ضعف التشريعات تضع الصحفيين في مواجهة امن الدولة

ضعف التشريعات تضع الصحفيين في مواجهة امن الدولة
الرابط المختصر

يمثل صحفيون أمام محكمة أمن الدولة “العسكرية” خلافا لقانون المطبوعات والنشر بعد تعديله في عام ٢٠١٠ لينص صراحة على أن محكمة بداية عمان هي المحكمة المختصة بالنظر في جرائم النشر المتعلقة بأمن الدولة الداخلي والخارجي والواردة في قانون العقوبات وأي قانون آخر.

التعديل جاء بعد تحويل ما لا يقل عن ستة صحفيين إلى محكمة أمن الدولة خلال عام ٢٠٠٩، ليعلن الملك على إثرها توجيهاته بعدم محاكمة الصحفيين أمام محكمة أمن الدولة وعدم حبس أو توقيف الصحفيين.

أما العقوبة، كما يوضح المحامي المختص في قضايا الإعلام محمد قطيشات، فترتبط بالتهمة وليس بالمحكمة التي يمثل أمامها الصحفي. بعد التعديل الأخير على قانون المطبوعات والنشر أصبحت التهم التي يمكن أن توجه للصحفي مشمولة في هذا القانون، مثل إهانة الأديان وقلب الدستور ونظام الحكم والإساءة إلى كرامة الأفراد. لذا يجب الاستناد إلى قانون المطبوعات والنشر عند توجيه أي تهمة للصحفي لأنه القانون الخاص به.

ومع ذلك استمر تحويل صحفيين إلى محكمة أمن الدولة، آخرهم كان الصحفي علاء الفزاع، ناشر موقع صحفي جو الذي استدعاه الأسبوع الماضي مدعي عام محكمة أمن الدولة وأوقفه لمدة ١٤ يوما على ذمة التحقيق، ثم أفرج عنه بكفالة عدلية. وكان وجه له تهمتي “العمل على تغيير الدستور بطرق غير شرعية” والاساءة لـ”مؤسسة العرش”، على خلفية نشر خبر عن حملة على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” تطالب بأن يكون الأمير حمزة وليا للعهد.

استمرار تحويل صحفيين إلى محكمة أمن الدولة يعزوه قطيشات، إلى عوامل قانونية وأخرى سياسية. ويقول: “برأي النيابة العامة النص القانوني للمطبوعات والنشر غير كاف ليسلخ اختصاص محكمة أمن الدولة بالنظر في جرائم النشر وأن الأولى بالتعديل قانون محكمة أمن الدولة لأنه قانون خاص بمحكمة أمن الدولة التي تستمد اختصاصاتها من قانونها وبالتالي لا يجوز للمحاكم النظامية أن تسحب اختصاص من محكمة خاص”.

سياسيا، يرى قطيشات أن التوجهات السياسية لبعض الصحفيين قد تكون حساسة لبعض مراكز القوى السياسية.

“هناك صحفيون تم تحويلهم إلى محكمة أمن الدولة على قضايا أقل أهمية وخطورة من قضايا حول على إثرها صحفيون إلى محاكم نظامية مدنية. وهذا يعود إلى المناخ السياسي المتمثل في سياسات السلطة التنفيذية ومجالس النواب وأحزاب ومؤسسات مجتمع مدني والإعلام نفسه، في القضاء ومدى استقلاليته. هل المناخ السياسي داعم للحريات الإعلامية أم لا؟”، يتساءل المحامي.

تعديل التشريعات المتعلقة بالإعلام لست مرات خلال السنوات العشر الأخيرة، يصفه قطيشات بـ” التخبط التشريعي وعدم الاستقرار في القوانين” ويرده إلى أن “الحكومات المتعاقبة تريد أن تخضع الإعلام لسيطرتها. وما يحدث في قوانين المطبوعات والنشر يختلف تماما مع النظرة الملكية للإعلام والإطار الدستوري لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والطباعة ومع الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها الأردن وأصبحت جزءا من التشريعات المحلية. كما أن قانون المطبوعات والنشر وهو القانون المحوري في العملية القانونية الإعلامية ما يزال مطاطيا وغامضا ولا يوجد معايير أو ضوابط محددة لنصوصه”.

ويلفت المحامي قطيشات إلى وجود “ثغرات في التشريعات الأردنية تسمح بالتعسف في حق الصحفي، مثل تعدد القوانين، تناثر النصوص القانونية، الغموض في هذه النصوص، وعدم مواكبة التشريع للتطورات التكنولوجية، فالمواقع الالكترونية تعيش في جو تشريعي غامض. كل هذا من شأنه التأثير سلبا على معايير المحاكمة العادلة لأي صحفي”.

ويعدد قطيشات الآثار القانونية المترتبة على الصحفي عند تحويله لمحكمة أمن الدولة.” الأثر الأول الضبط والاحتفاظ بالصحفي من قبل الضابطة العدلية لمدة سبعة أيام، بالإضافة إلى إمكانية توقيف أو حجز الصحفي في أحد المراكز الأمنية لمدة سبعة أيام أخرى. أما وفقا لقانون أصول المحاكمات الجزائية فلا يجوز الاحتفاظ بالصحفي لأكثر من ٢٤ ساعة استنادا على قانون المطبوعات والنشر وقانون العقوبات الذي عدل بحيث يعاقب الصحفي على جريمة القدح والذم بغرامات وليس بالحبس”.

“الأثر الثاني هو وجوب مثول الصحفي في المحكمة خلال الجلسات خلافا لقانون أصول المحاكمات الجزائية الذي يعفي الصحفي من المثول أمام المحكمة باستثناء الجلسة الأولى لإفهام التهمة له وجلسة تقديم الإفادة الدفاعية بشرط أن يوكل محامي يحضر عنه الجلسات. هذا بالإضافة إلى الآثار النفسية المترتبة على الصحفي خلال مثوله أمام محكمة أمن الدولة”.

أضف تعليقك