ضرب الزوجات..عنف مسكوت عنه

ضرب الزوجات..عنف مسكوت عنه
الرابط المختصر

سرق زواجها أحلام عمرها العشرين ,فلم تعرف أن لزواجها قصة ستكتب عنه الصحف لتكون عبرة لكل من ضرب امرأة بقسوة, وقضية رأي عام تحصن المرأة نفسها به من العنف ..فصرخات ولاء لم تشفع لها عند زوجها علاء الذي مارس فتوته عليها وكيف لا يفعل وهو حارس لنادي ليلي .

ولاء كتب اسمها من العام الجاري في ملفات الشرطة ليصبح بعدها اسما في قضية " ضرب الزوجات "حطت على مكتب مدعي عام محكمة الجنايات الكبرى باشر التحقيق بعد وفاتها على يد زوجها الذي أقدم على ضربها بطريقة لا تعرف الإنسانية ,تركها متهالكة على الأرض ودماؤها تنزف لكن بلا صوت فكان العلي القدير أقرب لها فاخذ أمانته لتعيش في جنان الخلد .

كم هي قاسية تلك اليد التي تصفع دون حساب ..كم هي مؤلمة تلك الصفعات المتلاحقة على وجه زوجة أرادت من وراء زواجها السترة ورضا زوج أراد تسخيرها لخدمته لتصبح عنوان في تقرير أعدته ليندا المعايعة حول ضرب الزوجات .

يفتح مازن محمد عدوان وهو والد المرحومة ولاء التي توفيت في شهر كانون أول الماضي قلبه بعد دفنه ولاء ..حبس دموع وحسرة قلب أب وقف مصدوما أمام جثة ابنته ..لم يكن بجانبها ليحميها ..اختفى صوتها للأبد .. " ابنتي ولاء تزوجت منذ 3 أشهر ,وكانت منذ أكثر من شهر وكلما سمحت لها الفرصة بالاتصال مع بيت جدها خلسة عن أعين زوجها وعائلته التي تسكن بالجوار من ولاء وتبلغ عن تعرضها لضرب متواصل ومبرح من قبل زوجها ..وعلى إثر ذلك ذهبت أكثر من 10 مرات إلى منزل ولاء وكنت أراها متعرضة للضرب لكنها لم تجرؤ على الكلام ..خائفة من زوجها ومن أهله ..فلم تكن تنبس ببنت شفاه ".

وزاد "منتصف إحدى ليالي كانون أول نقلت ابنتي ولاء من منزل زوجها في مخيم الشهيد عزمي المفتي إلى مستشفى ايدون العسكري من قبل أهل زوجها بعد أن اتصل بهم هاتفيا وأبلغهم أنه ترك زوجته في المنزل "ملقاة على الأرض تنزف ..ضربها على رأسها ورقبتها وطعنها بالسكين في كتفها .."وظلت ملقاة على الأرض ..وعندما وصلت الى المستشفى كانت قد توفيت .

وقال " ودعت ابنتي وهي من بين 4بنات وشقيقين بدموع قلبي ..دفنتها في مقبرة باربد ..أريد حق ابنتي ..فما ذنبها أن تضرب بهذه القسوة في آثار لضرب بالكفوف وعصي لأن الدم "محزز على جسمها " .

وأشار " ابنتي كانت تعيش مع والدتها في سوريا وعادت إلى الأردن بعد خطبتها من علاء 32 عاما ويعمل حارس في نادي ليلي باربد ..وكان عندما يضربها يغلق الباب عليها ويترك المفتاح مع أهله ويذهب ..ماذا سأقول واليوم دفنت ابنتي سوى الله يرحمها ومثواها الجنة ..ولا حق يضيع وراه مطالب ..وقدمت شكوى ضد علاء وشقيقته لضربهما ابنتي ولاء ".

وادعى زوج المغدورة ولاء خلال التحقيق معه " قمت بإبلاغ والدتي قيامي بضرب ولاء ,وأنها سقطت على الأرض مغشيا عليها وذلك لنقلها الى المستشفى ".

وحسب المؤشرات الأولية لطبيعة العنف الممارس على جسد ولاء والمرجح أن يكون علاء استخدم يديه وقبضة يده في ضرب زوجته ولاء.

ووفق تقرير الطب الشرعي الذي أعدته لجنة طبية شرعية برئاسة أخصائي أول طب شرعي د.محمود عبد المجيد الشريدة جاء فيه " أن جثة ولاء مصابة بكدمات على مختلف أنحاء الجسم ,الراس والجبهة والفم ,آثار على العنق ويد مكسورة في طور الشفاء ,وهذه الكدمات والرضوض أحدثت كسور في الإضلاع وهذه الكسور دخلت في تجاويف البطن والصدر والرئة والكبد بشكل كبير والطحال واثار كدمات في منطقة البطن بين الاحشاء احدثت نزف دموي شديد بالتجويف البطني والصدري ,وعلل سبب الوفاة بالنزيف الدموي الشديد جراء الاصابة .

وفي كانون ثاني الماضي من العام الجاري كانت دعاء 20 عاما أول ضحية سجلت كقضية لضرب زوجة تموت من شدة ضربها من قبل الزوج ليتبعها حالات كثيرة وصلت في عام 2008 إلى أكثر من 600 حالة راجعت المركز االوطني للطب الشرعي واحتصلن على تقارير طبية تثبت تعرضهن للضرب.

محكمة الجنايات الكبرى دانت زوج دعاء بتهمة الضرب المفضي إلى الموت والحكم عليه الوضع بالأشغال الشاقة 22 ونصف السنة بعد تشديد المحكمة للعقوبة لاستخدام الزوج العنف الشديد المتثل بضرب المغدورة دعاء بعصا غليظة وحرقها بالسجائر وركلها بقدميه والدوس على رأسها وصدرها وظهرها والقفز عليها حتى أحدث تهتكا بالرئتين ,دفعها بقدمه على شاحط الدرج والنتيجة كسور بالأضلاع ورضوض ودخول بغيبوبة لتتوفى بعد 4 أشهر .

الضرب, تفسير مجتمعي لا يرتقي لفلسفة القرآن

كثيرون يخطؤون حينما يدعون ان الدين الاسلامي اباح ضرب الزوجات من اجل تاديبهن لكن الداعية الاسلاميةومسشتارة العلاقات الزوجية وفاء اسعد تؤكد ان التفسير عند الأشخاص لا يعني ابدا ما نزل به القران فالبشر يفسرون ويقررون بما يناسبهم للاسف ولكن علماء المسلمين يجيزون الضرب الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الضرب للتنبيه وليس ضرب الاذى كما قال لهم الضرب بالسواك فحجم السواك وسمكه لا يؤذي بل ينبه.

وتقول "لا ننكر أن هناك نساء ناشزات لا ينفع معهن التنبيه بالكلام والهجر بالمضاجع لذلك ارى أن الزجر والحزم بالتعامل مع المراة في كثير من الحالات لازم فمن لا تجد البيت والاسرة الواعية للتربية والتوجيه عليها أن تجد الزوج المحب المربي لياخذ يدها للهداية والتوجيه لا للنفور منه والضياع اكثر ... فمسؤولية تاديب المرأة تقع على الرجل بعد أهلها ولو فكرنا جديا بهذا الأمر لوجدنا أن كثير من النساء ينقصهن التوجيه السليم ...

وتشير الداعية "أعرف إمرأة (الان لها شأنها ومكانتها الاجتماعية) كانت تقول لي تزوجت صغيرة ولم أكن أعرف شيئا ولكن زوجي علمني الحياة بحنانه وتنبيهه لي حتى أنه كان يأخذها الى أماكن بائعات الهوى في لندن ويقول لها من تفكر يوما في ان تكون من بنات الشواع فليس لها عندي مكان سوى أن تلقى في الشارع وكانت تردد قول لم أكن أعرف من الحياة شيئا بسبب تفكك اسرتها وطلاق امها المبكر ... اذن لا نتوقع أن المرأة في كل الاحوال بريئة من ايقاع الظلم عليها نعم هناك نساء بريئات وليس لهن ذنب في وقوع الظلم عليهن .

وترى الداعية وفاء ان النساء هن من ساعدن على استمرار الظلم كما في حالة ولاء التي ماتت قبل فترة فمثلا الجهل وعدم معرفة المرأة لحقوقها هو العدو الحقيقي وراء ارتكاب ما حدث لها, ولا يوجد مبرر لجهلها فانتشار العلم بكل الوسائل موجود فالضرب المؤذي جريمة ولا تغتفر برأيي ورأي اي شخص يعرف معنى الانسانية ...

وتقول يعلم أن ليس للزوج أن يعاجل امرأته بالضرب تأديباً لها، وإنما يبدأ بالوعظ أولاً، ثم الهجر، والضرب يأتي في نهاية المطاف مع أن تركه أولى.

وعلى هذا فقد أخطأ الزوج بضربه لزوجه، وإن كان ما فعلته مما جاء في السؤال يعد عصياناً لأمره، فإنه كان عليه أن يتدرج معها على النحو الذي ذكرناه من الوعظ ثم الهجر ثم الضرب، وهو مقتضى قوله تعالى في سورة النساء: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً [النساء:34].

وليعلم أن صفة الضرب المذكور في الآية على نحو ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاضربوهن ضرباً غير مبرح.

وهو جزء من حديث طويل أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه، وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره الجامع لأحكام القرآن: والضرب في هذه الآية هو ضرب الأدب غير المبرح، وهو الذي لا يكسر عظماً ولا يشين جارحة كاللكزة ونحوها، فإن المقصود منه الصلاح لا غير.

وتفسر المحامية مرام المغالسة من اتحاد المراة الاردنية إن ضرب الزوجات يرتبط بذهنية تعتبر الزوجة عنصر تابع وأنها الحلقة الأضعف والأدنى درجة اجتماعيا إلا أن مصلحة الأسرة تقتضي ان تقام العلاقة بين الزوجين على التشاركية التي تعزز المودة والرحمة بين الزوجين الزوجين بشكل خاص وبين أفراد الأسرة بشكل عام .

ولعل توافر النصوص التشريعية المجرمة للزوج المعتدي وتوافر مراكز الشكاوى الرسمية منها و القضائية والامنية في مختلف انحا ء المملكة لا يعني بالضرورة وصول الزوجات اللواتي تعرضن للضرب وصولها للتظلم للقضاء , ولا يعني بالضرورة توقيف العنف وردع المعنف ؛ففي أغلب الأحيان تجد الزوجة نفسها عاجزة عن اللجوء للجهات الرسمية المختصة بسبب ضيق الإختيارات الإجتماعية أمامها وارتفاع التكاليف الإقتصادية مما قد يشكل سببا حقيقيا لاستمرار ظاهرة العنف بمواجهتها ؛ وهنالك من النساء من لا يلجان لتسجيل الشكاوى إلا في حال تكرار الضرب المبرح المفضي للتعطيل أو الإعاقة.

وتقول إن برامج اتحاد المراة الأردنية لا تتعامل مع الضرب كشق منفصل عن العنف الموجه للزوجة بل يتم تحديد معالم العنف وتحديد المشكلة بشقيها الإجتماعي والنفسي للتعرف على الأسباب ويتم طرح الخيارات الإجتماعية والتعريف القانوني للسيدة لحقوقها وطرح الخيارات القانونية والنتائج المحتملة ؛ ويتم متابعتهن من قبل برنامج خط الإرشاد الإجتماعي والنفسي والقانوني بحيث يتم استدعاء الأخصائية الإجتماعية للزوج بشكل ودي ويتم عقد جلسات إرشادية ثنائية و فردية لإيقاف العنف من خلال خلق لغة حوار بين الطرفين مع توفير جلسات الإرشاد النفسي لاحد الطرفين في سبيل تعزيز حياة زوجية سوية، أما بالنسبة للسيدة التي اتخذت قرار برفع الشكوى لدى الجهات الرسمية يتم متابعتها وإرشادها من قبل محامية البرنامج وحتى صدور قرار الحماية الإداري أو قرار الإدانة بحق المعتدي .

وتوضح المحامية المغالسة لقد تم معالجة الضرب في قانون العقوبات الأردني ضمن أحكام الإيذاء ـ الذي يشمل تكييفات لأفعال أوسع من مجرد الضرب ـ وتختلف أحكامه بالنظر لجسامة آثاره على الضحية من الرضوض والجروح و الكسور وتعطيل جزء من الجسم عن الوظيفة كالضرب المتكرر على العين أو الأذن وتعطيل حاسة السمع مثلا أواستئصال عضو كبتر أصابع اليد, وقد يفضي الضرب للموت .

فالإيذاء إذا أدى لمدة تعطيل أقل من عشرين يوماً عوقب الفاعل بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تزيد على خمسة وعشرين ديناراً أو بكلتا هاتين العقوبتين وفقا للمادة (334) , أما الإيذاء المؤدي لتعطيل الضحية عن العمل مدة تزيد على عشرين يوما ً فيعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر وحتى ثلاث سنوات وفقا للمادة (333) من قانون العقوبات الأردني,أما إذا أدى الفعل إلى قطع أواستئصال عضو أو بتر أحد الأطراف أو إلى تعطيلها أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل، أو تسبب في إحداث تشويه جسيم أو أية عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة، عوقب الفاعل بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تزيد على عشر سنوات .إلا أنه للقاضي صلاحية تخفيف العقوبة بناء على الظروف المحيطة بالإعتداء لتصل لحبس أسبوع مع امكانية استبدال الحبس بالغرامة ؛ وفي التطبيقات القضائية قد تعتبر الرابطة الزوجية بين الطرفين في قضايا الإيذاء مدعاة لتخفيف العقوبة وفقا لتقدير القاضي مما لا يشكل رادعا حقيقيا للعنف الأسري .

وتؤكد المحامية المغالسة على حصول الزوج على قرار بالبراءة او عدم المسؤولية في كثير من الأحيان لعدم استطاعت الزوجة إثبات دعواها خاصة إن حصلت الزوجة على تقرير طبي بعدم حصول كسور او رضوض أو حتى بعدم حصول تعطيل خاصة أن ضرب الزوجة غالبا ما يحدث بدون حضور الشهود لخصوصية الحياة الزوجية ،مما يشكل سببا لتمادي الأزواج لعدم تحقق الملاحقة الجزائية .

وتقول مغالسة إن التشريع الأردني بحاجة لدمج تنويع عقابي بحيث يتم النص على عقوبات وتدابير تتسم بالمرونة بحيث يتم ملاحقة أعمال العنف مهما قلت درجتها بحيث يعكس على الذهنية المتقبلة للعنف في مجتمعنا المجازاة القانونية ويشكل رادعا للعنف الأسري .

وتشير الى القانون علق الحماية من العنف الأسري ملاحقة الجاني على الشكوى المقدمة من قبل المتضرر مما يجعل الضحية تسكت عن المطالبة بحقها خوفا من خسارة أكبر، والأفضل أن يعاد النظر بحيث يتم تحريك قضايا العنف الأسري من قبل لجان أسرة مختصة بعلم الإجتماع والعقاب بحيث نخرج الضحية من دائرة الإحساس بالذنب أو التأنيب من قبل المعنف .

د شتيوي الزوج المعنف الأول للمرأة

كما كشف أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية د. موسى شتيوي بأن الزوج هو المعنف رقم واحد وفق دراسة أجراها المركز الأردني للبحوث الاجتماعية, وإلى جانب الزوج تظهر الأرقام بأن انخفاض الدخل يرتبط بعلاقة طردية مع تزايد العنف.

وحسب د شتيوي يشكل الزوج والفقر أبرز المتهمين في موضوع العنف ضد المرأة فالغالبية العظمى من صاحبات شكاوى العنف المختلفة (الجسدي والاقتصادي واللفظي والنفسي) في مكتب شكاوى المرأة تعود لسيدات متزوجات وأعلاها كان العنف الجسدي بنسبة 5.86% بين المتزوجات تليها العزباوات بنسبة 9.5% ومن ثم المطلقات والأرامل بنسبة 1.2%. يليه العنف الاقتصادي في المرتبة الثانية فيبلغ 72%.

وبنسبة متقاربة يأتي العنف اللفظي والنفسي بنسبة 64%. كما تشير النتائج إلى 83% من المشتكى عليهم هم الأزواج, وهذه الأرقام إلى جانب ما صدر عن إتحاد المرأة الأردنية من أرقام للعنف في العام 2008 والتي تفيد بأن المعنّف بالدرجة الأولى ضمن الشكاوى السابقة كان هو الزوج إذ بلغت الحالات المشتكية على الزوج 1116 حالة, يليه الأب ( 250 حالة), ثم الأخ (148 حالة) والابن ( 144 حالة), وفي مرتبة متأخرة تأتي الأم (20 حالة) والأخت (15 حالة). كما تشير الأرقام إلى لجوء 1260 امرأة متزوجة إلى بيت الضيافة في إتحاد المرأة في مقابل 433 عزباء, وتلتقي هذه الأرقام مع دراسة مسحية أجراها المركز الأردني للبحوث الاجتماعية والتي تؤكد أن الزوج هو المعنف رقم واحد في المجتمع.

ويقول د شتيوي بدراسته " في محاولة لرصد الأسباب عبر الأرقام الواردة من مكتب شكاوى المرأة, فإن النظر خلف أن واحداً من كل ثلاثة من المشتكى عليهم (الأزواج) لديه أكثر من زوجة, يمكنه تحليل نظرة الرجل الذي يقبل على الزواج الثاني للمرأة وإحساسه بعدم انسانيتها, الأمر الذي يسوغ له تعنيفها".

ولا يعد كون أن أكثر من نصف المشتكيات يسكن العاصمة دليلاً على أن العنف متفشي في العاصمة بقدر ما يعكس ذلك مقدار الوعي لدى المرأة في العاصمة والمحافظات الكبيرة, فكثير من أرقام العنف لا بد من قراءة الأسباب الكامنة في كواليس الرقم وليس مجرد الوقوف على ظاهرها.

ويظهر ذلك جلياً عند متابعة التحصيل العلمي للمشتكيات فنجد أن نسبة المشتكيات والحاصلات على التعليم الابتدائي لا تتجاوز 11% في حين أن النسبة الأكبر تتوزع على الحاصلات على الثانوية العامة والشهادة الجامعية, الأمر الذي يعكس الحاجة للوعي من ثم إلى تقديم شكوى على المعنّف أيا كان, وهذا ما ينقص المرأة في المحافظات والنساء غير المتعلمات.

وليس من المستغرب أن تتعرض المطلقات والأرامل لنسبة أعلى في العنف الجنسي إذ بلغت 4.44% في حين تبعتها في النسبة العزباوات 3.33%, وأخيراً كانت نسبة النساء المتزوجات اللائي يتعرضن للعنف الجنسي 2.22%, ليكون العنف الجنسي أقل أنواع العنف التي تمارس على المرأة المتزوجة.

ويدلل على ما سبق د. شتيوي قائلاً بأن نمو المفاهيم يدفع المرأة لاعتبار ما كان مسوغاً في السابق على أنه جريمة في حقها, ويتمثل لذلك بأنه في المسح الذي قام به المركز الأردني للبحوث الاجتماعية عام 2007 لم تكن تعتبر المرأة أن ارغام زوجها لها على تأدية واجباتها الزوجية أنه اعتداء جنسي عليها, في حين أن حالات اشتكت على الزوج واعتبرت ذلك من قبيل الاعتداء الجنسي, الأمر الذي يشير إلى أن زيادة الشكاوى دليل على زيادة الوعي وليس زيادة العنف وحسب.

كما يبدو أن هاجس الخوف من تقديم الشكوى يتملك المرأة عند تعرضها للعنف, ويمكن أن يكون تقرير مكتب شكاوى المرأة دليلاً على ذلك عندما نجد ان عدد الشكاوى الواردة عن طريق الخط الساخن بلغت ضعف الشكاوى التي تتم عن طريق المقابلة. اذا وصل للخط الساخن 311 شكوى مقابل 162شكوى عبر المقابلة.

اتحاد المراة الاردنية

في عام 2008 سجل اتحاد المراة الاردنية مراجعة 2988 سيدة فيما لجات 1260 امرأة متزوجة إلى بيت الضيافة في مقابل 433 عزباء, كما تبلغ حالات العنف اللفظي والمعنوي 1850حالة يليها العنف الجسدي 1600 حالة ثم الاقتصادي 930 حالة, وأخيراً العنف الجنسي 360 حالة.

واللافت أن المعنّف بالدرجة الأولى ضمن الشكاوى السابقة كان هو الزوج إذ بلغت الحالات المشتكية على الزوج 1116 حالة, يليه الأب (250حالة), ثم الأخ (148 حالة) والابن (144حالة), وفي مرتبة متأخرة تأتي الأم (20 حالة) والأخت (15 حالة).

وتشير الدراسات الميدانية الى ارتفاع عدد النساء المبلغات عن الاساءة في المرحلة العمرية 26-35 سنة إذ بلغ عدد الحالات ,940 وهو رقم يفوق أرقام الحالات الأخرى الأمر الذي يدعو إلى التساؤل عما إذا كان النضج أو الرغبة في التغيير أو التمرد هم خلف هذا الرقم, لأن هذا الرقم ينخفض إلى النصف في المرحلة العمرية 36 - ,45 وينخفض بنسبة الضعف كلما زاد العمر عن 45 عاماً أو أقل عن 25 عاما.

ومن اتحاد المراة الاردنية خرجنا بقصة ..اكتفت بالتعريف عن نفسها باول حرف منه (ع) وهي عراقية كانت تحيا قبل حرب الخليج الثانية في الكويت وتعمل موظفة في مكتب طيران الكويت في قسم المعلومات, مكنت الظروف الصعبة وغياب الأوراق الثبوتية جارتها من استدراجها للعمل مربية للأطفال في بادىء الأمر ومن ثم بدأت ترهقها بأعمال المنزل, وكلما شكت كانت تهددها بالترحيل خارج الأردن.

ولم تشفع لها سنوات العمل العشر لديهم فكانت تتعرض للضرب والايذاء, كل ذلك مقابل 50 دينارا شهريا.

وتقول (ع) المقيمة منذ ثلاث سنوات في دار ضيافة النساء التابعة للاتحاد والعاملة في مطبخ اتحاد المرأة "لم يكن المأوى وفرصة العمل هما الحل الوحيد لمشكلتي لكن ما عشته في تلك السنوات سرب الضعف إلى نفسي, الأمر الذي تطلب جلسات نفسية عديدة لأستعيد الثقة بنفسي".0

لا تقف مشكلة العنف الأسري الموجه ضد النساء عند حدود الأزواج، فالزوجات أيضاً يشجعن أزواجهنّ على ضربهن، حسبما أكدت 19% من النساء في الأردن خلال مسح السكان والصحة الأسرية الذي اجرته دائرة الإحصاءات في عام 2007 وبين أن 20% من النساء المتزوجات يعانين من العنف الأسري كما وافقت 19% من النساء بان للرجل الحق أن يعاقب زوجته".

كما تؤيد نسبة كبيرة من النساء الأردنيات ضرب الرجال لزوجاتهم، وذلك بحسبما أظهر مسح أجراه المجلس الوطني لشؤون الأسرة عام 2005 مبينا الحالات التي قدمتها النساء كمبررات للضرب وتفاوتت الحالات بين مخالفتها لأوامره أو غياب الزوجة من المنزل أو حرق الطعام أو الدخول في نقاش مع الزوج أو عدم احترام لأي فرد من أفراد عائلة الزوج.

وأظهرت نتائج المجلس الوطني لشؤون الاسرة أن 87% من النساء تؤيد ضرب الرجل لزوجته في أي من الحالات السابقة وقد أيدت 83% من النساء حق الرجل في ضرب زوجته في حال قامت بأي عمل يدل علي خيانة الزوج. كما أيدت 60% من النساء ضرب الرجل لزوجته إذا ما قامت بحرق الطعام و52% من النساء أيدن ضرب الرجل لزوجته إذا لم تنصع لأوامره.

كنا وما زلنا نحاول تلافى ضرب الأزواج لزوجاتهم وتخفيض وتيرة العنف الأسرى على وجه العموم أملا فى تخفيف حدة التوتر الإجتماعى وصولا إلى عالم أكثر سلاما وأمانا وبعبدا عن ممارسات " سى السيد "في بيوت كثير من المتزوجات والضغط عليهن للتانازل عن حقوقهن عند التقاضي وصولا لتلافي التاثيرات السلبية الناتجة عن ضرب الامهات امام أبنائهن.

فالابحاث العلمية تؤكد ان الأبناء يتأثرون بعنف والديهم منذ المرحلة الجنينية، حيث أن الضرب بينهما أمر ضار ومؤلم جدا للأطفال.. ففي الفترة التي يستقبل الطفل العالم وينفتح عليه تقف مثل هذه الممارسات كعائق نفسي أمامه يمنعه عن التواصل بشكل متوافق مع العالم المحيط حيث يعاني هؤلاء الأطفال من مشاكل مثل قضم الأظافر او التبول اللاارادي او العنف والعدوانية الزائدة وتكون تلك المشاكل هي أعراض المشكلة الحقيقية التي يعانونها في المنزل مع والديهم .

وتشيرهذه الدراسات النفسية العالمية الى ما يترتب عن ضرب الامهات امام الابناء من اثار نفسية متعددة مثل الخوف والقلق والتوتر الدائم والانطوائيه او العدوانية تبعا لاستعداد الابن .

و آثار فيزيولوجية وهي مترتبة على السبب الأول مثل التبول اللاارادي ..التأتأه .. ضعف التحصيل الدراسي واحيانا الفشل .

كما يترتب كراهية الأبناء للأب أحيانا وتمني اختفائه بالموت او الطلاق. عدم احترام الأم خاصة اذا كانت تتلقى الضرب باستمرار .

وكذلك استعداد الأبناء للانحراف الجنسي نتيجة الضغوط الجنسية وخاصه عند الفتاه لان تصبح مسترجله حتى تهزم الرجال والعكس عند الولد ما قد يجعله يتماهى في شخصية الأم رغبة لا شعورية منه في نصرتها , تخلف الأبناء عاطفيا فيرفضون الأبناء في المستقبل او يكررون نفس سلوكيات الآباء في حياتهم الجديدة.