ضعف السياحة الداخلة:أسباب عديدة ولا جهة تعترف بالمسؤولية

الرابط المختصر

تبقى جدلية السياحة الداخلية وتشجيعها ومدى الاقبال عليها حاضرة في كل بحث سياحي او نقاش ، فهي القضية القديمة الجديدة على الاجندة السياحية تفرض نفسها بحثا عن حلول منطقية تجعل من المنتج السياحي الاردني مصدر جذب للمواطنين ضمن المتطلبات التي تناسبه ماديا واجتماعيا وترفيهيا.

وما من شك ان وجود الحجم الكبير من الاعلانات اليومية التي تتصدر الصحف بتنظيم رحلات الى دول مختلفة وبأسعار قليلة جدا ، تجعل من قضية تشجيع السياحة الداخلية غاية في الاهمية والحساسية ، وتفرض وضعها على سلم اولويات وزارة السياحة وكل المعنيين بالشأن السياحي وواضعي سياساته.

وزيرة السياحة والآثار سوزان عفانه تنبهت لاهمية القضية وكانت من اولى الملفات التي بدأت بطرحها منذ توليها منصبها وزيرة للسياحة ، باحثة عن سبل لدعمها ، من خلال تقديم كل السبل لتشجيع المواطنين التوجه لبلدهم سياحيا ، لايمانها بأن السياحة الداخلية تعتبر رافدا هاما للاقتصاد الوطني.

الى ذلك ، أكدت عفانة ضرورة العمل من اجل تنشيط السياحة الداخلية وتمكين المواطن من زيارة مختلف الاماكن السياحية ، مطالبة بوضع خطة عمل وآلية التعامل مع موضوع السياحة الداخلية من حيث تقديم اسعار تشجيعية للمواطنين وتقديم برامج سياحية تناسب مختلف شرائح المجتمع ، مبدية في الوقت ذاته استعدادها التام لتجاوز اي عقبة تقف حائلا امام استمرار النمو السياحي على مختلف المستويات.

مختصون يرون ان السبب الاساسي في موضوع ضعف السياحة الداخلية قلة الفنادق ثلاث نجوم فما دون ، وهي الاقل تكلفة ، في حين اكدت مصادر مطلعة للدستور ان جهودا وتسهيلات حكومية تبذل لاقامة هذا النوع من الفنادق التي حتما ستوفر نوعا من السياحة منخفضة الاسعار.

كما يرجع مختصون التراجع في السياحة الداخلية إن لم يكن ندرته الى سلوكيات سياحية من المواطنين وتقاليد تجعل من التكلفة عليهم مرتفعة اكثر من السياح غير المواطنين ، وكذلك اكثر من السياحة في أي بلد آخر ، مشيرين الى ان ابرز هذه التقاليد الحجز قبل السفر بيوم واحد ، او يومين على ابعد تقدير ، او اللجوء للحجز الفردي إذ ما تزال "سياحة المجموعات السياحية" محدودة جدا على صعيد السياحة الداخلية.

وفي متابعة لـ"الدستور" لواقع السياحة الداخلية ، تزامنا مع طرح وزيرة السياحة لهذا الملف ، تلاقف عدد من المعنيين بالشأن السياحي كرة المسؤولية بعدم نجاح أي حلول لضمان تنشيط هذا الجانب السياحي الهام ، ولم يعترف احد بمسؤوليته عن هذا التراجع سواء كان رسميا او في القطاع الخاص ، ورأى متحدثون لنا بأن الامر بحاجة الى ثورة تغيرات تركز على تخفيض الاسعار وتأهيل المواقع السياحية والاثرية ووضع استراتيجية عمل عملية لتنشيط هذا الجانب ، او حتى احيائه.

وزيرة السياحة والآثار خلال لقائها مؤخرا رئيس لجنة السياحة والتراث في مجلس الاعيان العين عقل بلتاجي ، وبحضور ممثلي الفعاليات السياحية كافة

دعت المعنيين بالقطاع السياحي الى الاستعداد لتقديم برامج خاصة بالسياحة الداخلية خلال فترة عيد الفطر المبارك ، ولكن ما الجديد في هذا الطرح هل سنجد انفسنا بالفعل امام حراك سياحي بين المواطنين يتسارعون به لقضاء اجازتهم في مواقع سياحية مختلفة ، أم سيعاد ذات المشهد وتمتلئ المطارات بالسياح الاردنيين المغادرين لقضاء اجازتهم خارج البلاد؟

هيئة تنشيط السياحة

مدير عام هيئة تنشيط السياحة نايف حميدي الفايز قال انه على الرغم من انه ليس من مسؤوليات الهيئة الترويج الداخلي ، لان دورها ترويج الاردن بالخارج ، وموازنتنا متواضعة بشكل لا يتسع سوى للبرامج التي من شأنها الترويج الخارجي ، والنظام للهيئة يحدد مهمتنا باستقطاب السياح من الخارج ، لكن مع هذا نحن نتغلب على هذه المسألة باننا عندما نعد برامج سياحية خاصة للاسواق العربية حتما نستهدف بها المواطن ، خاصة واننا نستهدف اسواق تضم مواطنين مغتربين بأعداد كبيرة ، وعليه فان هذه البرامج تصل للمواطنين ولو بشكل غير مباشر.

ويقول الفايز ان المنشورات التي توزع على الحدود خلال فصل الصيف هي تستهدف الجميع ، سواء كانوا سياحا او مواطنين ، خاصة المغتربين منهم ، لكن بنفس الوقت ليس لدينا الامكانيات المالية التي تعطينا القدرة على اعداد برامج للسياحة الداخلية.

وفي موضوع الاسعار ، يشير الفايز الى ان سياحة "الجروبات السياحية" تبقى اقل سعرا ، حتى في الاردن ، عندما تذهب الى اي فندق للحجز لعائلة واحدة يكون السعر اكثر بكثير من الاسعار التي تمنح للمجموعات السياحية ، اضافة الى ان المواطن الاردني اعتاد على آلية حجز تؤدي به الى دفع اسعار مرتفعة ، فنحن دوما نلجأ للحجز قبل يوم او يومين ، وبأقصى حد بعد اسبوع من توجهنا للمنطقة السياحية سواء كانت البحر الميت او العقبة ، وبالغالب يكون الاقبال في نفس الاوقات في نهاية عطلة الاسبوع ، او في العطل الرسمية ، هذه الامور كلها تؤدي الى ان تجعل من السياحة الداخلية مرتفعة السعر مقارنة بغيرها.

جمعية وكلاء السياحة والسفر

ويعتبر كثيرون ان هروب المواطن الاردني للخارج يقف وراءه مكاتب السياحة والسفر التي تروج للسياحة في دول عربية واجنبية بأسعار مخفضة تنافس السياحة المحلية ، الامر الذي يؤدي وفق آراء سياحية الى تسرب واضح للعملة الصعبة خارج البلاد.

اصحاب مكاتب السياحة والسفر يرفضون هذا الطرح ، انطلاقا من فلسفة عملهم الاساسية المتمثلة بتسويق منتج سياحي متكامل وبسعر قليل ، وهذا غير متوفر من وجهة نظرهم في المنتج المحلي.

ووفق رئيس جمعية وكلاء السياحة والسفر شاهر حمدان فان الجمعية ترفض "الشمّاعة" التي يلجأ لها "السياحيون" في كل مرة نتحدث بها عن السياحة الداخلية ، بأن مكاتب السياحة والسفر وراء هذا الهدر السياحي ، مؤكدا ان المكاتب تسعى جاهدة لتسويق المنتج الاردني لكن المواطن يفضل السياحة الخارجية كونها منافسة بالسعر وحتى بالجوده ، مؤكدا ان هامش الربح من السياحة الداخلية للمكاتب لا يتجاوز من (5 الى )10 دنانير على الشخص وهو هامش ربح بسيط جدا ، بمعنى ان هذا النوع من السياحة نتعامل معه بخسارة.

وبين حمدان ان المكاتب تعمل على تسويق اي منتج يوضع بين ايدينا ، ولكن حتما أي تسويق يعتمد على عدة عوامل من ابرزها نوعية المنتج وكلفته بشكل يقدم بسعر مناسب ومنافس ، ذلك ان اغلب المواطنين هم من ذوي الدخل المتواضع ومن حقهم السياحة ، وان يكون منتجا متكاملا من حيث النقل والفنادق والترفيه ، ودون هذه العوامل لا يمكن تسويق المنتج بالمطلق كونه لن يكون مقبولا.

قطاع الفنادق

و يرى القائمون على قطاع الفنادق ان السياحة الداخلية تتطلب فنادق ثلاث نجوم فما دون ، وهذا التوجه بحاجة الى تسهيلات ودعم من الحكومة حتى تنجح الفكرة.

ووفق رئيس جمعية الفنادق الاردنية ميشيل نزّال لا يوجد احد يمنع مبدأ اقامة فنادق لذوي الدخل المحدود ، ولا يوجد من يقف ضد تطبيق هذه الفكرة الايجابية لتشجيع السياحة الداخلية ، لكننا لا نجد المستثمر الذي ينشئ مثل هذه الفنادق ، ذلك ان التكلفة عالية جدا وبالتالي يصعب ان نجد من يقدم على اقامة فنادق ثلاث نجوم فما دون وبكثرة لمجرد ان تكون لذوي الدخل المحدود.

وبين نزّال انه يمكن دعم الفكرة ، وتشجيعها من خلال اجراءات حكومية تدفع بهذا الاتجاه السياحي الايجابي ، وذلك عن طريق منح قطع اراضي بأسعار رمزية للمستثمرين ، وحتى توفير اراضي لهم ذلك ان الاراضي غير متوفرة في منطقة البحر الميت على سبيل المثال ، مؤكدا انه في حال قدمت الاراضي بهذه الصورة حتما سنجد قطاع الفنادق ذات النجوم الثلاث فما دون قد ازدهر.

أضف تعليقك