، والجمعاني التي حصلت على 1,048 من أصل 13 ألف صوت تقريباً، والروسان التي حصلت على 1,684 صوتا من أصل ما يقارب 28 ألف مقترع، بينماً حصلت الخوالدة على أدنى عدد أصوات من بين الفائزات برغم أنها كانت في المركز الرابع نظراً لحصولها على نسبة معقولة من هذه الأصوات تقابل 365 صوتاً من أصل 6,903 مقترع.











































