عندما يصبح الشاب هو "المطلوب" للزواج
اعتاد الرجل في مجتمعاتنا أن يختار شريكة حياته و أن يقوم هو أو أحد أفراد أسرته بالتقدم لطلب الزواج بها، ولكن المقاييس قد انقلبت لدى سامر (23 عاما)، فقد تحول من الطالب إلى المطلوب بعد أن عرض عليه الزواج من قبل إحدى زميلاته.
ويروي سامر : "كانت العلاقة طبيعية وحالها كحال أية زميلة في الجامعة، ولكن قد تكون أقرب من غيرها بسبب وجودنا بنفس المحاضرات، ولكن في أحد الأيام جاءت هي وإحدى صديقاتها للتحدث معي، وما لفت انتباهي هو أن المواضيع التي كانتا تتحدثان عنها تتمحور حول الحب و الزواج والارتباط، وبعد لحظات انفردنا، وعندها قامت بمصارحتي بحبها وعن رغبتها بالزواج مني".
وبحسب سامر فإنه لم يكن لديه أي جواب مكتفيا بالصمت :" لقد فوجئت من الموضوع و لا أعلم إن كان هذا الأسلوب عائد لجرأة أم وقاحة، فكل من أروي له الموقف كان يستغرب، لكن والدي كانت له نظرة مختلفة بحيث قال لي أن أمضي بالأمر بشكل طبيعي عسى أن تكون البنت(بنت حلال)".
وبعكس والد سامر الذي تقبل هذه المبادرة، رفضها علاء عوض وهو أب لابنتين، حيث أكد أنه لن يسمح لأي منهما بأن تقوم بذلك ويقول :" هذا يخالف العادات و التقاليد التي اعتدنا عليها، و بمجتمعاتنا حيث يبادر الشاب لطلب الفتاة، وليس من المنطق أن تبدأ الفتاة بالمبادرة فهي سترخص نفسها لهذا الشاب حتى و لو كانت تحبه، فهي ستعرض نفسها للإحراج وتفقد كرامتها في حال كانت إجابته الرفض".
ولم تتشابه الآراء حول هذا الموضوع حتى لدى الأخوة، فلن تمانع حلا (25 عاما) من المبادرة في طلب الزواج ولكنها بنفس الوقت تجد أن المجتمع لن يسمح بذلك :"أنا لا أجد مشكلة في الأمر، وخصوصا إن كان هناك اتفاق بيننا، ولكن عاداتنا و تقاليدنا لا تسمح بهذا الشيء، والمجتمع لم يصل للوقت الذي يتقبل هذه الفتاة ".
أما أختها الأصغر سنا إسراء (23 عاما) فتقول : " طبعا لا، فالفتاة لا تضمن شخصية هذا الشاب حتى وإن كانت تحبه، وإن افترضنا أنه وافق على الأمر فإن أي مشكلة بعد الزواج سيقول لها أنت من طلبتني وأنت من بادرتي للزواج مني، وهنا ستفقد الفتاة كرامتها وستعرض نفسها للإحراج ".
الباحثة في شؤون المرأة والطفل في جامعة العلوم الإسلامية الدكتورة دعاء فينو أوضحت من جانبها أن المجتمع لا يمكنه تقبل هذا الأمر، في حين لم يمنع الشرع ذلك : "إن المجتمع الأردني غير جاهز ولن يتقبل الأمر، أما على المستوى الشرعي فلا يوجد مانع لمبادرة المرأة، مشيرة إلى أنه وفي أحد الحالات قامت إحدى الفتيات وبكل احترام بالتقدم ومصارحة أحد الشباب ولكنه لم يتفهم، إضافة لأهله، الموضوع بالطريقة الصحيحة ونظروا للفتاة نظرة خاطئة ونعتوها بأسوأ الألفاظ و الصفات".
و توضح فينو: "مع الأسف في مجتمعنا تطفو على السطح العلاقات الموبوءة، بحيث تقوم الفتاة بعرض نفسها على الشاب بطرق مبتذلة لا تهدف فيها الزواج أو الارتباط الشرعي وإنما لإشباع الفراغ العاطفي أو الجنسي في بعض الأحيان".
وتعود الأسباب بحسب فينو لعصر العولمة و تأثير القنوات الفضائية على المجتمع : "الأسباب تعود لعصر العولمة، فتأثير القنوات الفضائية يزداد من خلال المسلسلات المدبلجة التي تعرض فكرة دخول الفتاة في علاقة غير شرعية، فلم تعد الفتاة هي المطلوبة وإنما هي الطالبة، وبتالي فإن الإيحاءات تتجه نحو المساواة السلبية التي يقصد بها الانحدار إلى نفس الأمور التي كنا نرفضها من الشباب لتقوم بها الأنثى".
و تقول فينو : " الذكر و الأنثى خلقوا من نفس واحدة، وهذا يعني أنها ترغب به كما يرغب هو بها، فأنا أقول لفتاة إذا أعجبت بشاب معين إنها يجب أن تختبر الوضع قبل أن تقوم بأي تصرف، ومن خلال شخص معين موثوق به يعمل عمل الوسيط ليقوم بعرض الموضوع أمام الشاب لاختبار ردة فعله، فإذا كان يطمح في بنت وما يمنعه هو الحياء أو الإمكانات فسيشجعه، ولكن من ناحية شخصية فأنا أعارض هذه الخطوة في مجتمعاتنا على الرغم من أنها أيسر في المجتمعات الإسلامية الأخرى.
وقد وصل معدل زواج الشباب في الأردن إلى 3.0% للذكور ووفقاً لوكالة “يو بي آي” , مقابل 7.2% للإناث وذلك بعد أن كان يشكل 9.8% للذكور مقابل 15.0% للإناث في سنة 1953.