ظاهرة سلبية مؤسفة
التقيت مع مجموعة من الاطفال والشباب الاناث والذكور، وسألتهم: هل تعرفون مؤلفات عميد الادب العربي طه حسين؟ هل تقرأون مسرحيات توفيق الحكيم؟ هل تقرأون قصص تشيكوف الروسي؟ هل تتابعون كتابات عباس محمود العقاد ونجيب محفوظ وعيسى الناعوري ومحمود سيف الدين الايراني وروكس العزيزي وعبدالحليم عباس وحسني فريز؟ وكان رد الفعل الاول من هذه المجموعة، انهم شرعوا بالضحك، ثم قال لي احدهم: هل هذه الاسماء من تأليفك؟ وقال آخر: نحن لا نعرف هؤلاء الكتاب، وقالت احدى الشابات: نحن نتابع مقالاتك ومقالات فهد الفانك وطارق مصاروة، ونتابع الاخبار التي تشير الى نشر بعض الكتب المحلية، لكننا لا نرى سوى القليل من هذه الكتب، ولان هؤلاء الافراد لا يعرفون الكتاب والادباء الاردنيين والعرب والاجانب القدامى، عدت وسألتهم عن متابعاتهم للمطربين العمداء للفن العربي، مثل محمد عبدالوهاب، وفريد الاطرش، وعبدالحليم حافظ وغيرهم من مطربي الاردن ولبنان والعراق وسورية الراحلين، فكان الرد من هؤلاء الاطفال والشباب، يتعلق بعدم متابعتهم لهؤلاء المطربين، وان متابعاتهم الحالية تتعلق بالمطربات الشابات الحاليات، والمطربين الشباب الحاليين، سواء أكانوا من الاردن ام لبنان ام مصر ام سورية ام العراق ام تونس ام غيرها من دول شمال افريقيا ودول الخليج العربي، وعبر معظمهم عن محبتهم لنانسي عجرم، وعدم محبتهم لاغنيات ام كلثوم.
وهذه الظاهرة السلبية المؤسفة، تحتاج لمعالجتها، لاننا نعتز بادبائنا السابقين، ونحب اعمدة الطرب في الساحة العربية، ولا بد من ربط ابداعاتهم الادبية والفنية مع كل جيل جديد، بحيث لا يتلاشى كل مبدع اذا انتهت حياته، وبحيث يستمر تكريم كل المبدعين المميزين سواء أكانوا على قيد الحياة ام كانوا راحلين من الدنيا الفانية ومتحولين الى الاختلاط بتراب الارض.
ولا بد من معالجة هذه الظاهرة السلبية المؤسفة عن طريق ادارات المدارس الخاصة، وعن طريق وزارة التربية والتعليم، وعن طريق المجالس البلدية، وعن طريق ادارات الجامعات الخاصة، وعن طريق وزارة التعليم العالي، وعن طريق الآباء والامهات. اذ لا يليق بحياتنا ان لا نحترم المرحومين طه حسين ونجيب محفوظ وعباس العقاد، والمرحومين عبدالوهاب والاطرش وعبدالحليم وام كلثوم وغيرهم.. وأنا لا اقصد الكتاب والادباء والمطربين المصريين فقط، بل كل الادباء والكتاب والمطربين الاردنيين والعرب عموما، ممن كانوا مميزين اثناء حياتهم واثناء طرح ابداعاتهم.
وبحكم ميلنا لمصالح الاجيال الجديدة والاجيال القادمة، فان لنا ميلاً مؤكدا للمحافظة على جهود المبدعين الراحلين، بحيث لا تنتهي اهميتهم بمجرد انتهاء حياتهم، ومن المؤسف الى مستوى واسع، ان عبدالحليم حافظ ما يزال منتشرا ومهما، ومع ذلك فان بعضا من الشباب يميلون الى نانسي عجرم وليس الى الفنانين الكبار.
*المقال نشر في صحيفة الراي الاردنية