عام 2008 يعصف بإدارة أمانة عمان

الرابط المختصر

التقرير التالي يرصد أبرز محطات واجهت أمانة عمان الكبرى؛ من مشكلات وحوادث أعصفت بإداراتها وبمشاريعها وبقرارات كانت قد اتخذتها، وبشخص أمينها عمر المعاني.      

البداية
ها هي أمانة عمان الكبرى تغلق عام 2008 بعدة أزمات عصفت بإدارتها وبأمينها عمر المعاني شخصيا، كان أكثرها عداءً تلك التي كانت مع "الإعلام" وتحديدا مع بعض الصحف اليومية ومواقع إلكترونية شنت التي هجوما لافتا على شخص المعاني.

امتناع الأمين عن الظهور على وسائل الإعلام، واقتصار تصريحاته الإعلامية على ما يصدره المركز الإعلامي التابع للأمانة فقط، دفع كَُتابا ينبرون بانتقادات للأمانة ما كنت يوما تشهد هذا الحجم من الانتقادات ما دفع الأمين "مرغما" بزيارة الصحف اليومية والظهور على شاشة التلفزيون الأردني للحديث عن كافة مشاريع الأمانة "بشفافية" كما يردد دائما، لكن ذلك لم يكن كافيا، فقد قام بتأسيس إذاعة ناطقة باسم الأمانة قبل ثمانية شهور لكنها وفي آخر جلسات الأمانة واجهت جملة انتقادات من قبل أعضاء الأمانة.
 
ضجة إعلامية أخرى عاد وأثارها عمر المعاني كانت بزيادة قيمة المكافآت التي صُرفت لكبار الموظفين حيث وصلت إلى آلاف الدنانير وما زاد من فتيل الأزمة هي إقالة اثنين من كبار الموظفين ومدير مكتب المعاني كانوا قد سربوا أرقاما مالية إلى الإعلام في خطوة وصفت بـ"الخطيرة" من قبل الأمين الذي يصفه المقربون "بالمستثمر المُسالم" ما دفعه إلى طلب رسمي منهم بتقديم استقالتهم.
 
بداية عام 2008 كان متعثرا لدى الأمانة فيما يتعلق بقطاع النقل العام "المترهل"، فالعثرات توالت بدءً من استمرار "مجمع رغدان السياحي" وقفا لم تستفد منه الأمانة بشيء، ووضعها مع مؤسسة "جايكا" وهي وكالة الإنماء اليابانية التي وعلى ما يبدو لم تكن تريد هذا المجمع "مكانا" جميلا بحجارته فقط، فخطوط النقل العام التي كانت متواجدة في وسط البلد والتي ضمت لاحقا للمجمع عادت أكثر من نصفها إلى مواقعها القديمة فيما بقيت خطوط قليلة تناضل للعودة إلى مكانها.   
 
فيما تم تأجيل مشروع التكسي المميز لعام آخر إلى أن أعلن المعاني عن بداية تطبيق المشروع بداية العام 2009 لكن العثرة الأخرى تكمن في "أجور" خطوط النقل التي أفضت عشوائية لدى دائرة النقل العام التي أسستها الأمانة لإدارة النقل العام في العاصمة قبل عام، إلى تشكيك في مقدرة الأمانة على إدارة دفة قطاع النقل العام.
  
الأمانة قامت بإعادة ترتيب بيتها الداخلي، وكانت البداية بهيكلة إدارية لجهاز إداري لطالما وصف بـ"المترهل" وسط أعداد موظفين يفوق حجم العمل المنجز، فالأمين وعبر شركة تعاقد معها لأجل ترتيب الجهاز الإداري وسط أقوال رددها دوما المعاني.."لا نريد قطع الأرزاق لكننا سنكون حازمين تجاه من لا يعمل". لكنها أي الأمانة لم تفصل أحد.
 
وواجه عمر المعاني بداية العام أزمة ثقة مع كادره الإداري الذي بدا في كثير من الأحيان مصدرا مهما لصحفيين من خلال تسريب معلومات عن أرقام عطاءات ومشاريع وخطوات كادت ستقوم بها الامانة وسرعان ما تراجعت عنها أو تم إخفاء وقائع كانت تحصل داخل الأمانة من: إقصاء مستشارين لم يفيدوا الأمانة بشيء وتحديدا في ملف النقل العام وتسريبات حول مكافآت تصرف لكبار الموظفين.
 
أما مجلس أمانة عمان فهو المجلس الأسوأ في تاريخ أمانة عمان، وتحديدا بين الأعضاء المنتخبين الذين لم يقدموا لدافعي الضرائب لهم شيئا، وما سُجل لهم هو مطالبات مستمرة بزيادة رواتبهم إلى أن وصلت إلى 1250 دينارا في خطوة لم يعرها الإعلام اهتماما وبموافقة رئيس الوزراء مؤخرا بصرف زيادات جاءت بعد إلحاح الأعضاء على الأمين.
 
خارج الأردن كان هناك نصيب لأمانة عمان في الأزمات إذ لا تزال قضيتها عالقة مع الشركة الهندية المنفذة لجسر عمان المعلق، ودخول مجموعة "كارمن جروب" العالمية على خط العلاقة بين الطرفين بعد تحكيم غير موفق من الأمانة لامها خبراء لضعف محاميها، ما جعلها مهددة بدفع مبالغ مالية ستصل إلى ثمانية ملايين دينار، تعويضا لإضرار لحقت بالشركة طوال مدة تنفيذ المشروع، لكن، الإعلام لم يعر اهتماما للقضية وباتت القضية تأتي في سياق تقارير عابرة ينشرها موقع عمان نت.
 
لم ينجح المعاني في الاستمرار بما وعد به سابقا بعدم تخصيص أراضي الأمانة لأي من الأندية الرياضية أو الجمعيات الخيرية أو ذات الصبغة العشائرية، فقد فرض أعضاء المجلس وتحديدا التيار العشائري فيه طوقا ساهم في إرغامه بمنح تخصيص قطعة أرض لنادي الفيصلي.
 
كما شهد العام الحالي استقالة عضو الأمانة المعين "فادي غندور" وتم تجميد عضوية آخر وهو "راسم بدران"، أشهر المهندسين المعماريين في الأردن، لكن الأخير سرعان ما أعيد إلى عضويته بعد "انتصار" وصفه المعاني من قبل ديوان تفسير القوانين لصالح الأخير وعاد إلى عضويته في التعيين.
 
الأمانة التي بدت عند أعضاء ممثلين لمناطق ضمت حديثا لها "غير آبهة بهم" وجدت أن نشاطها أهلّها لأن تنجز مشاريع بمدن أخرى مثل إربد، والتي أنشأت لها جسرا على مدخلها وصُف بـ"الإهداء" من بلدية عمان إلى عروس الشمال..وسط تساؤلات حول الانجازات التي أرشفت في المناطق "الصحراوية أو البعيدة عن التنمية" في المناطق المنضمة للأمانة على حساب مدن أخرى لها بلدياتها.
 
أمانة عمان اصطدمت بمجلس النواب الذي استجواب عدد من النواب الأمين حول تعاقد الأمانة مع عدد من مكاتب محاماة وسط وجود أعداد كبيرة من محامين تابعين للأمانة، من بينهم مكتب المحامي صلاح الدين البشير وزير الخارجية وشقيق نائب أمين عمان عامر البشير، مبررا الأمين أن الأمانة تقوم بعدة مشاريع ضخمة لا يستوعب كادرها الحالي حجم الأرقام والتفاصيل التي تنطوي على كل مشروع لكنها سرعان ما انتهت التساؤلات.
 
كما قامت الأمانة أواسط هذا العام بتجميد "هيئة تجميل عمان" التي تساهم في الرؤى والأفكار الخاصة بتجميل العاصمة عمان وهذه الهيئة ساهمت فقط "بتلوين الأبنية المتناثرة حول مقر الأمانة برأس العين" وسط انتقادات بالتجميل الخارجي والإهمال الداخلي المتعلق بالبنية التحتية لهذه المناطق، أما الأكثر اصطداما فكان جليا في الساحة الهاشمية حيث تجار الساحة الهاشمية الذين يبيعون المقتنيات التراثية ما أدخلهم في نزاعات قضائية مع الأمانة لأن التعويضات متدنية مقابل  إخلائهم محلاتهم، وانتهت الأزمة بعد انتصارهم وتكلّف الأمانة مبالغ مالية وصلت إلى مئات آلاف الدنانير.
 
لكن شرارة النزاع مع الأمانة كانت في أوجها مع "حي القيسيين" كما يلقب هذا الحي المتاخم لمنطقة عبدون حيث استملكت الأمانة أراضيهم بأسعار متدنية ما أدخل البعض منهم في خلافات معها إلى أن كسب بعضهم القضية على الأمانة وآخرون لا يزالوا في نزاعات مع الأمانة، في ملف وصفه مسؤولون في الأمانة أنه الأكثر تكلفة في تاريخها.
 
على مستوى رؤوس الأموال، فيبدو أن قامة مجموعة "طلال أبو غزالة" الاقتصادية لم تتمكن من الانتصار على ماكينة الأمانة في أقوى قضية نزاعية بين الطرفين في الأردن، على خلفية استملاك الأمانة لأراضي مقر المستثمر المتاخمة لأضخم مشروع تعكف عليه الأمانة وهو مشروع العبدلي الذي يدخل فيه "آل الحريري" مستثمرا رئيسيا فيه، فيما تم إزالة مباني أبو غزالة عن بكرة أبيها وبانتصار الأمانة في المحصلة.
 
واحدة من المشكلات التي عولجت "خفاءً" هي أزمة عمال أبراج بوابة الأردن في الدوار السادس الذي تعرض بعضهم لانتهاكات في حقوقه وتجاوزات عمالية تم السكوت عنها ما دفع العشرات منهم وتحديدا من الجنسية المصرية وعدد من الهنود والبنغال إلى تنظيم سلسلة احتجاجات على سياسة القائمين على المشروع في تخفيض أجورهم بطريقة غير شرعية، إلى أن أوقف العمال إضرابات نفذوها لأيام معدودة بعد تهديدات بالتسفير في حال استمرارهم في الإضراب وسرعان ما عادوا وسط ابتعاد الأمانة عن كامل المشروع.
 
لكبر حجم مسؤوليات الأمانة استدعاها إلى تخصيص مبلغ 12 مليون دينار خاص فقط بالاستشارات، وهذه خطوة لم يعتد عليها الأردن بعد، فيما كانت أمرا عاديا عند أمين عمان الذي أعلن عنها سابقا في شهر تموز الماضي مبررا أنها تأتي في سياق معاصرة الأمانة لضخامة عاصمة تتسع يوميا استثماراتها ومشاريعها، بالإضافة إلى تنفيذها المخطط الشمولي الذي قسم العاصمة إلى مناطق تدريجية من حيث السماح ببناء الأبراج العالية.
 
مواكبةً لاحتياجات عاصمة عصرية، قامت الأمانة وضمن هيكلتها الجديدة باستحداث منصب "مدير مدينة" ونواب خمسة له خاصين بشؤون عدة. لكن أدوارهم لم تختلف، والتغيير طال تسمياتهم الوظيفية فقط.
 
أمين عمان، أحتوى أزمة وقعت مع 16 عضو من أعضاء مجلس الأمانة في شهر حزيران الماضي والذين قدموا عريضة استهجنوا فيها تهميش الأمين لمجلسهم وإبعادهم عن قرارات إدارية حاسمة، لكنه سرعان ما احتواهم في جلسة استثنائية عقدت في الأول من تموز الماضي وتم إقفال الأزمة بكاملها.
 
فيما اعتبرت سابقة بتاريخ الأمانة، هي قيام دائرة إشهار الذمة المالية بالتحقيق مع عدد من أعضاء أمانة عمان لم يشهروا ذممهم المالية في شهر أيار الماضي وسرعان ما طلب أمين عمان من مديرة الدائرة المالية السابقة إيمان الصرايرة في إحدى جلسات الأمانة بالتحرك العاجل ومساعدة الأعضاء الذين تأخروا في إشهار ذممهم المالية، والمتأخرين كانوا من الأعضاء المعينين ويعتبروا من أصحاب الملايين.
 
"مجمع الدوائر الحكومية" الذي سيقام في منطقة كريدور عبدون يعتبر واحدا من المشروعات التي تعد الأمانة العدة لتنفيذه، لكنه لم يكن إلا مثار "سخط" لدى كثيرين لحجم تكلفته التي تتخطى المليار و 400 مليون دينار، فلم يوفروا وقتا إلا وهاجموا فيه الأمانة والأمين، هذا المشروع كانت ستنفذه شركة تابعة لرئيس الوزراء اللبناني الأسبق نجيب ميقاتي لكنه اعتذر عن تنفيذه، فيما استمر هجوم كتاب وصحفيين على الأمانة والأمين، وما حسم الأمر تصريح المعاني في أن دور الأمانة يكمن في "تمكين" المشروع وإيجاد مساحة الأرض الكافية لإقامته وإيجاد البنية التحتية المناسبة له ومساعدة الحكومة في إيجاد النموذج المالي المناسب لاستغلال المشروع من المستثمر الذي سينفذه.
 
متحف الأطفال، الذي ساهمت الأمانة في تأسيسه قبل سنوات، عادت ووافق أعضاء مجلس الأمانة على منحة تقدم دعما وصف بالتأهيلي للمتحف بقيمة مليون دينار إلى جانب أربعة ملايين دينار تلقاها في أيار الماضي.
 
أما عن الأزمات المرورية التي يتسبب بها الاصطفاف المزدوج للسيارات وخاصة في المناطق التجارية، فقد قامت الأمانة بافتتاح مجمع السيارات بعشرين مليون دينار وهو ما وصف بالمبلغ الضخم على منطقة واحدة فقط وهي "الصويفية".
 
70 مليون دينار قيمة المبالغ المستحقة على المواطنين لأمانة عمان والتي أعلنتها الدائرة المالية في الأمانة في العام الماضي لكنها تضاعفت في العام 2008 لتصل إلى 120 مليونا، وسط دعاية قامت بها الأمانة لحث الناس على "التقسيط المريح" و"وجدولة سداد يسيرة".  
 
في أوائل شهر شباط أعلنت الأمانة عن بيعها أرضا لشركة ليمتلس العالمية بقيمة خمسة ملايين دينار، في واحدة من الصفقات الضخمة، في وقت تنفذ فيه الأمانة المخطط الشمولي والذي يحدد مناطق الأبراج.
 
أخيرا، يواجه أمين عمان عمر المعاني تحديات جمة في العام المقبل، وسط مصادر تؤكد أنه قدم استقالته غير مرة لكن رئيس الوزراء المسؤول المباشر عن الأمين طلب منه الاستمرار إلى حين الانتهاء من المشاريع التي تعكف عليها الأمانة فيما تظهر بورصة أسماء مرشحه لمنصب الأمين منها وزير الشؤون البلدية شحادة أبو هديب (عضو أمانة سابق) ومدير عام مؤسسة استثمار الموارد الوطنية وتنميتها في الأردن (موارد)، أكرم أبو حمدان.