عمال المحلات التجارية..نظام سخرة عابر للقوانين
لم تكن جولة "عمان نت" بالصعبة حال فكرنا البحث عن عمال يتقاضون أجورا أقل من المحددة في قانون العمل أو بساعات الدوام أيضا.
جولة بسيطة في أي منطقة من مناطق العاصمة عمان، كفيلة أن تصلك لأي عامل لا تنطبق عليه شروط وظروف العمل القانونية، وتحديدا في قطاعات العمل الفردي الخاص مثل العمال في المحلات التجارية.
في جبل الحسين، حيث يغلب عليه الطابع التجاري، يكثر فيه الباعة الشباب والذين يعملون لساعات عمل تتجاوز 10 ساعات يومياً وأجور بعضهم بالكاد تصل إلى الحد الأدنى للأجور 150 ديناراً، والبعض الآخر متراوحة ما بين 120-140 ديناراً، وسط حججهم بأنهم إما ما زالوا يراكمون خبراتهم أو أنهم لا يزال حديثي العمل لدى المحلات.
تجسيدا لهذه الأحوال، يرى الشاب يزن القواسمة 25 عاماً بأنه ضحية العمل الطويل، إذ يبقى أسيرا في المحل منذ الساعة التاسعة صباحا وحتى الثانية عشرة مساءً، بأجر لا يتجاوز 140 دينارا. ويقول مبررا ذلك بأن صاحب المحل اشترط عليه بأن يستقطب زبائن أكثر لكي يأخذ نسبة على زيادتهم، ويعتبر أن ذلك كان مغريا له لكن سرعان ما اكتشف أنها فخ لم يستطع الخروج منه منذ العام 2005.
ثلث العاملين في الأردن يعملون لأكثر من 8 ساعات يوميا، وفق ما يرصده مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية في إحدى دراسته العمالية، حيث أن 90% من الأيدي العاملة يتقاضون أجورا تقل عن 300 دينار شهريا.
ورصد التقرير الثلث الأول والثاني من عام 2009" كاشفا عن 90% من الأيدي العاملة الأردنية تحصل على رواتب شهرية تقل عن (300) دينار. كما أن غالبية العاملين في القطاع الخاص لا يستفيدون من أي شكل من أشكال التأمينات الصحية.
سائق بكب آب، علي الصقور 35 عاماً لدى إحدى المحلات التجارية الكبرى، هو الآخر يعمل في المحل منذ العام 1999 وحتى الوقت الحالي يتقاضى أجر 160 دينارا، ويقول أنهم رفعوه عشرين دينارا حياءً ليس أكثر.
ما يجمع علي بالشاب خالد الجعبري هو غياب مظلة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي عن ملفاتهم، ويقول خالد الذي يعمل هو الآخر في محل تجاري أنه يشكر ربه على أنه يمتلك هوية أحوال مدنية تعترف به كمواطن. يتقاضى أجراً لا يتجاوز 150 دينارا بالشهر وساعات عمل تفوق بكثير ما هو محدد.
وأمام ذلك، نفى وزير العمل الدكتور إبراهيم العموش تقديم أي طلب رسمي إلى وزارة العمل لرفع الحد الأدنى للأجور قائلا في تصريحات إعلامية "رفع الأجور مرتبط بمعدلات التضخم". وذلك عقب مطالبات نقابية سابقة،
غير أن الناطق الإعلامي في وزارة العمل، جهاد جادالله من جانبه يرى أن وزارة العمل لا تقرر ذلك الأمر والموضوع يتعلق باجتماعات اللجنة الثلاثية المكونة من النقابات العمالية والعمال والوزارة، وهذه اللجنة لم تجتمع.
يوضح رئيس اتحاد النقابات العمالية مازن المعايطة، أن رفع الحد الأدنى للأجور لا يحتاج إلى مذكرة لكي تتخذ الجهات القرار وهو حق ويحتاج إلى سلسلة اجتماعات يتخذ من خلالها الموافقة بالتوافق مع كافة الأطراف.
نسبة كبيرة من العاملين في القطاع الخاص يعملون ساعات عمل يومية تزيد عما ينص عليه القانون, مشيرا تقرير المرصد إلى تزايد إصابات العمل مؤخرا لعدم توفر بيئة عمل ملائمة وأمينة.
واقع مظلم يعاني منه العاملون في المحلات التجارية، يقول خليل 30 عاما ويعل حارسا في إحدى المحلات التجارية، ويضيف "لا أحد يعرف ما معنى الدوام الطويل أو الأجر الزهيد، لا يعرف أحد معنى أن تكون مجبورا على العمل لكي تؤمن قوتك اليومي".
رغم ارتفاع مستوى الحد الأدنى للأجور منذ العام 2000 الذي كان 80 ديناراً، بلغ حاليا 150 دينارا، إلا أن مستوى الأجور ما زال متدنيا، خاصة بعد الارتفاعات الكبيرة والمتتالية لأسعار السلع والخدمات الأساسية.
على مستوى فرق التفتيش، يبدي الباحث المتخصص بقضايا العمال، أحمد عوض عدم تفاؤله، استنادا إلى نسبة مفتش واحد لكل 1125 منشأة. يعزو ذلك إلى جملة أسبابها أهمها تراجع مخصصات الدولة للوزارة، ويطالب مجلس الوزراء بإيجاد صيغة تعفي بعض المؤسسات من التخفيضات في الأموال المخصصة لها ومن بينها وزارة العمل.
وتبلغ أعداد مفتشي وزارة العمل 140 مفتشا مؤهلا، ويقول جادالله أن الأرقام "قليلة" لكن هناك اشتغال في المستقبل لتوسعة أعدادهم، مؤكدا أن الحاليين يحلمون شهادات جامعية وخبرات تسعفهم من التعامل مع المنشات المختلفة بطرق مهنية دقيقة.
تقرير المرصد، أشار إلى أن ما يقارب (80%) منهم ليس لديهم تأمينات صحية، وهذا يعود إلى أن غالبيتهم يعملون في مؤسسات صغيرة وفي قطاع غير منظم.
وبين التقرير أن (30%) من القوى العاملة تعمل (51) ساعة فأكثر في الأسبوع. وهي نسبه عالية جداً, ومخالفة لنصوص قانون العمل المعمول به والذي حدد ساعات العمل الأسبوعي (48) ساعة عمل, بمعدل (8) ساعات يومياً على مدار ستة أيام.