"علينا إثبات وجودنا كمنتجين". مشروع سوري يتحدى ظروف اللجوء

الرابط المختصر

من إعلان عابر على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إلى مشروع صغير يمكن الاعتماد عليه كمصدر رزق، ومن هنا انتقلت حكاية أبو عمران، سوري ثلاثيني مقيم في الأردن، لتحكي قصة ملهمة عن تحدٍ لظروف اللجوء والحرب.

 

أبو عمران ورحلة اللجوء..

 

أبو عمران، رجل متزوج ولديه خمسة أطفال، مزارعاً في محافظة درعا جنوب سوريا، وكان يعتمد على الأرض للحصول على الطعام وأيضاً على عائد مادي كافٍ للمعيشة. لكن الحرب وما رافقها من عنف  وأوضاع أمنية غير مستقرة أجبرته على الفرار من منزله عام 2015 والاستقرار في الأردن.

 

وعدا عن خسارته لعمله، تحمّل أبو عمران أعباء مادية إضافية في مكان سكنه الجديد، فترتب عليه تأمين إيجار المنزل وتكاليف دراسة أطفاله. يقول الرجل: "قررت الاعتماد على نفسي وعدم انتظار المساعدات المقدمة للاجئين، مقتنعاً بأن علينا نحن السوريين إثبات وجودنا كمنتجين وليس كمعتمدين على غيرنا". وهكذا، بدأ أبو عمران بالبحث عن فرصة عمل يكون فيها "سيد نفسه" حسب تعبيره.

 

بداية العمل والاعتماد على النفس!

 

وقعت عينا الرجل على إعلان عن دورة إعداد مشاريع صغيرة أطلقتها منظمة "نهر الأردن"، بغرض تقديم منح مالية لأصحاب الأفكار والمشاريع المميزة لمساعدتهم على تنفيذها.

 

وبعد خضوعه لدورة تدريبية مدتها 40 يوماً، اقترح فكرة مشروع "تعبئة وتغليف فوط الأطفال"، والذي يتضمن شراء كميات كبيرة من الفوط من المصانع، لكنها عشوائية وغير مفروزة وغير مخيطة من الجانبين، ليقوم بدوره بخياطتها وتعبئتها وعرضها على الزبائن. لاقت الفكرة قبولاً من المشرفين على المشروع، وحصلت على جائزة مالية تقدر بـ1200 دينار أردني.

 

ما أن استلم أبو عمران المبلغ، حتى سارع لشراء ماكينات خياطة وتغليف، وأكياس تغليف خاصة، إضافة لكميات من الفوط، وخصص غرفة في منزله لتكون مركز عمله، ولتساعده زوجته في أعمال التجهيز والإنتاج، وليتولى هو تسويقها على المحال التجارية في محافظة المفرق، شمال الأردن.

 

توسع مشروع أبو عمران حسب قوله، وامتدت حركة المبيعات إلى محافظات أردنية أخرى، مما أتاح له شراء سيارة صغيرة للتوزيع، واستئجار مكان آخر خصصه للعمل بعيداً عن منزله. من ثم أدخل أصنافاً جديدة على مشروعه، مثل بيع المنظفات والمستلزمات المنزلية.

تحديات العمل والإصرار!

 

لم يكن كل ذلك دون تحديات اعترضت مشوار أبو عمران في مشروعه الصغير، فهو بدأ بتسويق بضاعته مشياً على الأقدام متجولاً بين الأسواق، ونتيجة عدم امتلاكه رخصة سوق أردنية تمكّنه من قيادة السيارة الجديدة، وظّف سائقاً أردنياً لهذه المهنة. كما أن العمل في البداية من داخل المنزل وبوجود عائلة كبيرة لم يكن بالأمر السهل. لكن الإصرار كان رفيق دربه ودافعه للتغلب على كل تلك الصعوبات.

 

يتمنى أبو عمران أن يعود إلى سوريا، وإلى مزرعته ليحييها من جديد. يقول الرجل: "لا أدري إن كنت قادراً على تنفيذ مشروعي هذا في سوريا، لكن الأولوية هناك، عندما نعود، ستكون للأرض والزراعة وكل ما يتعلق بها".

 

*تم إنجاز هذه القصة ضمن ورشة تدريبية لإعداد وكتابة القصة الإنسانية بدعم من الوكالة الفرنسية للتنمية الإعلامية "برنامج قدرة 2 " وتنظيم مؤسسة ويش بوكس ميديا.