على الحدود..هناك شعب خارج الحياة ينتظر العالم أن يتحرك

الرابط المختصر

"كأننا أغنام تنتظر الجلاد" هكذا قال بشير، "أنتظر طويلاً وأطمح بالخروج من المخيم"، "قل لهم لا ينتظرونا أن نعود إلى هناك. سنموت بالتأكيد فيما لو عدنا".بشير 28 عاما لاجئ كردي إيراني حاله لا يختلف كثيرا عن حال جاره عبد الله الذي يجد حياته بمخيم "أيتام المجتمع الدولي" بالعذاب، وهو المخيم الواقع بالقرب من الحدود الأردنية العراقية.



من يجبرهم على العيشة هناك طالما باستطاعتهم العودة إلى العراق، يجيب بشير "سهل جدا أن تقول عودوا من حيث جئتم، وهي بالنسبة لنا صعبة جداً بل وقاتلة؛ فالعودة إلى هناك معناه أننا سنتعرض للقتل ونحن لدينا عائلات أطفال وشيوخ ونساء، لا يقدرون العيشة في ظروف صعبة غير مستقرة بالعراق وتحديدا أربيل المنطقة التي نعيش فيها".



وإما نعيش خارج الحياة

عبد الله 30 عاما، يقول "أضف إلى ذلك فالأكراد الإيرانيون معذبون، والعودة إلى العراق، مللنا الوعود الدولية، فتلك الجهات ترمي مسؤولياتها على بعضها البعض، ونحن المتضررين".



الحديث لا يعبر أمام صورة بالعين، يدعو عبد الله العالم بأن يأتي ويلقي نظرة على حياتهم اليومية، "ولكم الحكم عندها إما نحن نعيش كما البشر أو نعيش خارج الحياة".



على الحدود الأردنية العراقية يقع المخيم، لكن وبحسب الترسيم الحدودي بين البلدين فإنه يقع على الأراضي العراقية، ومعناه أن الأردن غير مسؤول عن متابعة أحوالهم، لكن ومع ذلك تقدم الهيئة الخيرية الهاشمية المساعدات الطبية للقاطنين هناك. واسمه "أيتام المجتمع الدولي" ليس رسميا لأن الساكنين هم من يطلق عليه هذا الاسم "لأننا بالفعل أيتام عن هذا العالم".



يقطن بالمخيم حاليا حوالي 190 لاجئا كرديا، بين نساء وأطفال وشيوخ فرغم الأحوال الجوية الصعبة والظروف غير المواتية لمن يعاني من أمراض يظل إصرار غالبيتهم على انتظار المؤسسات الدولية في التحرك وترحيلهم إلى الدول الأجنبية، حيث تعيش بعض عائلاتهم، ويرى بشير ومن معه أن طلب الصليب الأحمر منهم بالعودة إلى العراق "أشبه بالموت الحتمي".



أعدادهم بالمخيم غير ثابتة، فقبل أشهر وصل عددهم إلى 250 لاجئا، لكن بسبب قبول بعضهم بالهجرة إلى الخارج نقص العدد، وذلك عبر طلبات تقوم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بمتابعتها، وبالتالي الذي يوافق عليه يسافر عبر الأردن إلى الخارج.



يعيش بشير وزوجته وأطفاله الثلاثة في خيمة يقضون أيامهم بالانتظار والأمل، فالأطفال لا يتعلمون، يقضون أيامهم بجبل الرمال واللعب بها، والزوجة ترتب الخيمة وتعد ما توفر لها لأجل الطعام الذي تمدهم به الشاحنات المارة والمسافرة من وإلى العراق، أما بشير وغيره من الرجال، فيقومون بالتجول داخل المخيم ومساعدة بعضهم على تشييد الخيم وتمكينها أمام الأحوال الجوية الصعبة، والقيام بإنشاءات وبنية تحتية إن صح تسميتها "لأجل أن نستمر في العيش" كما يقول.



بشير واحدا من اللاجئين الذين أقاموا في مخيم "الطاش" في الرمادي بالعراق منذ عام 1979، وتعرض كغيره من اللاجئين للانتهاك ومرارة اللجوء، رحل وعائلته من تلك البقعة المليئة بالحروب إلى اللجوء في مخيم لا يدري عنه أحد.



قبل أيام زار المخيم اليونيسيف والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين والهيئة الهاشمية، ويشير بشير إلى أن "المؤسسات الدولية أخبرتنا أنه ليس بيدنا أن تساعدنا فيما لو بقينا في المخيم،



"27 عاما في المنافي والمخيمات". "تعبنا من الحروب والقتال".



الأمر خرج عن حد البشر كما يرى بشير ويعلق "أرجو وأطالب أي مؤسسة تعنى بالحيوانات في العالم أن تساعدنا بالخروج من المخيم".



ويقوم اللاجئون بمساعدة بعضهم البعض عن طريق جعل أحدهم يشرف ويمتلك الأدوية التي تأتيهم عبر الشاحنات المارة، ويقول اللاجئ محمد 20 عاما "عشرة أشهر ونحن مقيمون في المخيم، ولا أحد من المؤسسات الإنسانية حركت ساكنا، ورغم الاتفاقية الدولية عام 1989 المعنية بحقوق الطفل، وغيرها من الاتفاقيات الإنسانية، فإن المنظمات الدولية لم تأت لنجدتنا أين حقوق الإنسان".



محمد لا يزال على مقاعد الدراسة، يقطن في المخيم مع عائلته المكونة من 13 فردا، يقول "نحن في منطقة محايدة بين الأردن والعراق، ونحن على حياد من الحياة لا أحد يسأل عنا ولا أحد يذكرنا وكأننا في قبور مخفية".



ويلوم محمد الإعلام من عدم تغطيته الإخبارية، "حتى هذه اللحظة لم تأت أي وسيلة إعلامية لأجل إلقاء الضوء على ما نحن فيه". وقد قدم محمد من كردستان العراق وتحديدا السليمانية، "كيف لي أن أعود إلى الكردستان وهناك أعاني التمييز والعنصرية كوني كردي إيراني، ممنوع أن أتعلم في الجامعات أو في المعاملات الإدارية، لا أريد العودة أبدا".



الحل هو العودة

أمين عام الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، الدكتور عبد السلام العبادي، يرى في قضية اللاجئين بـ"بأنها صعبة للغاية وللكن للأسف الدولة الأردنية غير معنية بهم طالما أنهم ليسوا ضمن الأراضي الأردنية، "ومع ذلك قمنا بمساعدتهم عبر تقديم المعونة الطبية، رغم أنهم مقيمين داخل الحدود العراقية".



الهيئة الخيرية قامت بمساعدتهم عبر تنسيق واتصال مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وتعمل المفوضية على إيجاد حل دائم للقاطنين في المخيم، عن طريق ترتيب إقامة دائمة لهم في منطقة أربيل شمال العراق، فمعظم سكان المخيم جاءوا من مخيم الطاش، وبعضهم تمت هاجر عبر المفوضية إلى الدول الاسكندنافية كالسويد والبعض ينتظر دون أمل.



وفي القرارات المتخذة من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، تمثلت بنصحهم بضرورة العودة إلى أربيل والتوطين هناك، وحل مشكلتهم وإغلاق المخيم وهو ما يرفضه سكان المخيم جملة وتفصيلا.



مساعدات غذائية وفرق طبية على مراحل



ويقول الدكتور العبادي لراديو عمان نت أن المساعدات المقدمة من الهيئة وهي طبية، "محدودة ومؤقتة، ليست على أساس أنه مخيم دائم، حتى في حدود الشرقية من العراق، يرفض أن يقام لهم مخيم دائم، على اعتبار أن الحل معروض عليهم".



وقامت الهيئة بإرسال مواد غذائية ومياه ودواء وفرق طبية تم إرسالها على ثلاث مرات، يضيف عبد السلام العبادي، "قدمنا لهم العلاج بتمويل من المفوضية، رغم أنه لا علاقة لنا".



هل الدعم كان بدافع من الهيئة أن بتعاون وطلب من المفوضية، يجيب العبادي "الدعم كان بدافع إنساني، لكن التتريب والمتابعة والدعم كان عن طريق المفوضية"، وحول ما لمسته الهيئة من أوضاع اللاجئين "من الواضح أنهم يعيشون في ظروف صحية صعبة، فهم يعيشون في مناطق صحراوية نائية، لكن نحن ننتظر أن يقبلوا العودة في النهاية".



وكانت الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية قد أشرفت قبل عدة أشهر على أن 743 لاجئا معظمهم من الأكراد الإيرانيين إلى مخيم "الرويشد" داخل الحدود الأردنية لأسباب إنسانية وأمنية، في حين قامت الحكومة الأردنية في السابق بإغلاق مخيم الكرامة للاجئين الواقع في منطقة الحدود مع العراق ومنح قاطنيه إذنا مؤقتا للمكوث في مخيم الرويشد، في حين أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عن إغلاقها مخيم العازلة الواقع على الحدود الأردنية- العراقية، وترحيل جميع ساكنيه إلى داخل مخيم الرويشد.



أما مخيم الرويشد فهو أكبر المخيمات الموجودة بالقرب من الحدود الأردنية العراقية، ويضم أكبر عدد من اللاجئين الأكراد والفلسطينيين والعراقيين وبعض الجنسيات الأخرى والتي جاءت إلى المخيم عقب الحرب والأوضاع المتوترة التي يشهدها العراق، وينتظر معظم اللجوء إلى الدول الغربية عبر قيام المفوضية بمتابعة طلباتهم.

أضف تعليقك