علم البرمجة اللغوية العصبية يرسي جذوره في الأردن
كانت البداية بحضور أمسية للدكتور ابراهيم الفقي، تلك التي بعثت في نفسي ارتياحاً وتفاؤلاً وأيماناً متجدداً، وبعد انتهاء الأمسية لم يكن المركز المنظم لأمسيات ودورات ضيف الأردن الوحيد هناك....
بل راحت عدة مراكز توزع على المشاركين نشرات إعلانية عن دوراتها و(دبلوماتها) وأمسياتها المختصة في "البرمجة اللغوية العصبية".
هذا العلم الذي بدأ يظهر وينتشر بين الأردنيين بشكل جديد، فصار هناك مدربين ومتدربين، وصار هناك الكثير من المهتمين المتابعين سواء عن طريق الأمسيات المصورة أم من خلال كتب هؤلاء المدربين وأشهرهم المصري إبراهيم الفقي، أو من خلال شراء الأشرطة المسجلة والحلقات التلفزيونية له.
وهو علم يقوم على تنمية وتطوير قدرات الإنسان الذهنية والنفسية والتحكم بالذات، كما يقوم على نمذجة ومحاكاة وتمثيل النموذج البشري الناجح، بحيث يوفر تقنيات واستراتيجيات لأشخاص بلغوا قمة النجاح والامتياز البشري في مجالات حياتهم وفي اتصالهم الفعٌال مع أنفسهم وبالآخرين.
الفقي.. والحضور
قبل بداية أمسية الفقي المعنونة بـ(دعوة الى السعادة)، والتي لاقت إقبالا منقطع النظير، حيث فاضت المقاعد بالحضور لشهرة الفقي. ماذا يقدم وعن ماذا يتحدث! إنها البرمجة اللغوية العصبية.
في محاضرة الفقي، خطر على بالي أن أتعرف على آراء بعض الحاضرين والحاضرات، فسألتهم عن سبب وجودهم وما الذي يريدونه منها، فقالت رجاء محمد وهي طالبة هندسة في الجامعة الأردنية: "أخرج من المحاضرة بروح عالية جداً، ولدي قدرة على العطاء وتغيير في النفسية للأفضل".
ليست المرة الأولى التي تتابع فيها رجاء محاضرة للفقي، "تابعته عبر التلفاز، واستفدت من مواضيع الطاقة فهي تريحني كثيراً، وخاصة في كيفية التعامل مع الآخرين فأستطيع تحديد شخصية الإنسان المقابل لي والتعامل معه، ويتفتح الذهن على علم الطاقة لانه جديد وله دور فعال في الحياة".
وعن رأيها في هذا العلم الجديد، قالت رجاء: "انتشر علم البرمجة اللغوية العصبية في الآونة الأخيرة، فالمحاضرات لا تعتمد على أن المحاضر يتكلم وحسب بل يحاول التفاعل مع الجمهور ويقربه من العلم الذي تعلمه ويفيد الناس به، والمحاضرات الأخرى للمدربين الآخرين كانت مواضيع رائعة وتهم الناس كثيراً ويتعاملون معها في الحياة وهم لا يعرفون ان لها علماً يستطيع حل مشاكلهم بشكل آخر".
منال الخلايلة جاءت مع والدتها وصديقاتها لحضور الأمسية، وبدين متحمسات للغاية، قالت "يعطي الدكتور دورات عن تنمية الذات وكيف يطور الإنسان أسس النجاح في حياته ويغير شخصيته للأفضل، وأتأمل أن أطبق ما يقوله وأغير الأشياء التي لا أحبها في حياتي للأفضل".
علم البرمجة اللغوية العصبية يتكلم عن الطاقة وأن الإنسان يوجد حوله طاقة إيجابية أوسلبية تؤثر على حياة الفرد، والمفروض أن تكون إيجابيا حتى تبعد عن الاشياء السلبية..ذلك ما تتحدث عنه منال في مدى معرفتها لهذا العلم الجديد.
تهاني علاونه جاءت من العقبة مع صديقتها لحضور المحاضرة، وأظهرتا حماساً كبيرا وفرحة برؤية الدكتور الفقي مباشرة وليس كما اعتادتا عبر التلفاز، قالت: "أتابع الدكتور الفقي على التلفزيون دائماً وأشتري محاضراته على السي دي والكاسيت، لكن حينما ترين الشخص مباشرة تبقى حركاته وكلماته وأسلوبه وطريقته في الحديث راسخة في الذهن أكثر، وقبل ذلك فكل ما يتفوه به جاء من ديننا، لكنها تقال بطريقة سلسة ويمكن تطبيقها على الواقع، أتوقع كالعادة أن يقول كلمة أو إشارة الى شيء ما قد تحل لي مشكلة انا واقعة فيها وان أرى شيئا لم اكن منتبهة له من قبل".
أما صديقتها روان الخطيب وجدت في المحاضرات تجديداً لشخصيتها وإعادة تفكير بذاتها، "مثل هذه المحاضرات هي نوع من إعادة التفكير بالذات، وإعادة وضع للأهداف في الحياة ولما يريده الإنسان من حياته، وتجديد للشخصية، والجميل فيها أنها تركز على الأشياء التي أجد أن فيها نقصاً فأحاول ان أنميها وتحسنيها".
على نهجه...
ما يُشعر المرء بالفرحة أن الكثيرين بعد أمسية الفقي شعروا بالتفاؤل والسعادة والروحانية وأنا كنت منهم، ولو أراد أي شخص منهم أن لا يتوقف عند الأمسية فحسب، ولو لم يجد الوقت مباشرة ليسجل في دورات الفقي التي استمرت ما بعد الأمسية لأيام، يستطيع الالتحاق بأي من تلك المراكز التي بدأت تنتشر وبصورة واضحة داخل الأردن.
معظم المدربين في مراكز التنمية البشرية والمختصة بالبرمجة اللغوية العصبية والذين يدرسون مناهج البرمجة اللغوية العصبية درسوا على يدي إبراهيم الفقي، ومن ثم بدأوا بتدريب الآخرين ما بعد ذلك، والكثير منهم نجحوا وبدأت أسماؤهم تلمع محليّاً.
والمدرب أيمن الحاج الحاصل على شهادة في علم البرمجة اللغوية العصبية معتمد من المركز الكندي في كندا، بدأ مع الفقي متدربا وأنشأ بعدها مركزه الخاص وانتقل ليدرب المتعطشين الى بناء شخصياتهم وإعادة تكوين ذاتهم، يقول في لقائنا به"هذا العلم هو الوحيد الذي يعمل على رفع الأفكار الإيجابية لدى الأفراد وأن يصل الى مهارات مطلوب ان نعمل عليها الآن لكي نستطيع أن نصل الى قمة التقدم، وهو يعلمنا طرق جديدة في العيش، ومن هذه الطرق قد يكون هناك سلوكاً أو أفكاراً خطأ، فنحن نعمل على إعادة تصحيح هذه الأفكار والسلوكيات عن طريق الملاحظة، فإذا استطعنا ملاحظة سلوكنا وأفعالنا نستطيع عندها التحكم في سلوكنا وأفكارنا".
وشرح أسلوب تعليم هذا العلم، "يعمل هذا العلم على تطوير النفس الإنسانية وإعادة صقلها وتنظيمها من جديد وبالتالي التأثير في المجتمع لأنه علم للتغيير وتحسين الحياة، وأنا اخترت هذا العلم لأني شعرت أنني إذا نجحت فيه فسأوصل رسالة ممتازة للناس خاصة دائمي اللوم والشكوى، فأنت لديك قدرة ان تستخدم كل طاقاتك الداخلية وتخرجها وتعمل على تطويرها، وهو تطبيق لمهارات وتقنيات كثيرة لو استثمرناها بشكل صحيح نستطيع أن نصل الى أفضل ما يطلبه الإنسان".
ولكن...
إقبال الناس على أمسيات التنمية البشرية لمدربين محليين ما يزال في بداياته، فليس هناك الكثير ممن يثقون بغير مشاهير هذا العلم أمثال الفقي وغيره، لكن المدرب أيمن الحاج بدا متفائلاً بانتشار هذا العلم في الأردن وقال "في بداية كل عمل أو فكرة جديدة في أي مكان سيكون هناك صعوبة قليلاً حتى يتعرف أناس على هذا العلم ونحن حقيقة ننوي نشره بطريقة صحيحة لتعميم الفائدة للناس، أنا بدأت منذ عام في هذا المجال كمركز مختص في التنمية البشرية وبالأخص في علم البرمجة اللغوية العصبية ووجدت العدد بدأ يزيد، وبدأ الناس يكتفون أنفسهم وما لديهم من قدرات، وهذا ناتج عن أن الناس بدأت تعي على ذاتهم وأن هذ العلم يختص بهم".
تكلفك الدورات كثيراً، وخاصة إذا أحببت التعمق فيها فهناك الكثير من البرامج والأمسيات التي تغريك عناوينها بالحضور، مثل (دورات في علوم الطاقة وتطوير الذات ورفع الكفاءة) و(استراتيجيات النجاح) و(قوة الإدراك) و(أيقظ قواك وحقق أحلامك) وغيرها، وكل هذا يشد المهتمين بالتسجيل لدعم تطورهم الذاتي أو (ليصبحوا مدربين بأنفسهم).
وحول هذه الكلفة المادية للدورات والأمسيات، قال الحاج "مركزنا معتمد من كندا وندرس منهاج الدكتور إبراهيم الفقي، والمركز يكلفنا مادياً، فنحن نقوم بارسال الشهادات وختمها من المركز الكندي ثم إرجاعها إلينا هذا غير أجرة المكان والموظفين فالأمر مكلف علينا، احيانا نتقاضى مبلغ 50 الى 60 دينار عن الدورة لكننا نعمل على أن نخفض المبغ قليلا كي نكسب عددا أكبر من الجماهير، وهدفنا ليس مادياً جداً لكننا نحاول أن نحافظ على التوازن".
وعن ثقة الناس بالمدربين الجدد، أضاف الحاج: "كل إنسان يحتاج الى وقت كي يبني إسمه، وابراهيم الفقي احتاج الى 23 سنة، إذا فكل شخص له وضعه وتميزه الخاص وعليه ان يدفع ثمن بأن يصبر ويثابر وأن يلتزم ويواظب حتى يصل الى مرحلة متقدمة، ونحن نتعلم من الدكتور الفقي والرفاعي والتكريتي كما تعلموا هم من الذين قبلهم".
علم أصله دين..
ربما يكون هذا العلم قد نبع على أسس علمية بحته، لكن المدربين المسلمين عرفوا أن منابعه روحانية تقوم على قواعد أساسها الدين الإسلامي، ولهذا فكثير من المدربين يتخذونه للدعوة الإسلامية.
ومن الذين لا يكتفون بإعطاء الدورات حالما تصبح لديهم الخبرة لكنهم يبقون على المتابعة والاستزادة من العلماء الآخرين رحمة أبو محفوظ وهي مدربة ومتدربة في البرمجة اللغوية العصبية وفي هندسة التفكير، قالت لعمان نت "محبتي لعلم النفس قادتني الى الحصول على الدورات المتخصصة في هذا العلم، وبدأت بدراسته ولاحظت أنها تقوم بتطوير شخصية الإنسان والتأثير على الآخرين بطريقة فعالة، سأكون بإذن الله مدربة في البرمجة اللغوية العصبية وفي مهارات أخرى وبطريقة فعالة وأتمنى أن أكون داعية في سبيل الله، ونحن أصلاً نستخدم بعض برمجيات هذا العلم وطريقة الاتصال بالآخرين في الدعوة لله سبحانه، فنحن نستخدم الأساليب والحقيقة أن هناك الكثير من قواعد وأسس هذا العلم مأخوذة أصلا من ديننا الإسلامي".
وعن النقد الذي طال هذا العلم في بداية انتشاره في العالم الإسلامي والعربي، قالت رحمة "الذين انتقدوا هذا العلم في البداية لم يكونا مطلعين عليه كما يجب، لكن البعض منهم حينما اطلع على البرمجة اللغوية العصبية ناقض نفسه ثم دافع عنه، وهناك أشخاصاً أخذوا انطباعا سيئاً عنه من أشخاص آخرين، علينا أن لا نعمم وأن لا نحكم على الآخرين بدون أن نجرب بأنفسنا".
مجتمعنا لا يثق بعد بهذا العلم الحديث، إلا أن ذلك لم يردع المدربين عن الاستمرار والتطور فيه، وعلقت أبو محفوظ، "إذا كانت الأمسيات مجانية فنسبة الحضور تكون عالية جداً وإذا كانت مدفوعة الأجر فيقل الإقبال، لأن المجتمع الى الآن لم يتقبلها بشكل كبير لكلفتها مادياً، ولكن إذا نظر إليها ببعدها المستقبلي فما يصرفه سيكون لا شيء مقابل ما يحصل عليه من علم، الإقبال قليل لكنه مستمر وما يزال هناك الكثير من الناس لم يسمعوا بهذا العلم لكنه أفضل من السابق بكثير".
انتشار هذا العلم قد يكون له أثر إيجابي كبير على الناس، وطالما أنه يدخل في تحليل الشخصيات، ويحاول معالجة اهتراء البنية النفسية لدى المجتمعات العربية والمجتمع العربي مما أصابه من تخلخل وتململ في كافة جوانب حياته، فلا ضرر إذا من أن يتطور ويستمر وحتى أن يكون مجانيا وعلنيا أكثر كي يطال شرائح المجتمع كلها.











































